لأول مرة..قياس تقلبات درجة حرارة الثقب الأسود
تاريخ النشر: 18/04/17 | 1:55حقق العلماء أول رؤية تفصيلية لحقيقة التدفقات القادمة من الثقب الأسود الضخم الموجود في المجرة النشيطة IRAS 13224-3809 والتي كشفت عن حصول تغير في مقاييس درجة الحرارة خلال فترة زمنية تقدر بأقل من ساعة واحدة فقط، وهي نتيجة أسرع بمئات المرات من كل النتائج السابقة، كما أشارت هذه الدراسة بأن التغيرات في درجات الحرارة في التدفق القادم من الثقب الأسود يرافقه تغير في أشعة أكس القادمة من القرص المتنامي وهو قرص غباري كثيف يحيط بالثقب الأسود.
تعتبر تدفقات الغاز السمة الرئيسية لوجود الثقوب السوداء النشيطة في مراكز المجرات، التي تصل كتلتها إلى ملايين أو مئات ملايين المرات أكبر من كتلة الشمس، وتتغذى هذه الثقوب السوداء على أقراص الغبار الموجود حولها، وفي بعض الأحيان تلتهم الثقوب السوداء مادة تزيد عن حاجتها وعن المادة المعتادة فتقذفها “تتجشأ” نحو الفضاء على شكل رياح أو تدفق فائق القوة، وهذه الرياح تؤثر بشكل كبير على طبيعة ونمو المجرة التي يوجد بمركزها الثقب الأسود من خلال قذف الغاز بعيدا ومن ثم منع ولادة النجوم الجديدة التي تولد من هذا الغاز.
وقالت الباحثة ايرين كارا Erin Kara مساعدة الباحث الرئيسي لهذه الدراسة التي نشرت فيها ورقة علمية في العدد الصادر يوم 2 مارس 2017 الجاري في مجلة “نيتشر” Nature أنه على الرغم من أنهم شهدوا مثل هذه التدفقات من قبل، لكن هذه المرة الأولى التي نتمكن فيها من رؤية الغازات المنطلقة والتي تتوافق مع التغير في لمعان الثقب الأسود، وأضافت أنهم اجروا هذه البحوث بدعم من تلسكوب “نوستار” الأمريكي NASA’s NuSTAR (Nuclear Spectroscopic Telescope Array) telescope وتلسكوب “نيوتن” الأوروبي XMM-Newton وتم التقاط الاختلاف في الإشارات الراديوية، كما رصد الثقب الأسود لمدة 17 يوما متواصلة بواسطة تلسكوب نيوتن، بينما تم رصد الثقب الأسود لمدة سبعة أيام بواسطة تلسكوب نوستار.
ومن اجل قياس درجة حرارة هذه التدفقات والرياح المنطلقة، فقد درس العلماء الرياح القادمة من أطراف الثقب الأسود بواسطة الأشعة السينية أو كما تسمى أيضا أشعة أكس، وعلى اعتبار أنها تتحرك جهة كوكب الأرض، وفي طريقها تعبر من خلال السحابة المحيطة بالثقب الأسود، وإذا ما كانت هنالك عناصر معينة في التدفق مثل الحديد والمغنيسيوم، فإنها ستمتص جزء من الأشعة السينية وبالتالي تظهر انخفاضات في معدل ظهور الأشعة السينية في الطيف، ومن خلال الانخفاضات يمكن للعلماء معرفة تركيب التدفق أو الرياح القادمة من الثقب الأسود.
وبعد أجراء التحاليل لاحظ العلماء ملامح لامتصاص بعض العناصر التي اختفت ثم عاودت الظهور مرة أخرى في غضون ساعات قليلة، وخلص العلماء نتيجة لهذه الحالة أنه عند تسخين الأشعة السينية للرياح والتدفق القادم من الثقب الأسود لتصل إلى ملايين الدرجات المئوية، وعند هذه النقطة تصبح الأشعة السينية غير قادرة على امتصاص نسبة أخرى من الأشعة السينية، وعليه فأن الأرصاد كشفت بأن التدفقات والرياح مرتبطة مع الأشعة السينية، بالإضافة أيضا انهما يقترنان معا بالتغير في درجة الحرارة، وتحديد بالضبط أين يمكن أن تنشأ الأشعة السينية والخارجة أيضا.
وكشفت الباحثة كارا أن تدفق الغاز المشع داخل الثقب الأسود يتغير بحسب مركزه، وذلك لأنهم شاهدوا التغير السريع في الرياح، وهم يعلمون أن الانبعاثات تأتي من مسافة قريبة جدا من الثقب الأسود، ولأنهم شاهدوا حدوث تغير سريع في الرياح خلال فترات زمنية قصيرة جدا، فهذا يعني أنها فعلا قادمة من مسافة قريبة من الثقب الأسود.
يجد الفريق العلمي في هذه الدراسة انهم بحاجة لرصد هذا الثقب الأسود بأطياف أخرى، لكي يتم الحصول على المزيد من المعلومات حول هذه التدفقات، فعلى سبيل المثال لا يعرف الباحثون ما إذا كانت هذه التدفقات تتكون من واحد أو أكثر من صفائح الغاز، لذاك فهم بحاجة لرصد التدفق بحزم طيفية متعددة بالإضافة للأشعة السينية والتي من شانها أن تسمح لنا بالكشف عن التركيب الجزيئي للغاز والغازات الباردة التي يمكن أن تكون مدفوعة بواسطة التدفقات ذات الطاقات العالية، وجميع هذه المعلومات قد تكون حاسمة في فهم كيفية ارتباط هذه التدفقات مع نشوء وولادة المجرات.