قدرة الله

تاريخ النشر: 04/07/17 | 2:32

الحمد لله رب العالمين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله – صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً- كثيراً إلى يوم الدين، أما بعد:
فإن قدرة الله – تعالى – لا تماثلها قدرة، وقوته لا تساويها قوة، فكم أضحك من سن، وأبكى من عين، وخلق الضدين، وأوجد النقيضين، وجعل المتشابهين، وأنشأ المختلفين؛ ليلاً ونهاراً، وحراً وبرداً، ونوراً وظلاماً، وشدةً ورخاءً، وقوةً وضعفاً، وخوفاً وأمناً؛ فيا لله ما أحلمه، ويا لله ما أعلمه، ويا لله ما أحكمه، ويا لله ما أقدره.
من عظيم قدرته:
·أن تبجح قوم موسى – عليه السلام – بالسحر؛ فجاءت قدرته، ونفذ أمره، وتحقق وعده، فإذا عصى موسى {تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ}1.
·وأن شَكَتْ خولةُ بنت ثعلبة للرسول – صلى الله عليه وسلم – أمرها، وأخبرته سرَّها، وعائشة – رضي الله عنها – في طرف البيت لا تسمع إلا همساً، ولا تعلم حساً، فأنزل الله {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ}2.
·قال فرعون {هَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِن تَحْتِي}3؛ فأجراها الله من فوقه، فدمَّر ملكه، وشتت شمله، وفرق جمعه، وأغرقه في اليم، وقال: {فَانتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَكَانُواْ عَنْهَا غَافِلِينَ}4.
·هدى ثمود فاستحبوا العمى على الهدى {فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ الْعَذَابِ الْهُونِ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ}5.
· صبَّح بالهلاك عاد، وخرَّب دار شداد وما شاد، وهدَّم إرم ذات العماد، {الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ}6، فلا تظن أنك من نقمته ناج، ولو سكنت الأبراج، وإلا فسل:
أين الملوك ذوي التيجان من يمن وأيـن منهم أكاليـل وتيجـان
وأين ما شـاده شـداد في أرم وأين ما ساسه في الفـرس ساسان
وأين ما حازه قارون من ذهـب وأين عـاد وشـداد وقحطـان
أتى على الكـل أمر لا مرد لـه حتى قضوا فكـأن القوم ما كانوا
·قال النمرود {أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ}7، فجاء الجواب من القوي القادر على لسان إبراهيم – عليه السلام – فقالَ {إِنَّ اللّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ}، فكانت الخاتمة والنهاية أنَ {بُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}8.

·أكرم قوم سبأ بجنتين عن يمين وشمال، وأسبغ عليهم نعمه ظاهرةً وباطنةً: {فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُم بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَى أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِّن سِدْرٍ قَلِيلٍ}9، وقارب بين أسفارهم رحمةً بهم فما عرفوا النعمة، وما رعوها حق رعايتها فقالوا {رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا وَظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ فَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ}10.
وفي الختام: هذه بعض الإشارات البسيطة التي أحببت أن أشير بها إلى قدرته العظيمة التي لا تستطيع أن تعبر عنها الكلمات مهما كان كاتبها، ولا تفي بها العبارات مهما كانت صياغتها، فوالله لوكانت البحار مداداً، والسماوات والأرض ألواحاً، والخلائق يكتبون المديح، ويملون الثناء؛ ما استطاعوا أن يحيطوا قدرته وصفاً، وعظمته حفظاً.
والحمد لله أولاً وآخراً.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة