الجمعيّات ذات الأيادي البيضاء

تاريخ النشر: 04/12/17 | 2:19

كنتُ أمس في حيْرةٍ حيْرى ، فالأمران جميلان يُلوّنان النَّفس بالوان الفرح والغبطة.
الأوّل دعوة لحضور حفلة تقيمها جمعيّة ” شادي وأنا” ؛ هذه الجمعيّة الخيريّة الرائدة والتي تُعنى بالأطفال المحرومين والمعوزين واليتامى في طول البلاد وعرضها ، فتبلسم جروحهم وتسربل حياتهم قدر الامكان بالبسمات الوضيئة.
وأخرى بيت الثّقافة المسيحيّ – عبلّين والذي يقف على رأسه كوكبة جميلة من خيرة الشّباب ، الذين نذروا انفسهم في سبيل خدمة المجتمع العبلّيني ، فقد نظّموا مساء امس حفل تخريج المجموعة الاولى من الشباب والشّابات القادة من الطائفتين المسيحيّة والاسلاميّة ، وحاولت أن تضع في أياديهم الصنانير بدل الأسماك ، وأن تفتح امامهم الآفاق ليسبحوا في دنيا التفاؤل والعطاء وقوّة الشّخصيّة ، حاملين منذ الآن الطموحات والآمال ، عاقدين العزم على التغيير الجذريّ المبني على أسس الاحترام والخدمة الحقيقيّة، بعيدًا عن مفهوم الزّعامة التقليدي والمخترة التي أثخنت حياتنا بالجروح والقروح.
جميل فعلًا أن نعطي من قلوبنا وألاجمل أن نعطي بِلا مِنّة ففي العطاء لَذّة… نعم هناك من يعطي ، وعبلّين اليوم كما الكثير من بلداتنا العربيّة في البلاد ، تمور وتموج بالجمعيّات والأطر الاجتماعيّة التي بات دينها وديدنها العطاء والأدب والفنّ والمحبّة والتآخي والتلاقي وزرع بذور الانسانيّة الجميلة في النفوس ؛ كلّ النفوس، في حين تقف السلطات المحليّة في معظم بلداتنا موقف المُتفرِّج واللامبالي وكأنّ الأمر لا يخصُّها ولا يهمّها ، كما البعض منّا نحن المواطنين ، فالبعض يؤمن بالمقولة التشاؤميّة :
” شو بيطلع بإيدينا ” أو ” فِكّك … خلّينا على ما إحْنا” .
ويبقى المجتمع عندها خاملًا ، باهتًا ، تأكله الرتابة ويُعشّش بين حناياه الكسل والفقر والجهل والملل ، تقود موكبه جماعة لا يهمّها سوى ” شوفوني يا ناس” أنا ربّكم الأعلى”.
نعم هبّة مباركة نحظى بها ، فالأطر الاجتماعية والجمعيّات التي تعمل على مسرح حياتنا في الكثير من النّواحي ، تُثلج الصّدور والقلوب ، وأخشى أن أعدّها لئلّا أنسى إحداها لكثرتها ، والجميل في الأمر أنّها تتعاون وتلُمُّ شمل البلدة بطوائفها ، فتجد اليوم فعالية أدبية في قاعة الكنيسة ، وبعد أيام فعالية أخرى في قاعة المسجد ، والحضور يتوقون الى أيام زمان ؛ أيام البساطة والعفويّة والاخوّة الحقيقيّة.
كم أتمنّى أن يبقى الأمر على ما هو عليه اليوم ، فلا أخفيكم سِرًّا إن قلتُ إنّي أخشى بعض الشيء من الآتي ، فالانتخابات البلديّة قريبة ، وكثيرًا ما تزرع الفرقة بين الناس، لأنّنا ما زلنا لا نؤمن تمامًا بحريّة الرأي وحريّة التعبير ، ولا نؤمن بالمقولة الشهيرة : ” ان اختلاف الرأي لا يُفسد للودِّ قضيّة” … إنّه يُفسد وأكثر ، ولذلك أهيب بمجتمعنا أن يرقى ونرقى وأن نجعل ” المعركة ” الانتخابيّة عُرسًا حقيقيًّا للديقراطيّة وفرحًا لحريّة الرأي ، علمًا أنّني لا أميل الى كلمة ” معركة” انتخابيّة وكنت أتمنّى أن تُستبدلَ بكلمة عُرس.
اضمامة منتور أزفّها عطرة لكلّ جمعيّة وإطار شعبيّ في مجتمعنا العربيّ المحليّ ، وضع نُصْبَ عينيه أن يخدم المواطن ويمدّ يد العون للغير ، وأن يحمل لواء العطاء والعلم على كتفه شلّال نور.

زهير دعيم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة