أسماء على وزن فَعْلون حمدون وسعدون وزيدون

تاريخ النشر: 09/05/17 | 5:43

سمّى أهل المغرب والأندلس أسماء تنتهي بواو ونون، نحو: زيدون، خَلدون، عَبدون، حفصون، فتحون، رحمون، حسون، سمحون…إلخ
ربما كانت هذه الأسماء للتدليل، أو قد تكون للتفخيم، وفي كليهما تحبّب وإعزاز، وسآتي على ذلك.
هل هي ممنوعة من الصرف؟
في كتاب “شرح الأشموني على ألفية بن مالك، ج2، ص 533)، يمنع صرف هذه الأسماء للعلمية وللعجمة، فالعجمة يعللها الأشموني- إذ يقول:
“يرى أبو علي أن حمدون وشبهه من الأعلام المزيد في آخرها واوٌ بعد ضمّة ونون لغير جمعيّة لا يوجد في استعمال عربي مجبول على العربية، بل في استعمال عجمي حقيقة أو حكمًا، فأُلحِق بما منع صرفه للتعريف والعجمة”.
غير أن إبراهيم السامرائي في (فقة اللغة المقارن، ص 195) يرى أن الاسم منها ينوَّن لأنه مصغّر نُقل إلى العلمية، فنقول رأيت زيدونًا.
كذلك يرى الدكتور إبراهيم السامرائي أن علامة التصغير الحقيقية هي الواو، وأما النون التي بعدها ما هي إلا زيادة أخرى زيدت من أجل ألا تنتهي الكلمة بهذا المدّ الطويل، وهي على هذا كالنون في: (مسلمون)-ن.م ، ص 136.
ذكر عبّاس حسن في (النحو الوافي، ج 1، ص 154) هذه المسألة، فرأى
أن يلزم آخرالاسم الواو والنون، فى كل الحالات، ويعرب بحركات ظاهرة على النون، مع تنوينها فيكون نظير “عَرَبون” من المفردات.
يضيف:
“ونرى أن الاقتصار على هذا الإعراب – أو على سابقه – أحسن فى العَلم المختوم بالواو والنون؛ مثل: زيدون؛ لما سبق فى نظيره المختوم بالياء والنون- إذا سُمِّي بجمع المذكر، أو بما ألحق به.
فإذا أريد جمع هذا العلم جمع مذكر سالمًا، لم يصح جمعه مباشرة – كما عرفنا – وإنما يصح جمعه من طريق غير مباشر، وذلك بالاستعانة بالكلمة الخاصة التى يجب أن تسبق هذا العلم، وتلحقها علامة الجمع رفعًا، ونصبًا، وجرًّا، وهذه الكلمة هى: “ذو” دون غيرها، وتصير فى الرفع: “ذوُو”، وفى النصب والجر: “ذَوِي” وهـ “مضافة”، والعلم بعدها هو “المضاف” إليه دائمًا، وفيه الإعرابات السابقة فيقال: جاءنى ذُوو حمدون، وصافحت ذَوِي حمدون، وأصغيت إلى ذَوي حمدون… فكلمة: “ذَوو” و “ذَوِي” تعرب على حسب حاجة الجملة، وترفع بالواو، وتنصب وتجر بالياء وتلك الكلمة هى التى توصل لجمع المسمى به”.
يثبت حسن عباس في المصدر نفسه رأي مجمع اللغة العربية، وهو المعتمد عليه اليوم:

“وقد اقتصر عليه المجمع اللغوي ومؤتمره- طبقًا لما جاء في ص 13 من كتابه الصادر سنة 1969 باسم كتاب “كتاب في أصول اللغة” ونص قراره تحت عنوان (صيغة فَعْلون وكونها عربية) وإعرابها:
ما كان من الأعلام منتهيًا بواو ونون زائدتين …له أمثلة منذ أقدم العصور العربية، فصيغته عربية، وعليها صيغ ما ورد من أعلام المغرب، وهو يعرب إعراب المفرد بالحركات على النون مع التنوين، ومع لزوم الواو، فإن كان علمًا لمؤنث منع من الصرفية… ويأخذ هذا الحكم ما كان منتهيًا بياء ونون”.
قلت بَدءًا إن الاسم شاع إما للتدليل أو للتفخيم.
أما التدليل فذلك ما يجري في بعض اللغات السامية، ومنها العبرية التي تضيف الواو والنون لأغراض شتى منها التدليل.
وفي موسوعة الأندلس ما يؤكد فكرة التعظيم:
ابن زيدون، ابن خَلدون، ابن حفصون، ابن فركون، ابن عبدون، ابن سلمون، ابن وهبون…هي شخصيات أندلسية شهيرة قاسمها المشترك مقطع- “ون” المضاف إلى أواخر أسمائهم. وقد انتبه بعض المؤرخين لهذه الظاهرة، ووجدوا لها تفسيرًا تعود أصوله للغة القشتالية التي وجدت لها مكانًا في الكلام العامي لأهل الأندلس آنذاك.
و لعل المؤرخ أحمد الرازي (887م-955م) أقدم من أشار إلى هذا في نص نقله عنه الونشريسي في كتاب “المعيار” إذ يقول في أثناء حديث عن ابن حفصون:
“فولد عمر بن جعفر حفصًا المعروف بحفصون – أريد به التكبير”.
فـ “ون” هي إذن للتعظيم و التكبير.
و قد اعتبر الدكتور المغربي محمد بنشريفة أن مقطع (un )= “ون” هو من آثار عجمية الأندلس في العامية العربية. حيث أن القشتالية القديمة تستخدم un”ون” للتعظيم.
(تذكر الموسوعة المصدرين: محمد بنشريفة- “تاريخ الامثال والأزجال في الأندلس والمغرب”، ج1 ص 350، الونشريسي- “المعيار” جزء 5 ص 81).
..
كذلك كثرت في الأندلس وفي المغرب تسميات لم تكن مألوفة في أسماء الأعلام في الشرق، منها ما هو على وزن فعّول، مثل حمّود، ومنهم بنو حمّود الأندلسيون المنتمون إلى حمّود بن ميمون.
ومن أسمائهم عبّود، وقد ضرب بأحدهم المثل ، فقيل: أنوم من عبود.
(انظر عبد السلام هارون، كنّاشة النوادر، ص 22)
..
أما المثل فقد ورد في تاج العروس للزَبيدي في مادة (عبد):
“عبّود كتنور:
رجل نوّام، نام في محتطبه سبع سنين، فضرب به المثل. وفي أمثال الأصفهاني:
أنوم من عبود، وذكر المفضل بن سلمة أن عبودًا كان عبدًا أسود حطابًا، فغبر في
محتطبه أسبوعًا لم ينم، ثم انصرف، فبقي أسبوعًا نائمًا، فضرب به المثل.
مثل ذلك كثر في الشرق أيضًا، فاسم عبود اسم تحبب من (عبد) وحمّود وحمّودة وحمّودي وحمادي هي اسماء تدليل من (محمد أو أحمد) كما هو الشائع في تدليلنا اليوم.

ب.فاروق مواسي

‫2 تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة