نسمة الجبل

قد يكون من ناقل القول، تكرار ما يعرفه الكثيرون عن جمال جبال الساحل السوري بغاباتها وقممها وقراها الصغيرة المتناثرة على كتف جبل هنا أو تلة هناك، إلا أن زيارة منتجع «نسمة جبل» الرابض على قمة مرتفعة على مقربة من مدينة القرداحة قد تعيد إلى حاضر الذهن كل ما وصل إلى أذن السامع عن جمال المنطقة الخلاب، متحققاً عبر رؤية العين المجردة من معزوفاتٍ بصرية عن تماهٍ لا متناهٍ بين الخضرة والزرقة، خضرة الأشجار الكثيفة المتراصة التي تتقاطع على نحوٍ مدهش ومفاجئ مع زرقة السماء المرتفعة، القريبة البعيدة في آنٍ معاً.
فمن خلال هندسة بيئية رائعة، تميز بها منتجع نسمة جبل، متداخلاً ومنصهراً مع الطبيعة الساحرة ببنائه المكسو بحجارة مماثلة لبيوت تلك المنطقة، وخشبها الجميل، يطل علينا بوداعة لا تؤذي ذلك الخضار الرباني الممتد إلى ما لانهاية المشهد، هنا يخال إليك أنك ستلمس الشمس وهي تغيب بلونها الذهبي الذي يجعل المشهد أكثر سحراً، أما قمر «نسمة جبل» فهنا له لونه الخاص وألقه الخاص، ورؤيته تجعلك تسمع صوتاً فيروزياً بعيداً يغني لقمر «مشغرة» و«نسمة الجبل».
وليس هذا غريباً إذا علمنا أنه إلى الشمال الشرقي من هذا المنتجع السياحي الرائع تمتد محميات من الشوح والسنديان والأرز على مساحات تصل إلى 1350 هكتاراً وتحتوي مختلف أنواع النباتات والطيور والحيوانات وصولاً إلى جبل النبي متى وجبل النبي يونس واللذين يبلغ ارتفاعهما عند القمة حوالي 1600 متراً عن سطح البحر .

وتحيط بالموقع العديد من المواقع الأثرية والدينية الهامة فمن قلعة المهالبة في الشمال إلى قلعة بني قحطان إلى الجنوب الغربي من المنتجع، وإلى الشرق منه تقع مقامات بني هاشم ذات الصيت الذائع، والتي تقصد لغايات منها الدينية، ومنها التمتع بالجمال الطبيعي الرائع وبالمنظر الخلاب لسهل الغاب الذي ينبسط أمام الرائي من علو يناهز 1400 متراً.