سأصبحُ طبيبًا مثلكَ

تاريخ النشر: 29/01/21 | 14:25

قصّة للأطفال من وحي الكورونا : زهير دعيم
ترك راضي الصغير كتابه من يده ، وهو يتذمّر بمرارة قائلًا :
أفٍّ … لقد مللْتُ وتعبْتُ من الكورونا ومن البقاء في البيت، الى متى سنبقى هكذا ؟!
وراح يصرخُ وينادي:
ماما ، ماما أنا ” زهقان” أنا تَعِبٌ ، تعالي العبي معي.
وتضحك الأمّ من بعيدٍ : حالًا يا صغيري ، حالما أنتهي من إعداد الطّعام.
ويتذمّر راضي من جديد ، وتكاد الدّموع تطفر من عينيه .
وراضي طفل جميل في الثامنة من عمره ، وحيد والديْه ، خلوق ومؤدّب ونشيط في دروسه ، تعمل أمّه معلّمة في المدرسة التي يدرسُ بها ، ويعمل أبوه طبيبًا في المشفى القريب من بلدته.
وكثيرًا ما أعجب راضي بمهنة أبيه قائلًا : أريد أن أصبحَ طبيبًا مثلك يا أبي !
فيضحك الأب : أنصحك يا صغيري أن تفتّش عن مهنة أخرى ، فمهنة الطبّ جميلة ، ولكنها شاقّة وصعبة.
وعاد راضي ينادي أمّه من جديد : ماما ماما تعالي … لقد مللت ، الى متى سيبقى هذا الحَجْر وهذه العُزلة ؟!!..
ويأتي صوت الأمّ من المطبخ قائلًا : عشر دقائق يا صغيري وأشاركك كما في كلّ يوم الألعاب والفعاليّات.
ويتضايق راضي وهو يتذكّر أقوال أصدقائه من خلال الهاتف ، فهذا يلعب مع أبيه كرة القدم ، وذاك يحضر معه مُسلسلًا جميلًا وآخَر…. إلّا هو فمنذ أيامٍ عدّة لم يرَ أباه ، وكيف يراه وهو يعمل في المشفى ، حيث اضطرته الظروف والكورونا أن يغيب عن البيت.
أخذَ راضي يلوم في نفسه أباه ومهنته وتقصيره ويقول : لا… لن أصبح طبيبًا ، فهي مهنة غير مُحبّبة وشاقّة.
وعاد راضي يصرخ من جديد :
ماما… ماما …
وجاءت الأم على عَجَل وعانقته بحرارة معتذرة : أعذرني يا حبيبي ، فقد انتهيت الآن من اعداد المُحمّر الذي تحبّه ، وسنأكله ساخنًا مع الحساء أنا وأنت وأبوك، الذي سيصل من المشفى في كلّ لحظة.
وما أن سمع كلمة ” والدكَ ” حتى هزّ رأسه بحزنٍ ممزوجٍ بالشّوقِ والفرح.
قام راضي الى الشّرفة منتظرًا أباه ، فإذا به ينزل من السيّارة والتصفيق الحارّ يملأ الحارة ، فرفع راضي رأسه الى فوق فإذا بالحارة كلّها تقف على الشرفات تحيّي وتصفّق لأبيه تصفيقًا حارًا وهو يلوّح لهم شاكرًا.
وصفّق راضي بحرارة ، واغرورقت عيناه بالدموع وهو يهرول نازلًا الدرجات مرحّبًا بأبيه : بابا ، بابا .. أنا فخور بك .. أنا فخور بكَ .. أريد أن أصبح طبيبًا مثلك..
وابتسم الاب ابتسامةً كبيرةً ملأى بالحبِّ والحنان.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة