خطبة الجمعة من كفرقرع بعنوان "من ظلم من الأرض شيئاً"

تاريخ النشر: 08/01/14 | 0:22

بحضور حشد غفير من أهالي كفرقرع والمنطقة؛ أقيمت شعائر خطبة وصلاة الجمعة من مسجد عمر بن الخطاب في كفرقرع الموافق 2 ربيع الأول 1435هـ؛ حيث كان خطيب هذا اليوم فضيلة الشيخ أ.عبد الكريم مصري آل أبو نعسه، رئيس الحركة الإسلامية في كفرقرع، وكان موضوع الخطبة لهذا اليوم المبارك "من ظلم من الأرض شيئاً"؛ هذا وأم في جموع المصلين فضيلة الشيخ كيلاني زيد، إمام مسجد عمر بن الخطاب.

حيث تمحورت الخطبة حول: روى البخاري في صحيحه أن سعيد بن زيد رضي الله عنه قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (من ظلم من الأرض شيئاً طوقه من سبع أرضين) وروى أيضاً عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من ظلم قيد شبر من الأرض طوقه من سبع أرضين). وروى أيضاً عن سالم عن أبيه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من أخذ من الأرض شيئاً بغير حقه خسف به يوم القيامة إلى سبع أرضين) والأحاديث في هذا الباب كثيرة، تدور على أن من أخذ من أرض غيره ولو بمقدار شبر طوق يوم القيامة من سبع أرضين، وفي رواية: (إلى سبع أرضين). وقد اختلف أهل العلم في هذا التطويق: فقيل أن معناه أنه يكلف نقل ما ظلم منها في يوم القيامة إلى المحشر ويكون كالطوق في عنقه.لا أنه طوق حقيقة، وقيل أنه يعاقب بالخسف إلى سبع أرضين أي فتكون كل أرض في تلك الحالة طوقاً في عنقه، وقيل أنه بعد أن ينقل جميعه يجعل الله في عنقه طوقاً، ويُعظم قدر عنقه حتى يسع ذلك كما ورد في غلظ جلد الكافر ونحو ذلك، فقد روى الطبري وابن حبان من حديث يعلى بن مرة مرفوعاً: (أيما رجل ظلم شبراً من الأرض كلفه الله أن يحفره حتى يبلغ آخر سبع أرضين، ثم يطوقه يوم القيامة حتى يُقضى بين الناس)، ولأبي يعلى بإسناد حسن عن الحكم بن الحارث السلمي مرفوعاً: (من أخذ من طريق المسلمين شبراً جاء يوم القيامة يحمله من سبع أرضين) قد يقول قائل، وكيف يأتي هذا يوم القيامة وهو يحمل هذه الأراضي على ظهره، ربما تكون عشرات الكيلومترات أو المئات، وليس شبراً، فالجواب، بأن أحوال الآخرة تختلف عن أحوال الدنيا، ونظير هذا ما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم في حق مانعي الزكاة وأنه يأتي يوم القيامة يحمل على رقبته إما بعيراً أو شاةً ونحو ذلك. وقيل أن المراد بالتطويق، أنه يكلف هذا الإنسان الذي أخذ من أراضي المسلمين يكلف يوم القيامة أن يجعله كالطوق، ولا يستطيع ذلك، فيعذب بذلك، كما جاء في حق من كذب في منامه أن يكلف بأن يعقد شعيرة، وما هو بقادر..".

وأردف الشيخ قائلاً:" وروى ابن ماجه بسند صحيح، عن أبي سعيد الخدري قال: جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم يتقاضاه ديناً كان عليه، فاشتد عليه حتى قال له: أحرّج عليك إلا قضيتني، فانتهره أصحابه وقالوا: ويحك، ترى من تكلم؟ قال: إني أطلب حقي، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (هلا مع صاحب الحق كنتم؟) ثم أرسل إلى خولة بنت قيس فقال لها: (إن كان عندك تمر فأقرضينا حتى يأتينا تمرنا فنقضي لك). فقالت نعم بأبي أنت يا رسول الله، قال فأقرضته فقضى الأعرابي وأطعمه، فقال الأعرابي: أوفيت أوفى الله لك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أولئك خيار الناس،إنه لا قدست أمة لا يأخذ الضعيف فيها حقه غير مُتَعتَع). هل هذه الأمة الآن مقدسة، الجواب لديكم معروف إن من أسباب عدم قدسيتها، ومن أسباب ضعفها وتخاذلها، هو أن الضعيف فيها لا يأخذ حقه، هكذا يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنه لا قدست أمة لا يأخذ الضعيف فيها حقه غير متعتع. أي من غير أن تصيبه أذى، فلو توصل إلى حقه بشكل أو بآخر، لابد أن يلحقه شيء، أما أن يخرج من القضية سالماً معافى، هذا لا يمكن أبداً، لأنه غالباً لا يتسلط على الناس، ويأخذ حقوقهم ويسلب أراضيهم، إلا الأقوياء، وهؤلاء يصعب مواجهتهم، ومنافستهم واسترداد الحق منهم، ولو حصل الاسترداد بشكل أو بآخر كما قلت، فإن هذا الضعيف لن يسلم…".

وإختتم الشيخ خطبته بالقول: رواه البخاري ومسلم. فلنتق الله أيها المسلمون، اتقوا الله تعالى، واحذروا حقوق الآخرين، فإن الشبر من الأرض يطوق به صاحبه إلى سبع أرضين يوم القيامة، وهذا كلام عام للجميع وخصوصاً من لهم تعامل في الأرض بيعاً وشراءً، فإنه يحصل فيها هذه الأمور الشيء الكثير، خصوصاً إذا لم تكن الأمور محددة بالضبط. ويحصل أكثر، في المزارع المتجاورة، فإن المد والجزر يحصل فيها أكثر مما يحصل في الأراضي السكنية. فلينتبه أصحاب العقار من لهم تعامل.

ثم إن الاقتطاع ليس منحصراً في الأراضي فحسب، وأننا لو تحكمنا وضبطنا هذا الباب فقد أقمنا العدل في المجتمع، كلا، فإن الموظف بإمكانه أن يقتطع من الحرام، لو أراد ذلك، وبعضهم مُريد لذلك. والجار بإمكانه أن يقتطع من حق جاره، ويظلمه ويؤذيه، والبعض يفعل ذلك. وهكذا. لكن أذكر بقضية أركز عليها ولا أريد أن أنهي الخطبة إلا وهي واضحة: أن ظهور أمثال هذه الظواهر في المجتمع، مؤشر خطير، لو كثر التعدي، وكثر هضم حقوق الآخرين، وكثر التسلط على المسلمين، فإن هذا منذر بليل قد ادلهم ظلامه. لا قدست أمة لا يأخذ الضعيف فيها حقه غير متعتع…".

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة