بين الهدم والبناء .. صور من العراقيب.!

تاريخ النشر: 10/07/18 | 11:25

رأيت طفلاً يرشد سائق جرار الى حائط تركوه واقفاً
غير مهدوم.
” نسيتم هذا الحائط ..!”
توجَّه الطفل لسائق الجرار ..
“أنت ولد طيِّب ! “.. أجاب السائق .
ورجع الى الخلف وهدمه..
” سائق ممتاز .!” قال الطفل
.. معجباً بعمله “المتقن .!” .
*******************
نزل السائق عن جرّاره
وساعد عجوزاً كان يحاول رفع خشبة ثقيلة
فوق سقف بيت في طور البناء.
سأله العجوز :
لماذا تساعدني في بناء بيت
ستهدمه جرارتكم بعد قليل .!؟
فسأله العسكري :
لماذا تبنون بيوتاً تعلمون أننا سنهدمها فور بنائه !؟
فانطلق صوت جندي من بعيد :
“هكذا البشر , منذ بداية الخليقة !..
كانوا وما يزالون ..
منهم من يبنون .!
و منهم يهدمون .! “.
حماد القيعان :
الذين هدموا , هُدمت سيرتهم مع ما هدموه , والذين بنوا بُنيت لهم أمجاد خالدة .
**********************
“أين ستنام .!؟ ”
سأل عسكري أحد الأطفال ..
هنا ..! أشار الولد الى مساحة خالية من الردم .
أين ..!؟ هنا ..!؟ سأله باستغراب شديد .
هنا ..! أجاب الولد بلا مبالاة .
في العراء ..!؟ سأل العسكري مشدوهاً..
يا لِحَظِّهِ الرائع ..! انه سيتمتع بجمال النجوم في السماء .!
لقد نمت ,أنا وصديقي ” آفي “, ليلة في العراء .. فكانت ليلة ساحرة .! أكملت .. وفي صوتها حنين, الى ذكرى لن تنساها ..
إتركوا بيوتنا مبنية في مكانها .. وارجعوا الى بيوتكم واهدموها , وناموا في الخلاء وتمتعوا بالنجوم من هناك , إن كنتم تعشقونها .!
صاح بها شاب بغضب شديد .
ولكن لماذا لا تنام في بيتك !؟ انتظر الجندي صاحبته بقرف , حتى أنهت كلامها ..
إني في بيتي .! أجاب الصبي , كأنه أمر عادي
بيتك هنا ..!؟
تستطيعون أن تهدموا الجدران والسقوف , ولكنكم لا تستطيعون هدم الأرض ..!
صاح أبو الطفل .. الذي كان يجلس بالقرب منهم ..
************
أترى تلك الصخرة الجاثمة بين البيوت ..!؟ سأل الأب الجندي ..
أراها ..! ما شأنها ..!؟
حاولنا اقتلاعها بكل الطرق , فلم نفلح .
فطلع علينا شيخ ماراً من حيِّنا متوجهاً الى الشمال .
سألنا : ماذا تفعلون .!؟
فأجبناه : نريد ان نقلع هذه الصخرة العنيدة .. فاستعصت علينا !
تفحَّص الشيخ الصخرة وقال ناصحاً : ان هذه الصخرة من النوع العنيد .. اتركوه مكانها ..!
فسكت السائق ..
*************
عمّا تبحثين أيتها العجوز .!؟ سأل جندي إمرأة عجوزاً , تبحث عن شيئ بين الأنقاض .
أبحث عن جاروشتي ..!
إنك تبحثين عن إبرة في كومة قش .! صاح جندي وهو يتقدم منها لإبعادها من أمام الجرار..
إنك تخاطرين بحياتك من أجل جاروشة .! انطلق صوت جندية يغالب هدير محرِّك الجرار .
لو كنتم تعرفون مقدار قيمة الجاروشة , لما هدمتم بيوت الآمنين .!
***********

قبل أن يتوجه الى العراقيب , اتصل رجل من الشمال
بأحد أبنائها وسأله :
في بلدكم في هذا اليوم , يبنون أو يهدمون ..!؟
فأجابه : لا أدري ..!
أليس هذا غريباً ..!؟
لا ندري ان كانوا سيهدمون ما بنيناه أمس ..!
أم إننا سنبدأ ببناء ما سيهدمونه اليوم ..!
عشقوا الهدم .. وعشقنا البناء ..!
إلى متى !؟ سأل الشمالي ..
حتى يثبت البناء ..
وتهدم إرادة الهدم .!
أجابه العرقوبي بتحدي وإصرار .!
*****************

يوسف جمّال – عرعرة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة