طابعة تعتمد الماء بدلاً من الحبر
تاريخ النشر: 19/02/14 | 3:37ابتكر علماء صينيون طريقة مبتكرة في الطباعة، تعتمد على التغييرات الكيمياية في ورق خاص صنعوه بأنفسهم، يتلون بالكلمات.
بمعنى آخر، عكسوا طريقة الطباعة وجعلوها تعتمد على الورق وخراطيش الماء بدلًا من خراطيش الحبر.
وليس هذا غريبًا على الصينيين، فهم أول من صنع واستخدم الورق.
وكتب العالم لان شينغ وزملاؤه إنهم يصنعون مستقبل الطباعة، لأن الطريقة الجديدة تتيح للإنسان مسح الورق المستهلك وإعادة استخدامه، فيمكن لاستخادم الأصباغ الطبيعية وطريقة الطباعة بالماء أن تقتصد في استهلاك ملايين الأطنان من الورق والاحبار على المستوى العالمي، وفي الطاقة، وتقليص تلوث البيئة بغاز ثاني أوكسيد الكربون وذرات السخام التي تنبعث من أجهزة الطباعة.
ورق من طبقات
اكتشف الصينيون ألوانًا طبيعية شفافة حينما تكون جافة، لكنها تتلوّن بمختلف الألوان بعد ثوانٍ فقط من تماسها مع الماء.
عملوا بعدها على دمج جزيئات هذه الأصباغ في بنية الورق الخاص الذي صنعوه خصيصًا لهذه العملية.
وبحسب تقريرهم، فقد اكتشف لان شينغ وزملاؤه ثلاثة أنواع من هذه الأصباغ التي تتأثر بالماء، واطلقوا عليها اسم “هايدروكروم”.
المادة الأساسية في هذه الألوان هي مادة "اوكسازولين" الطبيعية، التي تمنح طيفًا حادًا من الألوان، وهي رئيفة بالبيئة.
وصنع العلماء الورق الخاص من عدة طبقات غاية في الرقة، تتألف الأولى من ورق اعتيادي يؤلّف الطبقة القاعدية، ثم طبقة أخرى من مادة بوليثيلين غلايكول بمثابة مادة رابطة بين الألوان والماء، تأتي بعدها الطبقة الثالثة التي تحتوى على جزيئات هايدروكروم.
اما الطبقة العليا، فهي طبقة ورقية شفافة هدفها منع تأثر الورق برطوبة اليد أوالعوامل الطبيعية، كرطوبة الهواء.
مسح الورق في الفرن
تظهر النصوص على الورق بلون كحلي لكن بألوان حادة وسهلة القراءة.
وتحتفظ ورقة من الجيل الأول بالنص طوال 22 ساعة قبل أن تبهت قليلًا.
وهذا يعني أن هذا النوع من الـورق سيكون حاليًا ملائمًا تمامًا للإستخدام المؤقت، في المسودات والوثائق المؤقتة، ويمكن بعدها مسح الورقة تمامًا باستخدام الحرارة.
ويكفي وضعها في فرن المطبخ بحرارة 70 درجة مئوية ولفترة 30 ثانية كي تختفي النصوص تمامًا، فتعود الورقة بيضاء كما كانت.
ويخطّط العلماء منذ الآن لإنتاج الورق بقدرة الاحتفاظ بالكلمات لفترات مختلفة، ولمختلف الاستخدامات، وذلك من خلال التلاعب بسماكة وكمية الألوان المستخدمة، وبكمية الماء المستخدمة في اظهارها أيضًا.
وتبدو طريقة المسح، من الناحية البيئية، أقرب إلى الطرق العربية القديمة منها إلى الطرق الأوروبية الماثلة، إذ كانت السلطات الأوروبية في العصور القديمة تميل إلى حرق الكتب التي لا تتفق مع سياساتها، في حين كان العرب “يغسلون” هذه الكتب ويعيدون استخدامها.
اقتصاد بالكلفة والورق
رغم دخولنا عصرًا متقدمًا من التقنية الرقمية، إلا أن حلم المكتب الخالي من الورق ما يزال بعيدًا عن أرض الواقع.
وتشير الدراسات البيئية إلى أن 90 بالمئة من المعلومات التي يجرى التعامل بها في المكاتب، على المستوى العالمي، ما زالت تجرى على الورق.
وبحسب العلماء الصينيين، سعر طباعة الورقة الواحدة بالماء لا يشكل سوى واحد على سبعة من سعر طباعة الورقة الواحدة بالحبر.
كما لايشكل الورق المدور على المستوى العالمي سوى نسبة قليلة من كميات الورق المستخدمة على المستوى العالمي.
وما زال البشر يقطعون مساحات هائلة من الغابات كي يستخدموها في صناعة الورق.
هذا، في حين أن الورقة الواحدة من ورقة هايدروكروم يمكن غسلها من النصوص واعادة استخدامها 10 مرات قبل أن تبهت ألوانها.
ويشير صندوق البيئة الدولي إلى أن استهلاك الورق على المستوى العالمي، رغم التدوير، قفز من 330 مليون طن في العام 1970 إلى 381 مليون طن في العام 2006، وينتظر أن يقفز الرقم إلى 440 مليون طن في العام 2015.
وتستخدم نسبة 50 بالمئة من الأشجار المقطوعة في العالم بصناعة الورق، وتنتج ألمانيا وحدها 26,3 مليون طن من الورق سنويًا، وهذا يزيد عن استهلاك قارتي أفريقيا وأميركا الجنوبية من الورق سوية.
واقتصاد بالحبر
الطباعة التقليدية لا تأتي على حساب التشجير فحسب، وإنما على حساب صحة البشر وتلوث الجو المباشر بذرات الأحبار المنطلقة من أجهزة الطباعة.
وتقدّر منظمة انترناشيونال داتا كوربوريشن استهلاك 30 خرطوشة حبر كل ثانية على المستوى العالمي.
وتباع سنويًا في العالم 942 مليون خرطوشة، منها 314 مليون خرطوشة في أوروبا.
كما أن فصل الأحبار التقليدية تمامًا عن الورق متعذر جدًا، ولا يتم في تدوير الورق إلا بعد عمليات تتطلب استخدام مواد كيماوية اضافية، لا تخلو من ضرر على البيئة، وتستهلك كميات كبيرة من الماء والطاقة.