الجليد على المريخ يوازي كمية الماء ببحيرة سوبيرير
تاريخ النشر: 14/01/17 | 6:08اجرى العلماء فحوصات على احدى مناطق كوكب المريخ المعروفة باسم “سهل أوتوبيا” Utopia Planitia والتي تقع في مناطق العروض الشمالية الوسطى لكوكب المريخ، وهي المنطقة التي هبطت فيها المركبة المريخية “فايكنغ-2” سنة 1976م ، وذلك باستخدام الرادار الخاص لقياس طبقات السطح الضحلة على متن المجس المريخي “شاراد” ground-penetrating Shallow Radar (SHARAD) الذي درس اكثر من 600 معلومة حصل عليها الرادار واكتشف أن مساحة هذه المنطقة تقدر بمساحة ولاية نيومكسيكو الأمريكية، وتتكون من طبقة من الجليد المائي يقدر نسبته ما بين 50-85% مخلوطة بالغبار والأتربة وذرات الصخور يتراوح سمكها ما بين 80 إلى 170 مترا.
في موقع هذه الطبقة من المريخ، الواقعة على منتصف الطريق تقريبا من خط الاستواء باتجاه القطب، فأن جليد الماء لا يمكنه البقاء على سطح المريخ حتى يومنا هذا، حيث يتبخر الجليد بسبب الغلاف الجوي الرقيق للكوكب الجاف، إلا أن منطقة أوتوبيا محمية من التغيرات الجوية بغطاء من التربة يعتقد أن سمكه يتراوح ما بين 1-10 أمتار.
علقت الباحثة “كاسي ستورمان” Cassie Stuurman من معهد الجيوفيزياء في جامعة تكساس، والكاتبة الرئيسية للورقة العلمية التي نشرت في مجلة “رسائل البحوث الجيوفيزيائية” Journal Geophysical Research Letters المنشورة حديثا، حيث قالت إن هذه الطبقة ربما تشكلت نتيجة لتساقط الثلوج وتحولت إلى طبقة من الجليد المخلوطة بالتربة في فترة محددة من عمر المريخ حينما كان محور الكوكب مائلا أكثر مما هو عليه الآن.
يميل محور كوكب المريخ هذا العصر بمقدار 25 درجة، لذلك يتجمع الجليد في المناطق القريبة من الأقطاب، ويتغير ميلان محور كوكب المريخ حيث يكمل دورة كاملة حتى يعود لنفس النقطة كل 120,000 سنة تقريبا، ويتفاوت الميلان مرتين خلال هذه المدة الطويلة من الزمن، حيث يتم تدفئة مناطق الأقطاب ويذوب الجليد وينساب نحو مناطق العرض الوسطى للمريخ، ومن خلال استعراض الدورات المناخية للمريخ تم التوصل إلى أن الجليد يتجمع بعيدا عن الأقطاب خلال حدوث الميلان الكبير لمحور كوكب المريخ.
تغطي الطبقة الجليدية التي تمت دراستها مناطق على المريخ الواقعة على خطي عرض 39-49 شمالا تتضمن السهول الموجودة في المنطقة، وهي مساحة تمثل من 1% فقط من المساحة الإجمالية المغطاة بالجليد على سطح كوكب المريخ، لكن سمك هذه الطبقة الجليدية يزيد عدة أضعاف عن السهول الجليدية الأخرى الواقعة في السهول الشمالية للكوكب، حيث أن الجليد الموجود بالقرب من سطح المريخ يعتبر مهما لرواد الفضاء في المستقبل، حيث أنها ستكون مناسبة وسهلة لهبوط المركبات المأهولة على المريخ، وفقا للباحث المشارك في الدراسة “جاك هولت” Jack Holt من جامعة تكساس.
أن الماء الموجود في سهل أوتوبيا في حالة الجليد حاليا، وإذا ما حصل ذوبان لجزء منها الذي سيكون مهما لنشوء الحياة فأنه سيظهر بلا أدني شك في صور الرادار، ولكن في كل الأحوال لا يجب أن يتم استثناء ذوبان بعض المناطق الجليدية خلال التغيرات المناخية عندما كان المحور أكثر ميلانا، ولكن أين كان الماء الجليدي خلال هذه الفترة الزمنية الطويلة؟ الحقيقة أن العلماء لا يعرفون الجواب حاليا فيما إذا كان هنالك ماء سائل بما فيه الكفاية في وقت ماء يمكن أن يعزز وجود الكائنات الحية.
أن منطقة سهل أوتوبيا عبارة عن حوض ناتج عن ارتطام نيزك ضخم بالمنطقة في وقت مبكر جدا من عمر كوكب المريخ يبلغ قطرها حوالي 3300 كيلومترا، وعند هبوط المركبة فايكنغ-2 في هذه المنطقة توصلت إلى هذه النتيجة، وقد أشار العلماء إلى وجود منطقة مشابهة على الأرض في المنطقة القطبية الكندية مشابهة لمنطقة هبوط المجس على سطح المريخ، لكن الفارق أن الجليد في منطقة أوتوبيا المريخية يمكن أن يكون قد فقد قبل ملايين السنين حيث تشكلت المناطق الجيولوجية المتعرجة.
أن اكتشاف الجليد من قبل شاراد ومساحته الكبيرة يمكن أن يكشف لنا عن التاريخ الجيولوجي القديم للمريخ، كما يمكن أن يكشف لنا كيفية استغلال الجليد الموجود في المستقبل، من حيث دراسة توزيع الماء المريخي، ففي الماضي البعيد كان المريخ مليئا بالماء على شكل انهار وبحيرات، لكن أين ذهب هذا الماء؟ وهل تبخر إلى الغلاف الجوي؟ أن الرحلات المريخية في المستقبل هي التي يقع على عاتقها الإجابة على هذه الأسئلة.
أن العثور على الجليد المريخي وتوزيعه والحصول على عينات منها وفحصها، سيساهم في وضع الخطط المستقبلية لإرسال المركبات المأهولة إلى الكوكب، حيث سيكون مصدر الماء الرئيسي لرواد الفضاء.