إكتشاف كوكب غلافه الجوي غني بجزيئات الماء
تاريخ النشر: 26/09/17 | 0:05اكتشف العلماء أقوى الأدلة حتى الآن على وجود طبقة من الستراتوسفير stratosphere على كوكب يقع خارج نظامنا الشمسي، وطبقة الستراتوسفير هي طبقة من الغلاف الجوي حيث تزداد فيها درجة الحرارة مع الارتفاع عن سطح الكوكب. وعلق الباحث مارك مارلي Mark Marley مساعد رئيس الفريق العلمي الذي أجرى هذه الدراسة، من مركز أبحاث أميس التابعة لوكالة ناسا NASA’s Ames Research Center: هذه النتيجة مثيرة لأنه يظهر أن هناك سمة مشتركة لمعظم الأجواء في نظامنا الشمسي -وهي طبقة الستراتوسفيرEarthAtmosphereBig الدافئة والتي يمكن العثور عليها أيضا في أجواء الكواكب الواقعة خارج المجموعة الشمسية، ويمكننا الآن مقارنة العمليات في الأجواء خارج كوكب الأرض مع نفس العمليات التي تحدث في ظل مجموعات مختلفة من الظروف في نظامنا الشمسي الخاص.
ووفقا للتقرير العلمي المنشور في العدد الأخير من مجلة الطبيعة Nature، استخدم العلماء بيانات من تلسكوب هابل الفضائي التابع لوكالة ناسا لدراسة الكوكب غير الشمسي الذي يحمل الرمز WASP-121b وهو نوع من الكواكب الواقعة خارج المجموعة الشمسية وينتمي لعائلة “كوكب المشتري الساخن” hot Jupiter كتلته 1,2 مرة من كوكب المشتري، ونصف قطره حوالي 1,9 مرة من كوكب المشتري -مما يجعله أكثر انتفاخا من المشتري نفسه. ولكن في حين يدور كوكب المشتري حول شمسنا مرة واحدة كل 12 عاما، إلا أن الكوكب WASP-121b يدور حول نجمه في 1.3 يوما فقط، أي أن هذا الكوكب قريب جدا من نجمه بحيث أن جاذبية النجم تعمل على تمزيقه. وهذا يعني أيضا أن الجزء العلوي من الغلاف الجوي للكوكب يسخن إلى درجة مخيفة تصل إلى حوالي 2500 مئوية، وهي حرارة عالية جدا كفاية لغلي بعض المعادن. ويبعد نظام WASP-121b حوالي 900 سنة ضوئية عن الأرض التي تعتبر مسافة بعيدة جدا لكنها مسافة قصيرة وفقا للمعايير المجرية.
الحقيقة أن البحوث التي أجريت في الماضي وجدت علامات محتملة لطبقة الستراتوسفير على كوكب غير شمسي يسمى WASP-33b وكذلك بعض كواكب المشتري الساخنة الأخرى، لذلك تقدم الدراسة الجديدة أفضل الأدلة على صحة وجود جزيئات الماء الساخن STScI-H-p1731b-z1000x998التي لاحظها الباحثون للمرة الأولى. يقول توم إيفانز Tom Evansالمؤلف الرئيسي للورقة العلمية وزميل الأبحاث في جامعة اكسيتر بالمملكة المتحدة: لقد اقترحت النماذج النظرية أن الطبقات الاستراتوسفيرية قد تحدد فئة متميزة من الكواكب فائقة الحرارة، مع انعكاسات مهمة على فيزياء وكيمياء الغلاف الجوي، وملاحظاتنا في هذه الدراسة تدعم هذه الصورة. لدراسة طبقة الستراتوسفير من الكوكب غير الشمسي WASP-121b حلل العلماء كيفية تفاعل الجزيئات المختلفة في الغلاف الجوي مع أطوال موجية معينة من الضوء، وذلك باستخدام قدرات هابل في التحليل الطيفي. فبخار الماء في الغلاف الجوي للكوكب على سبيل المثال، يتصرف بطرق يمكن التنبؤ بها اعتمادا على موجات معينة من الضوء وعلى درجة حرارة الماء.
أن ضوء النجم قادر على اختراق عمق الغلاف الجوي للكوكب، حيث يرفع درجة حرارة الغاز هناك، ويعمل هذا الغاز على إطلاق حرارة في الفضاء على صورة أشعة تحت الحمراء. ومع ذلك، إذا كان بخار الماء أكثر برودة في الجزء العلوي من الغلاف الجوي، فأن جزيئات الماء تمنع بعض الأطوال الموجية من هذا الضوء من الهرب إلى الفضاء، ولكن إذا كانت جزيئات الماء في الجزء العلوي من الغلاف الجوي لديها درجة حرارة أعلى، فإنها سوف تتوهج بنفس الأطوال الموجية.
تقول الباحثة المشاركة في الدراسة تيفاني كاتاريا Tiffany Kataria من مختبر الدفع النفاث التابع لوكالة ناسا: إن انبعاث الضوء من الماء يعني ارتفاع درجة الحرارة مع الارتفاع، ونحن متحمسون لاستكشاف الفترة الزمنية لهذا السلوك المستمر من خلال ملاحظات هابل في المستقبل. أن هذه الظاهرة مماثلة لما يحدث مع الألعاب النارية، التي تحصل على ألوانها من طبيعة المواد الكيميائية التي ينبعث منها الضوء، فعندما يتم تسخين المواد المعدنية وتبخيرها، تتحرك الإلكترونات إلى حالات طاقة أعلى بالاعتماد على هذه المواد، وهذه الإلكترونات ينبعث منها الضوء في أطوال موجية محددة لأنها تفقد الطاقة، حيث ينتج الصوديوم Sodium اللون البرتقالي والأصفر، وينتج السترونتيوم Strontium اللون الأحمر في هذه العملية، وعلى سبيل المثال نجد جزيئات الماء في الغلاف الجوي من WASP-121b تعطي على نحو مماثل للشعاع لأنها تفقد الطاقة، ولكن في شكل ضوء الأشعة تحت الحمراء، والتي لا يمكن للعين البشرية رؤيتها والكشف عنها. وفي طبقة الغلاف الجوي للأرض، يحاصر غاز الأوزون الأشعة فوق البنفسجية القادمة من الشمس، مما يرفع درجة حرارة هذه الطبقة من الغلاف الجوي. وهناك أشكال أخرى في النظام الشمسي لها طبقة ستراتوسفير، كما أن الميثان هو المسؤول عن التدفئة في طبقة الستراتوسفير في كل من كوكب المشتري وزحل والقمر تيتان، على سبيل المثال. وفي كواكب النظام الشمسي، يكون التغير في درجة الحرارة داخل طبقة الستراتوسفير عادة حوالي 56 درجة مئوية، بينما على WASP-121b فان درجة الحرارة في طبقة الستراتوسفير ترتفع بمقدار 560 درجة مئوية، والعلماء لا يعرفون حتى الآن ما هي المواد الكيميائية التي تسبب زيادة درجة الحرارة في الغلاف الجوي لهذا الكوكب غير الشمسي.
يرشح العلماء أن المواد الكيميائية التي تسبب هذا الارتفاع الكبير في الكوكب هي أكسيد الفناديوم Vanadium oxide وأكسيد التيتانيوم Titanium oxide، ويعتقد أنها تشبه الأقزام البنية brown dwarfs وتسمى أيضا “نجوم فاشلة” failed stars التي لها بعض القواسم المشتركة مع الكواكب الخارجية. ومن المتوقع أن تكون هذه المركبات موجودة فقط عند حرارة كواكب المشتري الساخنة، كما أن هناك حاجة إلى درجات حرارة عالية للحفاظ عليها في الحالة الغازية.