الجوارب ذات الرائحة الكريهة .. تقتل البعوض

تاريخ النشر: 11/09/11 | 0:44

في مجال الصحة العامة العالمية، تعتبر الوسائل الرخيصة والمتوافرة والمستدامة في مكافحة الأمراض والوقاية منه بمثابة «الجائزة الكبرى».

وقد يكون من الصعب وضع الوسيلة التي يتم اختبارها في تنزانيا للوقاية من الملاريا على رأس قائمة هذه الوسائل، خصوصا عندما تكون تلك الوسيلة هي جوارب ذات رائحة كريهة! وسيلة «كريهة»

تضمنت التجارب التي أجريت في ثلاث قرى تحدث بها 350 حالة إصابة بالملاريا تقريبا سنويا بسبب لدغات البعوض الذي ينقل عدوى الملاريا، استخدام جوارب قذرة لجذب الحشرات إلى المصائد حيث تتسمم وتموت.

يأمل الباحثون أن يتم استخدام هذه الطريقة في حال نجاحها في صناعة ناموسية مطعمة بمبيد حشري كوسيلة رخيصة الثمن للوقاية من الإصابة بمرض الملاريا الذي يتسبب في مقتل نحو 900 ألف شخص سنويا في أنحاء العالم أكثرهم من الأطفال.

وقال الدكتور بيتر سينغر، وهو طبيب يرأس هيئة «غراند تشالينجيس كندا» التابعة للحكومة الكندية التي تساعد في تمويل البحث: «يا لها من فكرة جريئة. فمن الذي يخطر بباله أن هناك تقنية تنقذ الأرواح توجد في سلة الغسيل؟».

وقد أوضحت الدراسات المختبرية السابقة أن الجوارب كريهة الرائحة تساعد بشكل كبير في جذب البعوض. وأوضحت التجارب الميدانية أنها طعم ذو تركيبة أكثر جذبا من البشر على الأقل حتى يقترب البعوض بقدر كافٍ منها ليكتشف عدم وجود أي دماء.

تجارب ميدانية

وتعتبر التجارب الجديدة أولى التجارب الميدانية التي تقارن بين الجوارب والمواد الكيميائية، ويأمل الباحثون أن تفوز الجوارب.

ويقول فريدروس أوكومو، عالم الحشرات التنزاني الذي يقود فريق البحث: «إن الأمر يتعلق بالتكلفة والوسيلة المناسبة. الجوارب متوافرة أكثر ولا يتعين عليك مزج أي مواد كيميائية. لا يتطلب الأمر سوى مصنع في كوخ».

تتكون المصائد من صناديق مربعة الشكل تبدو كل منها أصغر من خلية النحل. وتحتوي بعض تلك المصائد على رائحة البشر التي تتكون من مركبات كيميائية بسيطة منها حمض اللاكتيك والأمونيا والحمض البروبيوني، التي يفرزها جسد الإنسان، خاصة من الأرجل والأقدام.

وعلى الجانب الآخر تحتوي بعض المصائد على جوارب سيرتديها أشخاص بالغون لمدة يوم واحد، بينما تحتوي بعض المصائد الأخرى على بطانات قطنية سيضعها أطفال في سن المدرسة داخل جواربهم ليوم واحد فقط. وسوف يقارن الباحثون عدد البعوض الذي تنجح كل طريقة في جذبه.

وأوضحت بعض الأبحاث السابقة لأوكومو وزملائه في معهد «إفاكارا هيلث إنستيتيوت» في تنزانيا أن الطعم الكيميائي جذب عدد بعوض أكبر من الطعم البشري بمقدار أربعة أمثال وأن الجوارب القذرة تمكنت من جذب البعوض أيضا على الأقل في المختبر. وإذا أثبتت بطانات الجوارب فاعليتها، فإنها ستكون طعما مفضلا.

وتغطى الأسطح الداخلية لبعض المصائد بمبيد حشري من الفوسفات العضوية. ويموت البعوض الذي يسقط في تلك المصيدة خلال 24 ساعة.

وتحتوي مصائد أخرى على فطريات تصيب البعوض بالعدوى وتقتله خلال 5 أيام وهي تقريبا نصف المدة اللازمة لاكتمال الدورة التي تمكن البعوض الذي يحمل العدوى بنقل طفيل الملاريا إلى شخص.

وتعتبر طريقة الجذب بالطعم ثم القتل محاولة جديدة للوقاية من مرض الملاريا. تهدف محاولات الوقاية من الملاريا من خلال السيطرة على البعوض، التي تعرف بالسيطرة على القوة الموجهة، إلى إبعاد البعوض عن الناس أو قتلهم بمجرد اقترابهم من الطعم.

مكافحة البعوض

تحتوي الناموسية المعالجة بالمبيدات الحشرية، التي تباع الملايين منها أو يتم التبرع بها في أفريقيا خلال العقد الماضي، على مبيد بيرمثرين الطارد للبعوض.

يرش الناس في كثير من المناطق الموبوءة بالملاريا الجدران الداخلية لمساكنهم بالمبيدات الحشرية التي تقتل البعوض عندما يحط عليها.

وساعدت الناموسيات في خفض معدل وفيات الأطفال بنسبة تقترب من 20% في المناطق الموبوءة بالملاريا. ويمكن للمصائد أن تحد من نقل الملاريا بالقدر نفسه الذي تحد منه الناموسيات في القرى التي تستخدم في نصف المنازل بها.

على الرغم من أن الطريقة التي يستخدمها أوكومو تبدو غير متقدمة تكنولوجيا، فإنها معقدة ومحفوفة بالمخاطر أكثر مما تبدو عليه.

فمن الأسئلة المهمة: أين سيتم نصب هذه المصائد؟ ينبغي أن يتم وضعها بالقرب من المساكن لجذب البعوض، لكن وضعها قريبا جدا من الناس سوف يزيد تعرضهم للحشرات الحاملة للمرض. ويشير بحث أوكومو إلى ضرورة وضع المصائد على بعد 100 قدم (30 مترا) من المنازل.

من الأسئلة الأخرى المهمة: كم عدد المصائد التي تحتاجها كل قرية؟ وقام أوكومو بحساب الحد الأدنى ووجد أن كل ألف شخص يحتاجون 20 مصيدة على الرغم من أن في الأماكن التي تنتشر فيها عدوى الملاريا هناك حاجة إلى 130 مصيدة لكل ألف شخص.

ويقول سينغر: إنه على الرغم من هذه التحديات، فإن هذه مشاريع مثل تلك التي تبحث عنها مؤسسة «غراند تشالينجيس كندا» لتدعمها؛ حيث تقدم 388 ألف دولار لهذا البحث، بينما تقدم مؤسسة «بيل أند ميليندا غيتس» مبلغا مماثلا. وكذلك منحت الأخيرة أوكومو 100 ألف دولار لإجراء الدراسات الأولية.

وقال سينغر: «يمثل أشخاص مثل فريدروس مصدر إلهام لنا. نعتقد أن هؤلاء المبدعين الذين ينتمون إلى الدول الفقيرة هم أفضل من يستطيع حل مشاكلهم. إنه باحث أفريقي يبحث عن حل غير تقليدي مبتكر لمشكلة أفريقية».

ويقول أوكومو، الذي يدرس لنيل درجة الدكتوراه من كلية لندن للصحة والطب الاستوائي، إنه يعمل على أساس أن هذه مشكلة عالمية.

وقال إنه يشك في إمكانية تطبيق استراتيجيته ما إذا أثبتت فاعليتها في دول لا تعاني انتشار مرض الملاريا مثل الولايات المتحدة.

ويمكن لزوج من الجوارب في باحة تقع على بعد 10 كم أن يبعد البعوض لفترة مؤقتة، لكن البعوض سيجد أرجلا عارية تحت منضدة في أحد المتنزهات على أي حال.

ويوضح قائلا: «يعتبر البعوض من الحشرات التي تتمتع بقدر من الذكاء. إنه يبحث عن دماء، ويمكنه أن ينجذب إلى الجوارب، لكنه لن يقضي وقتا طويلا بالقرب منها».

تعليق واحد

  1. هذا هو التطور والعلم اجل وجدنا فائدة من رائحة الجرابين واووووووووووووووووو

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة