أعطونا مسرحاً نسوياً نعطيكم إبداعاً وحياة وتحرير وعلاج

تاريخ النشر: 04/06/18 | 1:54

إن كانت الموسيقى غذاءً للروح، فالفن المسرحي الملتزم والعلاجي هو من يحرر أرواحنا من أسقامها, أحزانها, كبتها, احتضارها.
قد يستغرب البعض طلبي وتوجهي هذا، وقد يتهموني باني أحرض وأشجع التحرر الكامل، ومنهم من سيتهمني بالجنون، كما سبق واتهمت باني احلق بعيداً عن أرض الواقع ومتطلبات العصر، وأني أحرض النساء على قول لا للعنف والاستهتار بمشاعرهن وكبتهن، نعم أرفض العنف والتهميش والتمييز، في التربية والمعاملة المنتهجة ضد الأنثى، ولا اخفي ذلك ولن اخفي، فالمرأة الفلسطينية كانت دائما شريكة في اتخاذ القرارات الاجتماعية والسياسية الهامة، هي حاربت وناضلت ضد الأسرلة والتمييز وإدحار الهوية، ومن أجل الانتماء الفلسطيني مثلها مثل الرجل، بل أن الكثيرات من نسائنا في الداخل هن الذين يقدن المظاهرات، وينشطن في الحركات الوطنية والإنسانية لحقوق الأسرى الأمنيين، وحقوق المواطن والعدالة الاجتماعية، وحقا أنا أشكر الله باليوم ألف وألف مرة، على أبناء وبنات شعبي الكادحين/ات، الصامدين/ات، المرابطين/ات،المتنورين/ات، في أراضيهم وأراضي أجدادهم.

ولأني صادقة مع نفسي ومع مجتمعي العربي الفلسطيني في الداخل، وجدت أنه يتحتم عليّ أن ابرر مطلبي هذا بوضع النقاط على الحروف، لقد نشأت هذه الفكرة لدي منذ أكثر من أربع سنوات ونصف السنة، ولا سيما وأن العنف المنتهج ضد المرأة بشتى إشكاله وأنواعه، يزداد يوماً بعد يوم، وبصمت من المجتمع وبتحريض من بعض الآثمين المتسلطين، المتسترين وراء الدين والمثل والأخلاق، وفي الواقع ما هم إلا مجموعة من الفاسقين المجرمين، تجار الدين والتفوق الذكوري، وفي بعض الأحيان ضحايا التربية المتوارثة الخاطئة، التي تميز في التعامل بين الولد والبنت، بالتعامل معهم وكأنهم عالميين مختلفين، فللولد دائما إمتيازات على البنت, لهذا وجدت أن الوسيلة الوحيدة والأنجح لزيادة الوعي بين الفتيات والنساء، بخلق مسرح لهن يتطرق ويعرض مشاكلهن وقضاياهن الملحة، ويعرض عليهن أساليب وطرق التعامل مع ما يتعرضن له من مشاكل متعلقة بالعنف، سواءً كان نفسي أم جسدي أم جنسي، بأسلوب حضاري وفني وأنساني، وذلك يتم من خلال تقديم مسرحيات هادفة وعلاجية وتثقيفية.

وبما أن مسرحنا الفلسطيني المحلي يكاد لا يتطرق إلى موضوع العنف والتنكيل بالمرأة، وما زال صامتاً صمت النعاج، إزاء قضايا قتل النساء على خلفية ما يسمى شرف العائلة، وبما أن لغاية يومنا هذا تجري عمليات الختان بين بعض عائلات النقب، وكذلك هنالك أوساط كثيرة تحرم بناتها من مواصلة الدراسة الأكاديمية واختيار شريك الحياة، كان لا بد لنا أن نصرخ عاليا ونعلن موقفنا، وعلينا كمجتمع فلسطيني متنور يحارب من اجل العدالة والحرية والديمقراطية والمساواة والسلام الحقيقي، أن نطالب أولا بتغيير مفاهيمنا الخاطئة، وممارستنا الغير لائقة ضد أمهاتنا, بناتنا, أخواتنا وزوجاتنا، وليت كل رجل عربي يقرأ كتاب: “المرأة هي الأصل” للدكتورة نوال السعداوي، ليفهم أنه من دون امرأة لا حياة ولا استمرار.

وأنا كإنسان أولا وامرأة ثانيا، علي الانحناء وشكر كل من: حركة نساء ضد العنف في ناصرة الجليل، وحركة سوار وكيان في حيفا عروس البحر المتوسط، على كل ما يقدمونه من ندوات وورشات عمل، ومحاضرات ودراسات ونشرات تثقيفية لزيادة الوعي، كذلك علينا أن نشكر كافة متطوعاتهم، على ما يقدمون من دعم مهني ونفسي وقانوني، لكل توجه وتوجه نسوي، وأنا أثق إنهم سيدعمون وجود مسرحاً نسوياً، لأننا نريد أن ننهض بمجتمعنا، وتغيير المفاهيم الخاطئة المتوارثة التي لا تتمشى وحقوق الإنسان وعصرنا هذا.

بقلم رانية مرجية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة