كلنا بني آدم…
تاريخ النشر: 09/08/11 | 12:52هل شعرت يوماً يا قارئي أنك تعيش في جوّ غريب في بلدك, وكأن بلادنا تعزف موسيقاها الخاصة التي لاتتجانس مع موسيقى عالمك؟! وكأنه يوجد خلل جوهري في الأسسِ والمعايير البسيطة التي ينبغي أن تكون محفوظةً للبشر, في كل مكان وزمان. أقول لك يا سيدي الكريم نحنُ أفراداً وجماعاتٍ نفتقر إلى مفهومٍ مهمّ للغاية, يوازي الحرّية في أهميته وهو تقبّل الآخر.
في الحقيقة إن الحرّية وتقبّل الآخر مفهومان متلازمان, يستحيل أن يفترقا في مجتمعٍ فاضل. وتقبّل الآخر لا يأتي إلا نتيجة النظرة العامّة إلى الإطار الكبير, وتجاهل الأُطر الصغيرة ضمنه من تاريخ وديانة وإنتماء, وإذا إستطاع الإنسان أن يغيّر برمجة فكره ويحطم في ذهنه تلك الحدود الوهمية, التي خلقها المجتمع بين الإنسان “العاقل” والإنسان “الصايع”, وكأن الدّنيا خلت إلا من لونين, أبيض وأسود, وكأن عقول البشرية كلها يجب أن تدرج تحت تصنيف أبي وأبيك, جدي وجدك, في إحدى خانتين, إما صالح وإمّا طالح, إذا إستطاع الإنسان الإستغناء عن هذه العقلية البالية فإنه سيبدأ برؤية الحياة بصورتها الحقيقية, وبكلّ تنوعها وتلوّنها وخِياراتها وطرقها المختلفة, والتي ليس بالضرورة أن تكون صحيحة أو خاطئة, إن لكل إنسان يا صاحبي كيانٌ فريد من نوعه, لا يتغيّر مهما كان رأيك فيه, ولن يعززّ تقبلك له والسماح له بالتعبير عن نفسه بحرّية وراحة, إلا من الحب والوئام بينك وبينه.
نحن خلقنا, ولم يؤخذ كمالنا بعين الإعتبار, والبحث عن الكمال هو وهم!, فكفانا أنفة زائفة, وكفانا تظاهراً, بأننا إذا كنّا كذا صرنا أحسن من بقية الناس والأمم, وإذا فعلنا كذا صرنا أحسن الخلق والبشر, وإذا أكلنا كذا هوينا إلى سويّة الأبقار والدواب!, كفاك إصداراً للأحكام على الناس لمجرّد إختيارهم طريقة في عيش حياتهم قد لاتروقك ولا تتفق مع ما تعيشه أنت, وأخرج من الصندوق المغلق في تفكيرك, وإعلم أنه لو كانت دنيانا خاليةً إلا من الأبيض والأسود, لكنّا الآن نعيش في وجود آخر مع الديناصورات في عالم الأحياء المنقرضة!
يقول ألبرت إليس:
“تقبّل الآخر لا يعني أن تحبّه, أنت تحبّ شخصاً إذا إمتلك صفات محببة, ولكنّك تتقبل الجميع لمجرّد كونهم أحياءً وبشراً”.
لا عقلان يتشابهان ولا شخصيتان تتشابهان ولا شخصان يتشابهان ولا أحد كامل. فما نحن إلا مجرّد بشر, فلا يهم ما هو دينك, شكلك, لونك, إيمانك, طريقة حياتك, فأنا أحترمك لأنك إنسان.