قراءة في مجموعة “خطى الجبل” للشاعر محمد علوش

تاريخ النشر: 09/12/16 | 8:30

أهداني الشاعر محمد علوش مجموعته الشعرية الجديدة، خطى الجبل، أثناء زيارتي له بصحبة اعضاء هيئة تحرير الكتاب الثقافي الفصلي “كتابنا كتّابنا”، الشاعر ابراهيم مالك وزوجته أم مالك والسيد أحمد مصاروة، في مكتبه بمدينة طول كرم. هدفت الزيارة التعرف عليه وعلى نشاطاته الثقافية وفحص امكانيات التواصل بيننا وبين الاخوة والاخوات من أصحاب القلم، الفكر والفن، في الضفة الغربية المحتلة.

يقع الكتاب في 196 صفحة من القطع المتوسط وهو صادر لمناسبة يوم الثقافة الوطنية الفلسطينية ضمن منشورات وزارة الثقافة، البيرة – رام الله. قدم للمجموعة السيد صالح لبريني وهي تضم 68 قصيدة متنوعة، تعالج مواضيع مختلفة غالبيتها ضمن الهم الوطني الفلسطيني والعربي. القليل منها يأخذ منحىً شخصيا او فكريا عاما.

قبل ان أبدأ بقراءتي للمجموعة لا بد وأن أنوه ببعض الامور: اولها أنني لست ناقدا ادبيا مهنيا وإنما قارئ عادي يستهويني الشعر بصوره وموسيقاه وبالأفكار التي يناقشها أو الأسئلة التي يطرحها، ثانيها أن معرفتي بالشاعر محمد علوش ما زالت في بدايتها ولذلك قد افهم مما كتب غير الذي أراده، لكن هذا الفرق المحتمل بفهم مغازي القصائد، يبقى عندي ضمن حرية الكتابة وحرية القراءة، فمن حق الكاتب أن يكتب كيفما يشاء ومن حق القارئ أن يفهم كيفما يشاء.

الشاعر محمد علوش هو انسان مسيس وناشط جدا في الساحة السياسية الفلسطينية، فهو عضو اللجنة المركزية لجبهة النضال الشعبي الفلسطيني، عضو الامانة العامة للاتحاد العام لعمال فلسطين وعضو المجلس الوطني الفلسطيني. من هنا فليس من الغريب أن نجد العديد من قصائده، تعنى بالتوعية وشحذ الهمم وباتخاذ مواقف سياسية يؤمن بها وبفعاليات سياسية يدعو لها. مثل هذه القصائد لن أتطرق اليها في هذه القراءة بالتفصيل، لأنني وبالرغم من قناعتي بدور الشعر في تجنيد الجماهير والرأي العام، أرى أن اركز قراءتي في نواحي جمالية وموسيقية وفكرية …

من موقعه، من الطبيعي ان يشكل بعض القادة السياسيين والفكريين الفلسطينيين دورا هاما في فكره ووعيه، فسمير غوشة، غسان كنفاني، ناجي العلي، محمود درويش، رحمهم الله جميعا وغيرهم من الشهداء والقادة، حاضرون في المجموعة. منهم يستلهم بعض مواقفه. نقرأ على لسان ناجي العلي: “لوحاتي ضمائر لا تنام/ …/ قتلوني بعيدا/ ولكنني لم أمت/ أدرت ظهري لهم/ …./ أنا حنظلة/ …/ ولم أسلم أوراقي لشيطان المستحيل/ …”./
ولخالدة جرار يقول بصورة شعرية جميلة: “…./ وتحطمين قيد الخشونة في معصميك/ …”./ فما اجمل ان نتخيل أيديها الناعمة تحطم القيد الخشن. هذا التضاد بين نعومة الايدي ووهن معصميها وبين خشونة القيد وقوته يبرز الحدث غير المتوقع وهو كسر القيود بالمعصمين وليس العكس.
أما الشهيد خليل الزّبن فيأخذ موقعا مركزيا حين يروي الشاعر قصته ومواقفه بصور شعرية راقية ويخلص الى ندائه الاخير، أفيقوا!: / …/ ونعبر أودية الظلام/ …/ يكشف الظلاميون أنيابهم/ …./ يسرقون صدى الاغنيات/ ويقتلون الحلم/ …./ نهر الموت الأخير/ نركبه عابرين الى زمن آخر/ …/ من أنتم؟!/ …/ نحن العطشى / المفزوعون/ نحن الاحياء الاموات/ من خرائب القرى جئنا/ …./ من أرض الفراشات السجينة جئنا/ نلهث خلف غزال يعدو/ ويضيعنا/ …./ وأسئلة …./ ألعنها وتلعنني/ وتزجرني كلما حاولت النهوض/ …../ أنت المسكون بهاجسك الانساني/ يسكنك الألم/ …./ خليل يشق طريقه/ الى نهر الموت الاخير/ …./ ويهمس قبل خروج الروح/ أفيقوا!/ …/ فأفيقوا/ واتحدوا يا ابناء الارض/ وكونوا فداء للارض وللانسان”./

محمد علوش مسكون بالوطن بما فيه، ولا بد له من ذكر بعضا من أماكنه وأن يعبر عن عواطفه نحوها ومواقفه منها. فعكا سيدة البحر، وأريحا بلد القمر، “أوقدت أحلامَ من يأتونَ/ بعدي/ يلامسون ارض الحلم/ ويضيئون قناديل وصولهم/ بوحا لمدينة القمر/ وأفئدةً للبحر الميت/ مالحا من عرق الرفاق/ مسرجا شوقَهُ لمن يمتطون صهوة الحلم/ نحو المنتهى/ وانبثاق المستحيل.”./ والقدس لها ما لها من معزة في نفس الشاعر فعلى أبوابها “طفل تدثر بالمعاني/ يغني أغاني الصباح/ ../ سخرت من عساكرهم/ وأبت طفولته البريئة إلا أن تكون/ …/ وشاحا وراية/ …./ وعنفوان الصلاة في باحاتها/ أشجار تراقص الريح/ وأقصاها السجين قبلة المحبين/ وملاذ كلِّ عاشقٍ للأرض/ …”. وهي من واقعها تحت الاحتلال لا زالت تنتظر التحرير: هذي المدينة تجرحني يوميا/ …/ تتأصل في وجداني/ …./ ترصد جيلا (منصب القامة)”.

والشام ودمشق حاضرتان في قصائد المجموعة ومخيم اليرموك. فهو متيم بالشام ودمشق “خريطة للوجود/ …/ وبقيت عصية وعاصية/ ../ رسالتها خالدة في عرين الشمس/ …….”. واليرموك وما جرى فيه في السنوات الأخيرة يكشف عن تواطؤ العرب وموقف الشاعر من الحرب الدائرة في سوريا واضح، فهو واثق من انتصار الشعب السوري وتمسكه بمواقفه الثورية المناهضة لسياسات الاستعمار. / …./ العرب أكذوبة هذا العصر الوهمي/ …/ وسورية لن تبقى رهن اللحظة/ ستلفظ عنها وجه العار/ ستمرّغ هذا الارهاب في وحل اليرموك/ …/ سيعود اليرموك حصينا/ رمزا للثورة والثوار / عنوان كرامة شعب ينتظر العودة/ ….”.

وهو يذكر مصر ويعبر عن أهميتها ودورها الريادي: “…../ هي مصر/ ناصرها/ بنهضتها/ شعاع للغدير/ وقوس للنفير”./ والجزائر بلد المليون شهيد وثورتها ضد الاستعمار الفرنسي: “نزف الجزائر/ …./ مليون قبلة على جبينها الحر/ …/ ستنفض عنها وجه هذا الموت/ وتمضي بعنفوانها صوب حلم/…./ ويموت الموت على أرضها/ قهرا/ ….”. كذلك يتحدث عن الصين وزيارته لها من منظار الانسان الاشتراكي الذي يؤمن بالثورة الشيوعية وانجازاتها. ومن هذه المنطلقات ذاتها يحلل التركيبة الطبقية في المجتمع ويعلن عن موقفه المؤيد للعمال والفلاحين وسائر الطبقات المسحوقة، يتضامن معها ويساندها مشجعا لكي تحقق احلامها في قيادة مجتمعها. “صراع طبقي/ …./ ننادي بعضنا/ بعضا/ عمالا وفلاحين/ …/ طبقات محرومة/ …/ ثابروا نحو البقاء/ …/ عانقوا أحلامكم/ وطاولوا السماء في عليائها/ وسرحوا سحابكم/ حطموا القيود يا رفاقي/ أنتم الأعلون./ …./ ستكسبون المرحلة/ وتهدمون المقصلة/ ومعبد المال المخضب بالدماء/ …./ استرسلوا بالزحف لتشعلوا الارض سلاما/ أنتم روح مهجتي/ وتراتيل نشيدي الأممي”./ هذه القناعة بصحة وصدق قيم الاشتراكية الديموقراطية سنراها في قصائد أخرى هي اقرب الى النقاش الفكري منها الى الدور السياسي-التعبوي. لعل اوضح مثال على ذلك ضمن هذه المجموعة هي قصيدة “فوكوياما”. وفوكوياما هذا من دعاة الديموقراطية اللبيرالية ويرى فيها آخر مراحل تطور المجتمعات ونظام الحكم الأوحد والأمثل من حيث سيرورة التاريخ بنظره. وقد ألف كتابا يعنوان “نهاية التاريخ والانسان الأخير” يشرح فيه استنادا الى معطيات تاريخية لماذا برأيه كل أنظمة الحكم المتبعة سابقا زائلة ما عدا الديموقراطية الليبيرالية، أي الرأسمالية بمفهومها الجمهوري الامريكي. بحكم مبادئه وقناعاته نجد شاعرنا محمد علوش يعارض هذه النظرية: “فوكوياما/ …/ وما من انسان أخير/ أسئلة وجود صارخة/ …./ أمريكا أمريكا/ حظيرة ارهاب كوني/ …../ أمم بدايات أبدية/ لم تفنَ/ ولم ينته التاريخ يا فوكوياما”!
ويأتي رد محمد علوش من نظرته الاممية إذ يعدد الكثير من الحضارات والأمم خارج المسيحية الغربية ليثبت غير ما ذهب اليه فوكوياما والجمهوريون الجدد. لعل أكثر ما افتقدته في هذه القصيدة هو عدم ذكر “فقاعة 2008” وانفجارها المدوي الذي نسف أسس مذهب “السوق الحرة” وضرورة امتناع الحكومات عن التدخل بها. فقد أوجب انهيار هذا المبدأ حكومات دول “الديموقراطية الليبيرالية” أن تتدخل بشؤون السوق وهي بحكم نظرتها الرأسمالية لم تتوان عن ضخ تريليونات من اليورو والدولارات وغيرها لصالح انقاذ أصحاب رؤوس الاموال من البنوك والشركات العملاقة. إن الحكومة القادرة على اتخاذ مثل هذه الخطوات لضمان الربح الوفير لرؤساء الشركات ومديريها، كان من الأولى بها أن توفر المصادر المالية لصالح الفقراء والمعدمين، لصالح ذوي الاحتياجات الخاصة والمواطنين العاديين وتلبية احتياجاتهم الاساسية، من تغذية وتعليم وخدمات صحية وثقافية …..
كمراقبٍ نَبِهٍ للساحات السياسية المحلية والمنطقية والعالمية، نجد شاعرنا يتفاعل معها ومع نتائجها المدمرة، وهو يفكر في حالنا وفي تراثنا. فالعرب اصبحوا خارج التاريخ: “وصرنا ../ قربانا لغريم/ يشرب من دمنا/ ويحتسي من وضوء صحابةٍ/ ماءً ووعيدًا/ …/ ومن عربٍ/ …/ خرجوا من التاريخ/ ….”./ وهويتنا اصبحت مصدر قلق دائم، نتراوح فيه بين الحفاظ عليها وبين تغييرها بحيث تضمن لنا تحقيق اهدافنا كشعوب وأمة. “…./ تجلدنا الخرافة بالسياط/ …./ فلا تتركيني وحيدا يا سماء/ شقيَّ الهوى/ وبلا هُوِيَّة”. والعيد حين يعود، لا يعود لكل الناس، فمنهم الفقير البائس الذي لا يتمكن من الاحتفال، منهم السجين والمعتقل الذي همه ان يحظى بالحرية، منهم القابع تحت الاحتلال وينتظر الاستقلال، ومنهم ضحايا حروب العرب، من ايتام وأرامل ولاجئين. فهو بحكم تعاطفه مع كل هؤلاء يتساءل وبحق “لمن يعود العيد؟”: “……/ عيد الفقراء أنتَ؟/ …./ عيد الناس/ كل الناس؟/ أم عيد لناس؟/ …./ فكن للفقراء عيدا يا عيد/ …/ وقهر نجاسة المال/ وسطو البنوك/ ورياء الادعياء/ …./ فالإرث الفكري والحضاري يمكنه من جهة ان يغدق علينا بالثقة بالنفس وبوضوح الرؤيا، ومن جهة أخرى يمكنه أن يعيق مسيرتنا اذا ما تشبثنا بقشوره وابتعدنا عن ماهياته الايجابية. بحسب تجربة الشعوب العربية منذ أمد طويل، اخذ الإرث تأثيره الأخير وهو مما حد من تقدمها ورقيها وهذا ما يراه شاعرنا: “الذكريات إرث قديم/ …./ عاجزا أمامها/ تكبلني بقيودها/ وتزجرني كلما نويت النهوض”./

فنظرة الشاعر نجدها متباينة. احيانا يغرق في السوداوية: ” أَلِفْتُ الصورَ الميتة/ في أحداق العيون …/ الفت … الاحزان/ …./ في أجواء مشحونة بالهزيمة/ الكل سراب/ وسرابٌ إقناع الليل بأن يرحل”. وكأننا تحولنا الى مساكن للحزن والألم، وكأن الهزيمة نخرت هياكلنا بجذورها: “وأحمل روحي قربانًا/ لنارٍ سلبتني آلهةً تعبدني/ أتيت أحمل خيمة/ …./ وأوجاعي/ تسكنني كأني كهفها/ …/ وعيون قلب جريح/ الحزن سورته الأخيرةُ/ وصورتهُ الباقية”/ والربيع العربي بتجلياته المأساوية جعلنا نكره الربيع وكل الفصول. فقد كان لدى الكثيرين أمل بأن شيئا ما ايجابي آخذ بالتحقق، حتى انقلبت الامور واتضحت فأضحى الربيع احمر قانيا لشدة النزف بين كل ابناء العروبة. “وهم/ …./ يا ربيعا زائفا/ …./ ودفاتر ايامك محروقة/ فاتركنا وارحل/ قد سئمنا الربيع/ وكل الفصول.”./ بالإضافة، فقصيدة “مصلوبا كوجه قمر” من السوداوية بمكان بحيث تحتاج الى تحليل منفصل ومفصل، خارج سياق هذه القراءة.
هذا من جهة، أما من الجهة الاخرى فالشاعر محمد علوش، وبالرغم من سوداوية الظروف والأحداث، لا يفقد الأمل ولا يرعو عن التحدي: “يا سماء وجدي/ …../ وشمع دموعي في زمان السراب/ …/ وخمرة شوقي لنهرٍ طليق/ …./ أعزف للفجر صلاتي/ وأغمد جذري/ …./ وأمسح عن جدائلك الهزائم/ …/ وأنبض فيك ملحا وماء”./ ” ….. / متحلقين حول مائدة أدمتها المواعيد/ …./ كي يظل النشيدُ نشيدا/ …./ نوقد من دمنا نارا/ نشعلها افراحا لطيور الجنة/ حتى تتواصل الاعراس بنشوتها/ …”/ “للانتفاضات الصغيرةِ فلسفةٌ/ تأخذنا الى عالم الابجدية والمعجزات/ …./ وأطل من بين الأضرحةِ شهيدٌ/ لم يمت بعد/ …./ لن أبرح المكان/ ..”./
“…/ أحفظ سر زنبقتي/ وأبقى وفيا لوصايا النخيل/ …/ وقصيدة …/ تأبى الانكسار/ …/ شموسا للزهور/ وعودا للخيمة الباقية/ ../ تطل كغيمة عنيدة/ رغم جنون الغياب”./

المجموعة غنية بالتشبيهات المبتكرة ومنها على سبيل المثال تشبيه اغنية “اني اخترتك يا وطني” بالمنارة التي تضيء لترشد القادمين الى هدفهم ومن ثم يشبه المنارة بامرأة تكشف عن مفاتنها غواية لشديد شبقها وهي كالارض العطشى التي تنتظر ان تحيا من جديد. “هذا النشيد الاخير/ أول الكلمات/ ينطقها طفل في وأد ضحاه/ …/ (إني اخترتك يا وطني)/ …/ منارة تضيء الدروب/ …/ تشهر كل مفاتنها/ مثل امرأة/ مثل مراهقة تخجل/ او لا تخجل/ مثل امرأة جانحة نرفع ثدييها/ تنتصب أمام الشهوة/ …./ مثل الارض العطشى لحياة بعد الموت/ …/ تنتظر ولادة اشجار اخرى/. أو تشبيه الشهادة بالنزول عن الجبل والشهداء بحراس احلام من سبقهم من الشهداء. “سلاما لدم الضحية/ …./ لآخر النازلين عن الجبل/ لمن يحرسون حلمَ من سبقوا/ من القتلى/. كذلك نجد تشبيه المدينة بالمرأة الجميلة التي لا تكفي كتابة قصائدها بشكل عادي بل يجب حفرها في الذاكرة والأرض المشبهة بالسيدة المعشوقة والتي برغم ما تسببه من الجروح والآلام لعشيقها، يبقى على حبها. هذي المدينة المرأة/ …/ وقصائدها ../ لا تكتب/ بل تحفر في ذاكرة لا يغزوها النسيان/…./ فأنت النشيد…. / وأول الكلمات المنطوقة يا سيدة الكلمات/ تجرحينني يوميا/ وتذيقينني مرارة الاغتراب!/ …./ وأعد ذخيرتي من قاموسك الرحب/ لعنادٍ بعد العناد/ …/ وولادة بعد الانتظار!”./
وهو يشبه نفسه بالصارخ في البرية وبالمسيح المصلوب، “…../ فيا أيها الموتُ/ انتظرتك مرّاتٍ/ ولم تهزمني/ هزمتني الصحاري/ …./ اتخذتني قمرا للياليها الطويلة/ …./ وأنا أنا/ أصرخُ في البرية/ مسيحا تصلبني ذكراي/ ….”.
ولعل اجمل التشبيهات في المجموعة هو تشبيه الحاضر بصفحة ممزقة من كتاب بلا لغة: “لا وقت كي ننسى/ ……/ وحاضرنا / ليس سوى صفحة ممزقة/ من كتاب الماء/ بلا لغة/ …/ سفرا وهميا/ تكتبه الأيدي المرتجفة/ …../ نحو القتل الهمجيّ/ نحو المقهورين/ ضحايا الارهاب!”./ هذا المقطع، تكرر مرتين في المجموعة ، مرة في قصيدة “لا وقت للنسيان” ص 113-114 والاخرى كمقطع منفصل في قصيدة “الرضيع” ص 165-168 دون التنويه بالسبب لذلك.
في الديوان مجموعة من القصائد تقتضي وقفات خاصة منفصلة، فقصيدة “مقام السنديان” المهداة الى الشاعر محمد دلّة، هي من أكثر القصائد موسيقية، فالعديد من مقاطعها أتت على البحر الكامل بتفعيلتيه. “……/ هل جاء مريم وعدها/ …../ كن ما تريد/ مجد الولادة يحتضن/ ماء الندى/ لا تخاف من العدى/ عود الطيور الى الشجر/. وقصيدة “وصية في كتاب الغيب” جاءت تجريدية بمدى كبير كذلك قصيدة “عودة العاشق الوثني” كلاهما بحاجة الى قدر أكبر من التعمق والتحليل الموسع وربما الى حوار مع الشاعر نفسه.
في الختام، بودي أن أجمل بأن الشاعر محمد علوش وضع بين أيدينا مجموعة شعرية جيدة، تطغى عليها المواضيع السياسية الحارقة التي يعاني منها الفلسطينيون والعرب، تحمل همومهم وأحلامهم، تصور بعاطفة صادقة واقعهم وتطرح بحرارة أمانيهم في الحرية والاستقلال. مجموعة جديرة بالقراءة المتمعنة.
بقلم: د. حسام مصالحة

7osam

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة