في السحور بركة

تاريخ النشر: 01/08/11 | 6:51

جاء في الحديث المتفقِ عليه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «تَسَحَّرُوا فَإِنَّ فِي السُّحُورِ بَرَكَةً»، ففي هذا الحديث أمرٌ بالتسحر, وهو الأكل والشرب وقت السحر استعداداً للصيام، وذكرٌ للحكمة من ذلك وهي حلولُ البركة.

البركة هي نزولُ الخيرِ الإلهي في الشيء، وثبوتُه فيه, والبركة كذلك تعني الزيادة في الخير والأجر، وكلِّ ما يحتاجه العبد من منافع الدنيا والآخر, والبركةُ إنما تكون من الله، ولا تنال إلا بطاعته عز وجل, ومما يلحظ على بعض الصائمين أنه لا يأبه بوجبة السحور، ولا بتأخيرها, فربما تركها البتة، وربما تناول الطعام في منتصف الليل، أو قبل أن ينام، إما لخوفه من عدم القيام، أو لرغبته في النوم مدة أطول، أو لقلة مبالاته بالسحور وبركاته، أو لجهله بذلك, وهذا خلل ينبغي للصائم تجنبه, لما فيه من مخالفة السنة، وحرمان بركات السحور.

فأنصح الصائم بالسحور، وأن يؤخر سحوره إلى ما قبيل الفجر ولو كان السحور قليلاً, لما في ذلك من الخيرات والبركات العظيمة، فمن ذلك أنه إستجابة لأمر الرسول (صلى الله عليه وسلم) حيث قال في الحديث المتفق عليه: «تَسَحَّرُوا فَإِنَّ فِي السُّحُورِ بَرَكَةً»، وكفى بذلك فضلاً وشرفاً, قال الله تعالى: {مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ}، وقال: {وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً}.

ومن بركاته أنه شعار المسلمين، وأن فيه مخالفةً لأهل الكتاب، قال النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه مسلم:« فَصْلُ مَا بَيْنَ صِيَامِنَا وَصِيَامِ أَهْلِ الْكِتَابِ، أَكْلَةُ السَّحَر ِ». ومن ذلك حصولُ الخيريةِ، والمحافظةُ عليها, وعن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال: «لاَ يَزَالُ النَّاسُ بِخَيْرٍ مَا عَجَّلُوا الْفِطْرَ » رواه البخاري ومسلم.

ومن بركات السحور أن فيه تقويةً على الطاعة، وإعانةً على العبادة، وزيادةً في النشاط والعمل, ذلكم أن الجائعَ الظامئَ يعتريه الفتور، ويَدِبُّ إليه الكسل, ومن بركات السحور حصول الصلاةِ من الله وملائكته على المتسحرين، فعن إبن عمر رضي الله عنهما مرفوعاً: «إِنَّ اللَّهَ وملائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى المُتَسَحِّرِينَ» رواه إبن حبان، والطبراني في (الأوسط)، وحسنه الألباني, ومن بركات السحور أن فيه مدافعةً لسوء الخلق الذي قد ينشأ عن الجوع, ومن بركاته أن وقت السحور وقت مبارك, فهو وقت النزول الإلهي، كما يليق بجلال الله وعظمته، قال النبي (صلى الله عليه وسلم): «يَنزِلُ ربُّنا تباركَ وتعالى كلَّ ليلةٍ إلى السماءِ الدُّنيا حين يَبقى ثُلثُ الليل الآخرُ يقول: مَن يَدعوني فأستجيبَ له، مَن يسألني فأُعطِيَه، من يَستغفِرُني فأغفِرَ له» رواه البخاري.

ومن ذلك أن وقتَ السحرِ من أفضل أوقات الإستغفار إن لم يكن أفضلَها، كيف وقد أثنى الله عز وجل على المستغفرين في ذلك الوقت بقوله: {وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَارِ}، وقوله: {وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ}, فالقيام للسحور سببٌ لإدراك هذه الفضيلة، ونيلِ بركات الإستغفار المتعددة, ومن بركات السحور أن تناولَه في حد ذاته عبادةٌ إذا نَوَى بها التَقَوِّيَ على طاعة الله، والمتابعةَ للرسول (صلى الله عليه وسلم). ومن ذلك أن الصائم إذا تسحر لا يملُّ إعادة الصيام، بل يشتاق إليه، خلافاً لمن لا يتسحر, فإنه يجد حرجاً ومشقةً يُثْقِلان عليه العودة إليه.

ومن بركات السحور أن الله سبحانه يطرحُ الخيرَ في عمل المتسحر, فحريٌ به أن يوفّقَ لأعمال صالحة في ذلك اليوم, فيجد إنبعاثاً لأداء الفرائض، والنوافل، والإتيان بالأذكار، والقيام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ونحو ذلك، بخلاف ما إذا ترك السحور, فإن الصيام قد يثقله عن الأعمال الصالحة, وبالجملة فإن بركاتِ السحورِ كثيرةٌ، ولا يمكن الإتيانُ عليها أو حصرُها, فلله في شرعه حكمٌ وأسرار تحار فيها العقول، وقد لا تحيط منها إلا بأقل القليل, فحريٌ بنا أن نستحضر هذه المعاني العظيمة، وأن نُذَكِّرَ إخواننا بها، والله المستعان وعليه التكلان، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة