خيال الطفل… ينبوع الابداع

تاريخ النشر: 27/09/11 | 9:40

عندما تم طرده من المدرسة لأنه “غبي والمدرسة غير مخصصة للأغبياء”، أقنعته والدته بأنه “أذكى طفل في العالم”، أحضرت الأساتذة إلى المنزل لتعليم “الغبي الذكي” واستمرت تردد على مسامعه: ” لو أنكر كل الناس ذكاءك يا صغـيري فيكفيك أنني أؤمن به، أنت طفلي الذكي، دعهم وما يقولـون واسمع ما أقول: أنت أذكى طفل في العالم”.

لقد زرعت الأم الذكية في مخيلة ابنها أنه ذكي، فأصبحت تخيلاته تحاكي هذه الكلمات ويبدو أنه اقتنع بها أخيرا فتحولت إلى حقيقة جعلت العالم يتحدث باسمه حتى الآن أي بعد ثمانين عاما من وفاته، كيف لا؟! وهو صاحب ثاني أكبر عدد من الاختراعات في تاريخ البشرية، إنه مخترع المصباح الكهربائي “توماس إديسون”.

إذا كان خيال الطفل قادرا على التغيير في قناعاته ومستقبله إلى هذا الحد، فكيف يمكن للآباء والأمهات أن يستثمروا تصورات أبنائهم؟ وكيف يوجهونها بما ينفعهم؟ وهل يعد الخيال الواسع كذبا أم أنه جزء من الطفولة الطبيعية؟.. “فلسطين” تبحث عن إجابات عن هذه التساؤلات مع ضيوفها في هذا التقرير.

لا تتهمه بالكذب

عبر البريد الإلكتروني يقول الباحث المصري في العلوم الإنسانية، كريم الشاذلي: “إن الخيال مرحلة طبيعية يمر بها الطفل فتتمثل له أشياء غير حقيقية، لكنه يتعامل معها على أنها صحيحة وموجودة على أرض الواقع.

وينبغي على الأسرة ألا تقف أمام تصورات أبنائها وفقاً للشاذلي، بل يجب على الوالدين أن ينمّيا خيال أبنائهما ويوسعا آفاقه، لأنه هو الذي يزيد من نسب الإبداع والابتكار لديهم كما يقول.

تنمية خيال الطفل تتم عن طريق مجارات خياله بالدرجة الأولى، وذلك بعدة طرق يذكر منها الشاذلي: الاستماع للصغير وعدم السخرية منه، والإجابة عن كافة أسئلته باهتمام بالغ مهما كانت استفساراته ساذجة أو بسيطة.

إلى جانب ذلك، يقول الشاذلي: “إن من الوسائل المجدية في هذه الحالة شراء القصص والألعاب التي تنمي موهبة الابن حسب ميوله”، مشددا على أهمية عدم تسليمه تماماً للمدرسة والاكتفاء بما يتعلمه فيها، إذ لابد من المتابعة المستمرة من قبل الأهل.

ومهما اتسع خيال الطفل إلى درجة قد تبدو أنها وصلت إلى حد الكذب، فإن الشاذلي يحذر من توجيه الاتهام له بأنه كاذب، كونه غير مدرك أن ما يتحدث به هو مجرد خيالات وليست حقائق، على حد قوله.

قالب من الخيال

من ناحيتها، قالت اختصاصية الصحة النفسية سماح محمود: “إن مساحة الخيال لدى الأطفال كبيرة جدا يعود إلى أن خبراتهم في الحياة محدودة وعدم قدرتهم على تفسير الأمور بأسبابها الحقيقة، وبالتالي فإن الخيال يساعدهم على تفريغ مشاعرهم سواء كانت أفراحاً أو أحزاناً أو آمالاً وأمنيات”.

ولاستثمار خيالات الأطفال وتوجيهها نحو وجهة إيجابية تفيدهم حتى في مستقبلهم، تقول سماح: “يجب التغلغل إلى مخيلتهم للتأثير فيها، وذلك عن طريق القصص الخيالية التي يكون الطفل بطلا فيها أو يمثل شخصية يحبها، أو عن طريق مناقشته في بعض المواقف والأحداث وحثّه على التفكير بالطريقة التي سيتعامل بها إن تعرض لمثل ذلك، أي أن الأمر يتطلب إتاحة مساحة واسعة للطفل ليعبّر عن نفسه”، مبينة أن القدوة الحسنة واللعب بالدمى ولعب الأدوار واللعب الإيهامي وسائل يُستحسن استخدامها لهذا الغرض.

وتنصح سماح بوضع صورة للمستقبل الذي يريد أن يكون عليه الطفل في قالب من الخيال والتصورات المتوافقة مع مواهب الطفل وميوله، التي يمكن ملاحظتها من خلال أحاديثه ونقاشاته أو ما يرغبه من ألعاب.

وتُطمئن سماح الآباء والأمهات بأن خيال الابن الذي قد يستمر معه إلى عمر تسع سنوات لا يتحول إلى أكاذيب، إلا في حالة اتهامهم له بذلك إذ يعلمونه بكلامهم معنى وكيفية الكذب، موضحة أن الخيالات تخف تدريجيا مع اكتسابه مزيداً من الخبرات في الحياة.

وللتفريق بين الكذب والخيال، تقول سماح: “إن الكذب يكون في حالة دفاع الطفل عن نفسه أو محاولة نفي تهمة ما عنه أو لمجرد جذب اهتمام الآخرين، أما الخيال فيتمثل في كلام غير منطقي أو سرد أحداث يلعب الطفل فيها دور البطولة”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة