رفقاً بالقوارير!

“عنوان بالخط العريض”، على الصفحة الرئيسية من موقع بقجة، اثار غضبي وغضب كل حريص/ة في بلدنا الحبيب
كفر قرع على سمعة بناتنا وابناءنا، وكلنا قرأنا المضمون ولكن ما الحل لهذه الظاهرة التي تفشّت ومن المسؤول عن كل هذا؟
اظن ان هناك الكثير من يقول : انا الحمد لله كل شيء في بيتي على ما يرام ، ولا يعنيني ولا اتحمل مسؤولية الاهالي الذين قصّروا في تربية ابناءهم!!
علينا ان لا ننصّل انفسنا من المسؤولية ونقول اللهم نفسي…لنتق الله في ابناءنا نحن الاباء والامهات..نحن المعلمون  والمعلمات، المؤسسات التربوية، كلنا لنا دور في التربية.
للآباء والامهات اقول :  من سمات البنات أنهن ضعيفات وعاطفيات يبحثن دائما عن الأمان وأول من تنشد البنت عنده الأمان هو الأب وأول مكان تأوي إليه البنت عند شعورها بالخوف في أي مرحلة من مراحل حياتها هو بيت أبيها ولهذا لابد للأب أن يوفر الأمان النفسي لابنته قبل الأمان المادي وحينما يقصّر في ذلك وتشعر البنت أنها قد افتقدت الأمان عند أبيها وفي بيت أسرتها ستطلب الأمان خارجه وقد تتلقفها الأيدي الكاذبة الخادعة الماكرة ذات المنطق المعسول وما أكثرها , وحينها لا يلومن الأب إلا نفسه بعد فوات الأوان لأنه هو الذي دفع ابنته للانحراف بسبب سلوكه.
– في فترة المراهقة على الاباء ان يتقّربوا اكثر من ابناءهم وبناتهم لأنه تحدث تغيرات جسمانية ونفسية معلومة للكثير في حياة المراهقين , فبعض الآباء يهتم في تلك الفترة ويتقربون لأبنائهم ويراقبونهم بالإرشاد والتفهم بشكل دائم والتحدث والاستماع إليهم, وخاصة البنت المراهقة ترى أول رجل تقع عليه عيناها هو أبوها الذي يختزل في نظرها كل الرجال وعليه تبني مقياسها للحكم على الرجال في باقي حياتها , فإن كان أبا متفهما لدوره التربوي مقّدرا لمشاعرها ازداد إعجابها بأبيها وصار مثلا لها ومعيارا لتقييم الرجال , ولا تسقط بسرعة.
وفي المقابل فالأب القاسي أو المتسلط أو المشغول الذي لا يعلم عن أهله شيئا يفقد القدرة على التأثير على ابنته المراهقة وربما تبحث في الفراغ الذي خلفه عمن يملأه بدلا منه وحينها يكمن الشر والضرر، لأنها بحثت عن الحنان والدفء ولم تجده في البيت.
– تحتاج البنت المراهقة بوجه عام إلى سماع كلمات الرفق والتقدير وتحتاج للّمسة الحانية وتعتبر البنت أباها كرجل من ذلك الطرف , فان استطاع الأب أن يقدم لابنته ذلك الشعور بعطفه وحنانه الأبوي أقام عندها خطا للدفاع قويا لا يجعلها هشة إن سمعت كلاما معسولا أو لُوح لها بلمسة حانية أو نظرة إعجاب , وقد يتعجب البعض من هذا الطرح ولكن ما وجدت في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم في تعامله مع بناته يؤكد ذلك فقد كان يعظم شأن بناته ويشعرهن بوافر حبه ورحمته بهن , فتوضح ذلك أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها فتقول: ما رأيت أحداً كان أشبه سمتاً وهدياً ودلالاً برسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ من فاطمة, كانت إذا دخلت عليه قام إليها فأخذ بيدها وقبَّلها وأجلسها في مجلسه, وكان إذا دخل عليها قامت إليه فأخذت بيده فقبَّلته وأجلسته في مجلسها. (رواه أبو داود والترمذي)
إن هذا التصرف من الأب الحنون تجاه ابنته ضد الخطر الداهم من كل شيطان يلتف حولها أو يحاول إغواءها بنظرة ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب أو كلمة بّراقة تخطف الأبصار أو اهتمام زائف يلغي العقول.
إن مسئوليتكم – أيها الآباء – عظيمة نحو بناتكم فهن أمانة بين أيديكم , فكم من صالحة أنشأت جيلا عظيما كانت نتاج تربية صالحة من أبيها وأمها , وكم من منحرفة أفسدت أمة بأسرها كانت نتاجا لأب ظن أنه بالمال والطعام والشراب قد أدى كل ما عليه نحو بناته.
الى جميع الاهالي والمسؤولين والى جميع الشباب الذين باعوا ضمائرهم اقول: “رفقا بالقوارير”، لينظر كل شاب الى البنت على انها ثمينة وليحرص عليها كما يحرص على اخته.
والى جميع البنات ان ينتبهن اكثر ويضعنّ مخافة الله قبل كل تصرف .
ولنتذكّر انه من ستر عبدا في الدنيا ، ستره الله بالدنيا والاخرة ، وعلينا ان لا نخوض بالحديث بأعراض الناس ولنقل خيرا او لنسكت، قال الله تعالى في كتابه العزيز “إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (سورة النور، 19).
بقلم: كرام ابو عطا-مديرة المكتبة العامة