فرحات عباس كما يراه مالك بن نبي – معمر حبار
تاريخ النشر: 05/09/19 | 9:37أوّلا المقدّمة: بحثت عبر الكتب الأربعة:
Malek BENNABI “mémoires d’un témoin du siècle : l’enfant. L’étudiant. l’écrivain. les carnets ” Samar 2ème édition, 2006, Alger, Algérie, Contient 660 pages.
لأقف على موقف مالك بن نبي من فرحات عباس صاحب العبارة المشؤومة “أنا فرنسا” فكانت الخطوات التّالية:
1. بعدما أنهيت قراءة الكتب الأربعة المذكورة اتّجهت بعدها لبعض كتب مالك بن نبي التي تضم فهرس الأعلام لأقف على اسم فرحات عباس وأدعم به المقال فلم أجد أثرا لاسمه.
2. بين مالك بن نبي الذي ولد سنة 1905 وفرحات عباس الذي ولد سنة 1899 فارق 6 سنوات فقط أي من حيث العمر يعتبران أتراب ومن نفس العمر باعتبار الفرق قليل جدّا.
3. قمت بترجمة المقاطع المعنية وهي ترجمة لي باعتبار الكتاب لم يترجم لحدّ الآن.
4. لم أقف لحدّ الآن على موقف فرحات عباس من مالك بن نبي.
5. تحدّث مالك بن نبي أنّ فرحات عباس يريد لقاءه والتحدّث إليه لكن لم يذكر هل تمّ اللّقاء أم لا؟ ولا يبدو – في حدود قراءتي – أنّه تمّ.
6. بعد كلّ انتهاء من ترجمتي للمقطع المعني أردفت الترجمة بعبارة: “أضيف” حتّى يتمّ التّمييز بوضوح بين النصّ المترجم من طرفنا وبين تدخلي الشخص وفهمي للنص المترجم.
7. رغم اختلاف مالك بن نبي مع فرحات عباس صاحب العبارة المشؤومة “أنا فرنسا” اختلافا جذريا في مواقفه السياسية تجاه الاستدمار الفرنسي ومدحه للمجرم ديغول بتاريخ: 1958.05.23 واعتباره مثالا للجزائر إلاّ أنّ مالك بن نبي ظلّ يناديه بـ: السيد فرحات عباس.
8. يذكر مالك بن نبي رحمة الله عليه نقده تجاه فرحات عباس بوضوح وجلاء وقناعة وثبات وعبر سنوات ودون تردد.
9. يتحدّث مالك بن نبي عن فرحات من زوايا أخرى كأن يقول عنه بصيغة الغائب: هذا زميل فرحات عباس، هذا هو الحزب الذي ينتمي إليه عباس، وغير ذلك من العبارات المشابهة حين لا يجد – في تقديري – الصيغة المباشرة أو لا يقف على الموقف الدال على الخطاب المباشر.
10. بعد مرور 30 سنة يلتقي مالك بن نبي بالعمودي صاحب جريدة “الدفاع” وهو أحد أعضاء الجمعية فيعاتبه بشدّة قائلا: لماذا منعت مقالي من النشر عبر جريدتك والذي أردّ فيه على فرحات عباس حين كتب “أنا فرنسا” مايدل على أنّ مالك بن نبي لم ينسى الواقعة ولا صاحب الواقعة ولا من منع مقاله الذي يرسم الواقعة.
11. دراسة الشخصية من زاوية واحدة إن لم تكن مجحفة فهي مبتورة غير صالحة ومالك بن نبي رحمة الله عليه تعامل مع فرحات من عدّة زوايا وعبر أزمنة مختلفة وفي داخل الجزائر وخارجها وضمن حالات متعدّدة ومن خلال الحاضر والغائب ومن مشاهدته الشخصية المباشرة وشهادات غيره.
12. بنى مالك بن نبي موقفه من فرحات عباس على جملة من المواقف والأحداث الشخصية والسياسية.
13. مالك بن نبي يعرف فرحات عباس حقّ المعرفة ومنذ كان طالبا.
14. حين يتحدّث مالك عن زعماء الجزائر ومنهم فرحات عباس يستعمل كلمة الزعماء والزعيم بين شولتين هكذا: “الزعماء” و “الزعيم” ما يعني أنّ مالك بن نبي لا يعترف بفرحات عباس على أنّه زعيم ونفس الشيء ينطبق على كافّة الزعماء يومها ويصف فرحات عباس بقوله ودائما بين شولتين بـ “المناضل الكبير” و “المناضل الجزائري الكبير” كدلالة على أنّه لا يعترف به على أنّه مناضل.
15. يرى مالك بن نبي أنّ موقف عبد الحميد بن باديس كان ليّنا وغير كافي تجاه فرحات عباس بعد نشر مقاله بعنوان: “أنا فرنسا” لذلك تكفّل شخصيا بالردّ على فرحات عباس.
16. بقي موقف مالك بن نبي من فرحات عباس طيلة حياته لم يتغيّر وعن تجربة ودراية ومعرفة عن قرب وطوال سنوات.
17. يستعمل مالك بن نبي قيادة الثورة الجزائرية بين شولتين هكذا “قيادة الثورة الجزائرية…” وهو بهذا يعاتبهم وينتقدهم ولا يعترف بقيادته ومنهم فرحات عباس.
أوّلا مذكرات الطفل: 1905-1930- صفحات: 43- 149
18. يصف مالك بن نبي فرحات عباس في صفحة 68 بقوله: يعتبر فرحات عباس من الجماعة التي استفادت بسبب ثراء والديها أو الظروف التي وضعتها الإدارة الاستدمارية كما هو الشأن لدى فرحات عباس. ( أقول: فرحات عباس لدى مالك بن نبي صنيعة الاستدمار الفرنسي فلا عجب إذن أن يقول “أنا فرنسا” ).
ثانيا: الطالب : 1930-1939- صفحات: 151- 290
19. تحدّث مالك بن نبي في صفحة 174 عن محاضرة زميله حمودة بن ساعي بعنوان: “لماذا نحن مسلمون؟” فلقي معارضة شديدة من طرف جماعة “العقلانيين” قائلين له: لماذا تعود بنا إلى الماضي المستقبل هو الذي يهمنا ثمّ عقّب مالك بن نبي قائلا: “قالها فرحات عباس بوضوح سنة 1936” (أضيف: تنكّر فرحات عباس لماضيه منذ مدّة طويلة. ومالك بن نبي في هذه الحادثة بقدر مايدافع عن صديقه حمودة بن ساعي فإنّه ينتقد وبقوّة فرحات عباس).
20. تحدّث في صفحة 190عن: “زميله حمودة بن ساعي الذي ألقى محاضرته في الثلاثينات باللّغة العربية واعتبر الحدث منعرجا حاسما مايدل على أنّ الجيل الشاب من الطلبة أصبح يتحدّث باللّغة العربية بينما الجيل الذي سبقهم تنكّر للغة العربية. ثمّ أضاف مالك بن نبي: “وكان على فرحات عباس أن ينتظر الحملة الانتخابية – بعد 1945- ليتحدّث أخيرا للشعب الجزائري بلغته” (أضيف: اللّغة العربية لدى فرحات عباس هي وسيلة يدغدغ بها المشاعر ويضحك عبرها على الجزائريين لأجل الكرسي والحملات الانتخابية ).
21. بعدما تحدّث عن صعود الوطنية في ألمانيا وكيف أنّ هتلر اعتلى سدّة الحكم بتاريخ 30 جانفي 1933 قال معقّبا في صفحة 196: ” في الجزائر، يوجد وجه آخر للوطنية بدأ يتشكّل. بن جلول وفرحات عباس يشيّدان في قسنطينة “فدرالية الناخبين” الوطنية الجزائرية تأخذ إذن ماقبل تشكيلها التاريخي بجناح عمالي مستعد أن يتحوّل إلى بورجوازية في باريس ومتعاون مع قسم من اليسار الفرنسي، وجناح بورجوازي مستعد أن يتعاون مع الاستدمار” (أضيف: الوطنية التي يريد فرحات عباس أن يتزعمها هي في الحقيقة الوجه الآخر للاستدمار الفرنسي لأنّ فرحات لايهمه غير الضحك على الجزائريين عبر الانتخابات التي تشرف عليها فرنسا وتكرّس بواسطتها للاستدمار).
22. قال مالك بن نبي في صفحتي 248-249: فرحات عباس ينشر مقاله بعنوان: “أنا فرنسا”. “وأعترف أنّي لم أتلقى مثل هذه الصدمة منذ 5 سنوات. ابن باديس يرد على “الزعيم” في “الشهاب”. حمودة وأنا اعتبرنا أنّ ردّ ابن باديس غير كاف وتكفّلت بكتابة مقال شديد اللّهجة. لأوّل مرّة في حياتي أقوم بولادة فكرية لأنّ ولادة مقال كان جديدا بالنسبة لي. وعنوت مقالي بـ “مثقفون أو مثيقفون – Intellectuels ou intellectomanes “. رأيت الخيانة السياسية يتم تحضيرها في الوطن بواسطة عصابة “الفدرالية”. لم أكن أعلم بعد أنّ الصراع هو صراع فكري، وأنّه في الحقيقة لعبة داخلية حيث الاستدمار يظهر أنّه يحارب “أعداء فرنسا” الذين يقومون بتنويم الشعب الجزائري عشية صراع دولي. مقالي لم يكن ليوقظ النائمين، ولا ليزعج المقبلين على النوم. وولدت مقالي في ليلة واحدة حتّى أنّي حين أعدت قراءة المقال على زوجتي نهار الغد ونحن على مائدة الفطور قالت لي: “هذا المقال ليس لك، هذا إلهام !”. أرسلت مقالي للعمودي على أمل أن ينشره وكنت أنتظر نشره بفارغ الصبر في جريدته “الدفاع” لكنّه لم ينشر. لماذا العمودي لم ينشر مقالي؟. (أضيف: يرى مالك بن نبي أنّ من قواعد الصراع الفكري أنّ الاستدمار الفرنسي يتظاهر أنّه يحارب “أعداء فرنسا” وقد كتبها مالك بن نبي بين شولتين أي في الحقيقة هؤلاء هم أحباب فرنسا ويقصد طبعا فرحات عباس وكلّ من وقف ضدّ مالك بن نبي في عدم نشر ردّه على فرحات عباس. واضح جدّا أنّ مقال فرحات عباس والمعنون بـ “أنا فرنسا” ترك صدمة لدى مالك بن نبي وأثّر فيه بشكل كبير إلى درجة كان يتلهف لرؤية مقاله الذي يرد فيه على فرحات عباس والصدمة التي تلقاها مالك بن نبي جرّاء رفض العمودي نشر ردّه لا تقل صدمة عن مقال فرحات عباس بحدّ ذاته. ويتضّح من ردّ ابن باديس اللّطيف على فرحات عباس أنّه خيّب ظنّ مالك بن نبي وزادت في الهوّة بين ابن باديس ومالك بن نبي وبين الجمعية ومالك بن نبي).
23. قال مالك بن نبي عبر صفحتي 251-252: بمجرّد مارأيت “العمودي” صاحب جريدة “الدفاع” يخرج من داخل “الفندق الكبير”. ظهوره أخرج من صدري عدّة انطباعات لي قضية لابد من تصفيتها معه. يا سي العمودي، لم تنس مقالي الذي رفضت نشره وقلت ذلك بنبرة كلّها عتاب. أجاب العمودي: نعم رفضت مقالك الذي تنتقد فيه فرحات عباس وترد فيه على مقاله: “أنا فرنسا” لأنّي لم أكن أريد تحطيم الحياة السياسية لفرحات عباس. (أضيف: مازال مالك بن نبي يستنكر بشدّة على العمودي وهو من رجال الجمعية رفضه نشر مقاله وهو ينتقد العبارة المشؤومة لفرحات عباس “أنا فرنسا” بدليل أنّه اغتنم فرصة وجود “العمودي” وبعد مرور 30 سنة على الحادثة ليؤنّبه ويذكّره بسوء فعله حسب وجهة نظر مالك بن نبي. للتذكير فرحات عباس قال عبارته المشؤومة “أنا فرنسا” سنة 1936 وبن نبي الآن في سنة 1966 أي 30 سنة على مرور الحادثة).
ثالثا الكاتب : 1939-1954- صفحات: 291- 384
24. قال مالك بن نبي في صفحة 305: كان الحزب الفرنسي المحتل PPF سنة 1942 يتمنى من أعضائه من الجزائريين الحلف على القرآن الكريم لكي يكونوا أوفياء لفرنسا والحزب حين زار اثنين من الجزائريين فرنسا وهما: بن جمعة الصديق السّابق لبن جلول وفرحات عباس وكذا الشيخ الزهواني شيخ الزاوية العمارية والآن يلعب دور “رئيس جمعية الزوايا” والحلف كان من اقتراح الشخصيتين باعتبارهما أصدقاء Doriot (أضيف: تعمّد مالك بن نبي عند ذكر الشخصيتين الجزائريتين اللّتين اشترطتا الحلف على المصحف لصالح فرنسا الاستدمارية أن يعلّق قائلا أنّ ” بن جمعة الصديق السّابق لبن جلول وفرحات عباس” مايعني أنّ فرحات عباس له أصحاب من هذا النوع الذي يقسم على المصحف لأجل خدمة الاستدمار الفرنسي وهذا هو محيط فرحات عباس).
25. بعدما تحدّث مالك بن نبي عن سجنه لمدّة أسابيع في صفحة 320 وأنّه لم ينل حريته إنّما هو الآن في حالة إطلاق سراحه مؤقتا. تحدّث بعدها عن أنّ حزب فرحات عباس سيقيم مؤتمره وقال: ” هذا الحزب الصاعد الذي يحتاج إلى دعم كلّ أمواج حزب الشعب PPA، المتحوّل حاليا إلى حزب MTLD، الذي ساد الوطن كلّه”. (أضيف: مالك بن نبي حتّى ولو لم يذكر اسم فرحات عباس فإنّه يذكر عبر حزبه ويكرّر كلّما أتيحت الفرصة أنّ حزب فرحات عباس تبع لشعبية الأحزاب التي سبقته واستغلّ اسمها وكأنّه يريد أن يقول: لولا هذه الأحزاب ما كان لفرحات عباس شخصيا أن يكون له اسم ولا يستطيع أن يكوّن اسمه بمفرده لضعفه واتّكاله على غيره).
26. قال مالك بن نبي في صفحة 348 ” التقيت بفرحات عباس بالصدفة في قسنطينة، وطلبت منه أن يساعدني كلّ شهر. و”المناضل الجزائري الكبير” يعلم جيّدا الجهد الذي بذلته لأطلب منه المساعدة ويعرف أيضا لمن أشكو حالتي، و وعدني بمساعدتي بمجرّد ما يعود من العاصمة… ثلاثة أشهر فيما بعد، أي بعدما ساعدني سي خطاب، فرحات عباس الذي التقيت به بالصدفة في المجلس الجزائري، يتذكّر بالصدفة حديثنا السّابق ويقول لي: فيما يخصّ الذي طلبته مني في قسنطينة، كان لابد من رؤية بومنجل. هذا هو كلّ الدعم الروحي والمادي الذي تلقيته، بعد ثلاثة أشهر من “المناضل الكبير” الذي لم يهتم بالكاتب والمفكر الوحيد الذي يعرفه “الوطن” الجزائري وهل استطاع أن يأكل من يومها. وهذا يذكرني بالمسرحية المشينة التي لعبها كلّ “المناضلين” لقبر حقيقة المناضل الكبير. (أضيف: يستنكر مالك بن نبي على “المناضلين” إخفاء حقيقة فرحات عباس عن النّاس باعتباره لا يعين الكتاب وأهل الفكر ويتظاهر أمام النّاس بكونه يعين الجزائريين وهو في الحقيقة عكس ذلك. ومالك بن نبي ينطلق من هذه الحالة التي تبدو شخصية ليبني موقفا سياسيا تجاهه وهو يثبت للنّاس هذا فرحات عباس و”زعيمكم” و”المناضل” الذي تعرفون ظاهره وتجهلون باطنه. ومالك بن نبي في هذه الحالة لم يفرّق بين حالة شخصية تتعلّق برفض فرحات عباس إعانة مالك بن نبي ومواقف فرحات عباس التي ظلّ ينتقدها مالك بن نبي طيلة حياته).
27. قال مالك بن نبي في صفحتي 348-349: ” العجينة الجزائرية لا تعجن مثل فرحات عباس فقط بل تعجن أيضا مثل El-Hammamy وهو عالم من علماء الجزائر. (أضيف: يسترجع مالك بن نبي ذكرياته مع فرحات عباس بعد 30 سنة على مرورها وبمرارة وكأنّه يعيشها اللّحظة ويريد أن يقول إنّ الجزائر وإن أنجبت رجال سوء كفرحات عباس لا يقدّرون المحتاجين من أهل الفكر والإبداع مثلي مستغلين ظهورهم أمام النّاس زورا على أنّهم “مناضلين كبار” كذلك الجزائر ومن حسن حظّها أنّها أنجبت العلماء الأصفياء الذين يعرفون قدر العلم وأهله دون تلطيخ مسيرتهم الطاهرة بالكذب واستغلال حاجات النّاس ونفوذهم لغير الجزائر والجزائريين). ويقول مالك بن نبي: مهما يكن فإجابة فرحات عباس لم تكن مفاجئة لي ولا محزنة. لقد عشت مؤقتا على معونات سي محمّد خطاب. (أضيف: يريد مالك بن نبي أن يقول أنّ عباس فرحات هذا طبعه، يخلف الوعد، ولا يساعد الكاتب المفكر وهو الذي يتظاهر أمام النّاس بأنّه “زعيم” و “مناضل كبير”).
رابعا: الدفاتر : 1958-1973- صفحات: 384- 619
28. جاء في صفحة 406 تحت عنوان: “الثورة وديغول بتاريخ”: 1958.05.23: “أعلن السيد فرحات عباس بيانا في جنيف حيث نقلت الصحافة محتواه. وهو يندّد أولا بالطغمة التي استولت على الجزائر قائلا، في إجابة على سؤال صحفية، أنّ “رؤساء جبهة التحرير الوطني لا ينتظرون أيّ شيء”. هذا موجّه للشعب الجزائري… ثم إنّ “الزعيم” لابد أن يرضي مسألة أكثر واقعية بالنسبة له: يمارس مدح ديغول. وفي هذا المدح يمرّر، ما بين الأسطر، كلّ العقيدة ( مراجعة ومصحّحة) للوحدة مع فرنسا. “الزعيم” يؤكّد أنّه ” يعتبر ديغول مثالا لحركتنا الخاصّة بالمقاومة… يمكنه أن يضع حدّا لتحالف المصالح الخاصّة، بأن يقفز فوق اللّعب البرلماني العقيم، ويدشّن عصرا جديدا من التعاون على قدم المساواة مع الشعوب التي استدمرت”. (أضيف: يصف مالك بن نبي فرحات عباس أنّه “الزعيم” الذي يمدح المجرم الجلاّد السّفاح ديغول ويعتبره القدوة والمثال، ومن هنا ينطلق مالك بن نبي في التعامل مع فرحات عباس طوال حياته).
29. جاء في صفحة 408 تحت عنوان: “الزعماء” بتاريخ: 1958.06.16: “لو، أخبروني منذ 5 سنوات، أنّ السّادة فرحات عباس وأحمد فرنسيس سيذهبان للتحدّث باسم الثورة الجزائرية مع ممثلي الحكومات تونس والمغرب، وأنّ السيّد مصالي سيكون “العميل رقم 1″، كنت أراهن الذي اتّخذني هزء، لكن، بالضّبط، مع الثورة الجزائرية، نحن في أوجّ المهزلة. أرى كيف أنّ الشعب دون ثقافة هو لعبة كلّ الذين يريدون أن يعيشوا على حسابه”. (أضيف: من شدّة الاختلاف لم يستطع مالك بن نبي تصوّر فرحات عباس غير الصفة التي رآها ويراها أمام عينيه والمتمثّلة في الضحك على الشعب الجزائري وموالاة فرنسا. هذه الصورة عن فرحات عباس من طرف مالك بن نبي ثابتة راسخة لم تتغيّر في حدود ما قرأنا لحدّ الآن).
30. جاء في صفحة 420 تحت عنوان: “زيارة إبراهيم مزهودي” وبتاريخ 1958.12.01: “هذا المساء، وبشكل غير متوقع كانت زيارة محمودي . كان برفقة T.C والشيخ صديق.. كان عمر مسقاوي معي في البيت وكان يعمل معي لإعداد كتاب ” ميلاد مجتمع “… حدثني عن أبي، وزوجتي والأيام التي قضاها عندي في Luat-Clairet. وأثناء مغادرته، ضرب لي موعدا لتناول الفطور عنده يوم الخميس مع فرحات عباس الذي يبدو، أنه يريد أن يتحدث معي” . (أضيف: لم يذكر مالك بن نبي هل تحقّق طلبه أم لا؟ ولا يوجد عبر صفحات الكتب الأربعة المذكورة أعلاه أنّه تمّ اللّقاء لكنّ تعمّد ذكر أنّ فرحات عباس يريد لقاءه وهي ملاحظة صغيرة لكنّها تعبّر عن موقف مالك بن نبي من فرحات عباس الذي يذكره في الصغيرة والكبيرة وكأنّه يريد أن يقول: هو الذي طلب مقابلتي ولست أنا).
31. جاء في صفحة 440 وتحت عنوان: ” بورقيبة – عباس” وبتاريخ: 1959.09.15: 440: “جاء بوضياف عيسى هذا المساء لزيارتي. تحدّثنا بخصوص رسالتي المفتوحة لإزنهاور- خروتشوف. وحدّثني عن سفره ورحلته إلى تونس وطرابلس. بورقيبة أغلق الحدود في وجه الإمدادات الجزائرية بزعم أنّه يقوم بحياد حسن بين الجزائر وفرنسا. في الواقع، هي ضغوط تمارس ضدّ خصوم فرحات عباس ضمن الحكومة الجزائرية المؤقتة”. (أضيف: لم يذكر مالك بن نبي –لحدّ الآن- من هم خصوم فرحات عباس وتدل الحادثة على أنّ بورقيبة بتشديده ومراقبته على الحدود لمنع تدفق السّلاح للمجاهدين الجزائريين إنّما كان يقصد مساعدة فرحات عباس والضغط على المجاهدين الجزائرين وإلاّ ما معنى قول مالك بن نبي ” هي ضغوط تمارس ضدّ خصوم فرحات عباس” ).
32. جاء في صفحة 444 وتحت عنوان: “منعرج جديد للثورة الجزائرية” بتاريخ: 1959.12.22: “بتاريخ 20 أوت 1956 كان مؤتمر الصومام بقيادة عبان رمضان. ونعرف جيّدا ماهو المنعرج الذي اتّخذته الثورة الجزائرية عقب هذا المؤتمر. وانظر الآن إلى مؤتمر جديد انعقد أيضا في طرابلس. ماذا سيقدم؟ لقد قام بتصفية رجال سبق للصومام أن وضعهم على رأس الثورة الجزائرية تحت اسم CCE. نتحدث عن وزير “العسكريين”، أي مكوّنين من قدماء قناصو الجيش الفرنسي. لكن نتيجة إيجابية تحقّقت إذن: فرحات عباس، أحمد فرانسي، الأمين دباغين، توفيق المدني، وبراهيم مزهودي لن يكونوا ضدّ “مجلس الثورة”. ماهي المصالح التي تحقّقت إثر وضعهم على رأس الثورة؟ إنّه مشكل قيادة الثورة منذ 5 سنوات ! التّاريخ سيوضّح بلا شكّ هذا. هذه الخديعة الكبرى التي لم تكن غير “قيادة الثورة الجزائرية…” وستقول الحصّة الأكبر أنّ الاستدمار من وراء هذه الخديعة، بالنسبة للذين يظهرون والذين يستغلون الوضع مؤقتا”. (أضيف: يفرح مالك بن نبي من طرد بعض الأشخاص من قيادة الثورة ومنهم فرحات عباس ويرى أنّ الثورة لم تستفد منه بل يستنكر ما هي الفائدة من وضع فرحات عباس على رأس قيادة الثورة وقد مرّ على اندلاعها 5 سنوات باعتباره يتحدث عن سنة 1959 مايدل على أنّ مالك بن نبي لم يتغيّر موقفه من فرحات عباس).
33. جاء في صفحة 460 تحت عنوان: “نهاية فرحات عباس، تطهير جزائري.” بتاريخ: 1961.08.27: “بعد قليل، على السّاعة 16و20 دقيقة، هاتفني Titi منذ قليل ليخبرني بالخبر الجديد الذي بثّته إذاعة لندن في السّاعة المحتملة التي كان فيها فرحات عباس يستقبل رسميا في المطار من طرف كمال الدين حسين”. (أضيف: أعترف أنّي لا أملك تعليقا في هذه النقطة وأزعم أنّ مالك بن نبي يرى أنّ فرحات عباس ارتكب حماقة حين استقبل من طرف كمال الدين حسين باعتباره لم يكن مع علاقة حسنة مع عبد الناصر يومها وتبقى هذه رؤية مالك بن نبي وحدسه ولا أعرف هل صدقته الأيام أم كذبته بشأن فرحات عباس. وأزعم أنّ مالك بن نبي وهو يختار عنوانه “نهاية فرحات عباس” كان يأمل في أن تكون نهاية لفرحات عباس مايدل على تدهور العلاقة إلى درجة أنّه – في تقديري- كان يتمنى نهايته).
34. جاء في صفحة 495 تحت عنوان: “الجهل والسياسة” بتاريخ: 1963.11.23: “كلّ حياتنا السّياسية تبنى على قاعدة هذا الجهل الذي يغيّر الطبيعة ويعقّم كلّ مؤسساتنا. قبل الثورة، ولدت وطنيتنا في أرض هذا الجهل ولا يمكنه إلاّ أن يتجسّد في مصالي الحاج. الثورة، ولدت طبعا في عمق هذا الجهل، لا يمكنه أن يقبل كقائد إلاّ فرحات عباس وكمنظّر إلاّ فرانس فانون. وبطولتنا التي ترتكز بدورها على قاعدة هذا الجهل، لا يمكنها أن ترضى بكلّ طموحاتها إلاّ بالاستقلال. بمجرد ما يكون هذا الهدف قد تحقّق، يصبح البطل دون هدف وما عليه إلاّ أن يبتلع مشروعه: أبطالنا يأكلون استقلالهم، أو يرمون من الزجاج إذا لم يحسنوا السباحة. وبعد استرجاع السيادة الوطنية، سياستنا لا يمكن أن تكون لها قاعدة سوى هذا الجهل الذي ننقله من جيل إلى جيل منذ قرون. وأفضل ما في سياسة ما بعد الثورة، هي بعض الشيء ككذب يمتد لبعض الشيء كصحن الزبدة”. ( أضيف: يتحدّث مالك بن نبي عن قادة الثورة الذين قرّبوا فرحات عباس وكيف أنّه أصبح بطلا وهو لا يمكن مقومات البطل سواء في عهد الثورة الجزائرية أو بعد استرجاع السيادة الوطنية فهو بهذا يعيب على قادة الثورة الجزائرية سوء الاختيار كاختيارهم لفرحات عباس).
35. جاء في صفحة 512 تحت عنوان: “رثاء جون عمروش” بتاريخ: 1965.08.23: “نسيت أن أدوّن أثناء ذهابي لقسنطينة، أنّي تلقيت تكليف بمهمة من الوزير أحمد طالب لأمثّله في تدشين للنصب التذكاري لـ Jean Amrouche في إيغيل علي. طبيعيا، اندهشت أوّلا، لكن ما العمل؟ لا أريد أن أتسرّع في هذا الظرف. يبدو لي الأمر غريبا من إيغيل علي الذي له نفس يوم التدشين في مكان مقبرة “الشهداء”. وكأنّنا ندخّر لكاتب “الظاهرة القرآنية” الشرف أن يرثي ملحد. انسحبت وأنا أعرض المشكلة في سياق التظاهرة المبرمجة من أجل “الشهداء” وإعادة ترتيب المشكلة. جون عمروش في مرحلة من مراحل التّاريخ الجزائري حيث المسمى السيد فرحات عباس (حيث لم أذكره بالإسم لكن الجميع فهم تلميحي وضحكوا) قال بأنّه عبثا بحث في رفاة المقابر الجزائرية دون أن يجد الوطن الجزائري. وبالغدر أجبت بالغدر”. (أضيف: مالك بن نبي حتّى وهو بعد استرجاع السيادة الوطنية وفي 1965.05.23 يتذكّر بمرارة ما قاله فرحات عباس سنة 1936، ويستعمل عبارته “المسمى” وهو يتحدّث عن فرحات عباس لكنّه يضيف لها “السيد” ما يدل عن تأثره بالعبارة السيّئة السّمعة التي قالها فرحات عباس “أنا فرحات” وكأنّه يقول أنا الذي انتقدت فرحات عباس منذ سنة 1936 عن عبارته المشؤومة يطلب منّي أحمد طالب الإبراهيمي أن أحضر جنازة ملحد لأنّه لا يعقل أبدا ولو كنت فاعلا لما انتقدت فرحات عباس).