حساسية الربيع غير خطرة لكنها مزعجة ويمكن التخفيف من حدتها
تاريخ النشر: 15/04/14 | 11:00س: في الآونة الأخيرة أستيقظ صباحا مع سلسلة عطسات متتالية وأقف أمام المرآة في المراحيض فألاحظ احمرارا في العينين، وهذا الوضع قد يتكرر ويقلق راحتي حتى في الجزء الأكبر من ساعات النهار. وأنا أتذكر منذ صغري أن في هذه الحالات يقولون إنها مجرد حساسية! حقا يا بروفيسور الياس طوبي، بصفتك أخصائي أمراض جهاز المناعة والحساسية، في مستشفى “بني تسيون” بحيفا، ما هي هذه الحساسية؟
بروفيسور الياس طوبي: أولا الحساسية هي عبارة عن انفعال في جهاز المناعة يسبب افراز مواد مثل “الهيستامين”، وإفراز هذه المادة هو ما يؤدي لظهور هذا الأعراض التي ذكرتها أنت، وهي الحكة الحادة وذرف الدمع من العيون واحمرارها، بعد سلسلة عطاس متتالية وسعال متواصل، أو ما نسميه “الربو” أو “الأزمة”. وجود هذه العلامات والأعراض يسهل علينا تشخيص الحساسية، وليس الالتهابات.
س: هل هناك أنواع من الحساسية مزمنة مثلا أو موسمية؟
د. طوبي: نعم الحساسية تقسم الى حساسية مزمنة قد تستمر على مدار السنة، أو حساسية فصلية وهي حساسية الربيع التي نحن في صدد الحديث عنها، ففي حالات الحساسية المزمنة تكون الحساسية متعلقة ببعض من المواد مثل حساسية الغبار، الرطوبة، تقلبات الطقس، وغيرها، بينما الحساسية الموسمية تحدث فقط في الربيع. وأحيانا تكون الحساسية مزمنة ولكنها تتفاقم في الربيع بسبب حساسية الجسم لنوار الربيع وأشجار الزيتون والسرو والأعشاب البرية.
س: هل القول بأنها “مجرد حساسية” يعني أنها لا تحتاج الى علاج؟
د. طوبي: خطأ كبير أن نعتقد بأن الحساسية هي “لا شيء” وأنها لا تستدعي العلاج، صحيح أنها لا تحمل مخاطر أو أضرار للجسم، ولكن الحساسية مثل سواها من الأمراض التي تؤدي الى هبوط وتدهور في جودة حياة الانسان وتعكر سير حياته وأداء وظيفته وواجبه على أكمل وجه، وهذا أمر هام جدا، لذلك فإنه من الخطأ تجاهل الحساسية، لأنها تسبب له الضيق والحرج أحيانا فقد ينتابه العطاس وهو يجلس بين الناس، ويكثر من ذرف المخاط والدمع وهو أمر غير مريح ويعكر جودة الحياة.
س: ما العمل؟
يجب التوجه الى اخصائي في عيادة الحساسية، وأن نسأل ونستفسر عما يمكن فعله من أجل التخفيف من حدة الحساسية، وتحسين جودة حياة الانسان بشكل واضح.
س: لا بد أن كل من يعاني من الحساسية هو يعرف نفسه، فهل ينتظر الأعراض والحساسية أم أن هناك علاجات وقائية؟ وهل الحساسية سترافق صاحبها مدى الحياة؟
د. طوبي: هنا أنت تطرح سؤال شامل يمكن الاجابة عليه بأكثر من طريقة.. أولا الانسان يطلب حلولا غير موجودة، وهي هل يمكن تلقي علاج للشفاء من الحساسية؟ في هذه الحالة أنا أقول أن الطب لا يعرف مرضا له علاج نهائي يشفى منه المريض سوى تدخل الجراحة. فالانسان عندما يعاني من اعراض الزائدة الدودية أو كيس المرارة فإن استئصال هذه الأمراض بالجراحة كفيل بالشفاء التام، أما في الأمراض المزمنة مثل ضغط الدم المرتفع والسكري ومشاكل القلب والرئتين هذه الأمراض ليس لها علاج نهائي يقضي عليها بشكل كلي، وكل العلاجات التي يتلقاها المريض بشكل متواصل تكون لوقف تفاقم المرض او التخفيف منه، وكذلك هو الأمر بالنسبة للحساسية، فهي مرض مزمن يتطور عند الانسان نتيجة عوامل وراثية وحالما تبدأ معاناة المريض من الأعراض التي ذكرناها نعرف أن المرض مزمن وموجود منذ سنوات، ولكن للحساسية امتياز عن بقية الأمراض المزمنة هو امكانية زوال هذه الحساسية مع التقدم في العمر، وتخف أعراضها مع اقتراب الشخص من سن الخمسين عاما وما فوق وقد تزول كليا.
س: ما هي أنواع العلاجات التي تخفف من الحساسية؟
هنالك العديد من العلاجات سهلة الاستعمال التي عندما نتناولها بالشكل الصحيح ونحرص على تعاطيها بتواصل، تحسن جدا من جودة حياة الانسان وتخفف من اعراض الحساسية بشكل واضح،
س: لماذا في هذه الفترة بالذات في الربيع؟
د. طوبي: كما ذكرت في بداية حديثي، جهاز المناعة لدى العديد من الناس يستجيب لعدة عوامل تؤثر عليه. العامل الأول هو الغبار والرطوبة وتقلبات الطقس، والعامل الثاني الشائع هو انتشار لقاح ازهار الربيع في الجو، مثل نوار الزيتون والسرو، ولدى بعض الناس هذا اللقاح يهيج جهاز المناعة ويجعل علامات الحساسية تظهر.
س: أية أنواع من العلاجات ينصح بتناولها؟ نعرف عن علاج “تيلفاست” من انتاج شركة “سانوفي” للتخفيف من أعراض الحساسية؟
د. طوبي: نعم صحيح هذه العلاجات وأخرى تابعة لعائلة ما نسميه “أنتي هيستامين”، فكما ذكرت لك في السابق أن المواد التي يفرزها جهاز المناعة هي “الهيستامين” وهذه الأدوية هي مضادة للهيستامين، ومنها ما ذكرتها أنت “تيلفاست” وأخرى تخفف من تأثير الهيستامين على الجسم، فضلا عن وجود ادوية موضعية كقطرات في الأنف والعينين أو البخاخ على القصبة الهوائية، كلها ادوية متوفرة ومهم جدا أن يحصل عليها من يعاني من الحساسية.
س: كيف نميز بين الحساسية وأمراض أشد خطورة وأشد فتكا، وأن لا نسلّم بالقول أنها مجرد حساسية؟
د. طوبي: أن من يعاني من التهاب الرشح أو الالتهاب الفيروسي، عادة ما تكون لأيام معدودة، (3 – 4 أيام) ثم يزول عنه المرض، ولكن بالمقابل فأن الحساسية لا تزول بعد ثلاثة ايام فضلا عن أن اعراض الحساسية تمتاز بأعراض واضحة كتلك التي ذكرناها، الكثير من العطاس، الحكة، احمرار العينين وذرف الدموع.
وأخيرا يختم بروفيسور الياس طوبي بالتأكيد على أنه من الخطأ أن يعتقد الانسان بأن الحساسية لا تحتاج الى علاج، على الرغم من أنها لا تحمل مخاطر او أضرارا مستقبلية، ولكن من أجل راحته وجودة حياته هنالك ما يخفف ويقلل أعراض ومتاعب الحساسية المزعجة والعلاجات بسيطة ومتوفرة.