حقيقة التيار النفاث الضخم بالغلاف الجوي لكوكب زحل
تاريخ النشر: 03/02/17 | 6:19الغلاف الغازي المحيط بكوكب زحل مكون من الهيدروجين وضخم جدا وأكبر من الغلاف الغازي لكوكب الأرض بحوالي عشر مرات، ويوجد في الغلاف الغازي لكوكب زحل تيارا نفاثا jet stream اقوى من أي تيار نفاث في المجموعة الشمسية، وتصل سرعة الرياح في هذه التيارات النفاثة 1650 كيلومترا في الساعة وتتجه من الغرب نحو الشرق بالقرب من خط الاستواء، أي أعلى من سرعة رياح أقوى الأعاصير التي تنشا بالقرب من خط استواء الأرض بحوالي ثلاثة عشرة ضعفا، كما يمتد هذا التيار النفاث من الشمال إلى الجنوب مسافة 70 الف كيلومترا، وهو أكبر بخمسة أضعاف مثل حجم كوكب الأرض.
حتى كتابة هذه السطور لا توجد نظرية تفسر طبيعة هذا التيار النفاث في كوكب زحل ولا طبيعة الطاقة التي تغذيه، وبالرجوع إلى سنة 2003م حذر نفس الفريق العلمي في مقال نشر في مجلة “الطبيعة” Nature من انخفاض حاد في الرياح على مستوى السحب بالمقارنة مع نفس الملاحظة عندما زارت مركبة الفضاء فواياجير-2 الكوكب في وقت سابق.
وفي شهر يونيو من العام الماضي 2015 وباستخدام تلسكوب قطره 28 سنتمترا المسمى Aula EspaZio Gela اكتشف العلماء بقعة بيضاء white spot تقع بالقرب من خط استواء كوكب زحل تتحرك بسرعة 1600 كيلومترا في الساعة، وهي السرعة التي لم يتم ملاحظتها منذ سنة 1980م، وفقا لرئيس الفريق العلمي “أوغسطين سانشيز-ليفيجا ” Augustin Sánchez-Lavegaمن جامعة بلاد الباسك University of the Basque Country.
وقال أن الفريق العلمي حصل على هذه المعلومات في الشهور الماضية بواسطة الكاميرا “بلانيت كام” PlanetCam camera التي طورها فريقه العلمي نفسه، وتم تركيبها على تلسكوب قطره 2.2 مترا التابع لمرصد “كالار التو” Calar Alto Observatory الموجود في إسبانيا، وتمت مقارنة الصور مع صور أخرى تم التقاطها بواسطة مراصد فلكية أخرى، والتي ساعدت على حساب سرعة البقعة البيضاء. ولكي يتأكد الباحثون من دقة المعلومة فقد تم الاستعانة بتلسكوب الفضاء هابل التي ساعدت على تصوير مناطق كان من الصعب التقاطها من المجسات الفضائية التي تزور زحل مثل كاسيني.
ومن خلال دراسة السحب التي تشكلت منها البقعة البيضاء التي تعتبر عاصفة هائلة تبلغ سرعة الرياح فيها حوالي 7000 كيلومترا في الساعة، تمكن الباحثون من التوصل إلى معلومات مهمة حول تركيب التيار النفاث الاستوائي الضخم في الغلاف الجوي لكوكب زحل، كما حدد الباحثون الارتفاعات المختلفة للهياكل الموجودة في الغلاف الجوي لزحل، وعرفوا أن سرعة الرياح أعلى بكثير من توقعاتهم السابقة وهي 1100 كيلومترا في الساعة لكن القياسات الحديثة أشارت إلى أنها 1650 كيلومترا في الساعة الواحدة وعلى عمق يصل إلى حوالي 150 كيلومترا، ومع أن الرياح الموجودة في العمق ذات سرعة ثابتة، إلا أنه في الطبقات العلوية للغلاف الغازي فان سرعة الرياح قابلة للتغيير بشكل كبير، وربما يعود ذلك إلى تبدل المواسم المشمسة على كوكب زحل، وزيادة الكثافة الناتجة عن تغير ظل الحلقات فوق خط استواء الكوكب.
وهنالك ظاهرة مهمة أخرى فيما يتعلق بالرصد الجوي فوق خط استواء كوكب زحل والتي يمكن أن تؤثر على حركة الرياح، حيث أن التقلب نصف السنوي Semi-annual Oscillation (SAO) الذي يحدث على ارتفاع 50 كيلومترا فوق السحابة والذي يؤدي إلى حدوث تقلب في درجات الحرارة وتغيير اتجاه الرياح من الشرق نحو الغرب، وإذا ما كانت الحالة الجوية معقدة فوق خط استواء زحل غير كافي لحل المشكلة، فأنه في هذه الارتفاعات حيث توجد ما يسمى “البقعة البيضاء العظيمة” Great White Spot تطورت في ثلاثة مراحل خلال السنوات 1876، 1933، 1990م، وهذه عواصف عملاقة تتحرك في جميع أنحاء الكوكب، وظهرت ست مرات فقط خلال المائة وخمسين عاما الماضية.
تحدث مثل جميع هذه الظواهر على كوكب الأرض، ولكن من خلال فهمنا للنماذج المشابهة في الكواكب السيارة الأخرى، يمكن أن تساعدنا في وضع نماذج اكثر دقة عن طبيعة هذه الظواهر الجوية الغريبة.