أمور غامضة عن الجنس البشري..

تاريخ النشر: 07/12/16 | 3:52

بعد مضي مئات الآلاف من السنين على وجودنا على هذا الكوكب الأزرق واستعماره، اكتشفنا قدرًا لا بأس به من المعلومات عنه، والأهم أننا اكتشفنا الكثير عن أنفسنا. لقد تمكنا من معرفة أجسامنا بشكل دقيق ومفصل وتوصلنا لأدق العمليات الحيوية التي تجري بداخله وراقبناها عن كثب، وأدركنا الداء وتعلمنا كيفية صنع الدواء، وفهمنا الغذاء ودوره في الجسم هو والماء، لقد أدركنا مراحل نشأتنا بدءًا من النطفة ووصولًا إلى الشيخوخة، ولكن بالرغم من كل ذلك التقدم والمعرفة التي حققناها لا زالت هناك بعض الأسئلة البسيطة التي لم نجد لها إجابات محكمة بعد.

لماذا نضحك؟
البعض يرى أنه إشارة إلى أن التهديد المتوقع لا يمثل خطرًا حقيقيًّا، وآخرون يعتقدون أنه رد فعل لنتائج مختلفة عن توقعاتنا، بينما آخرون يستمرون في الضحك ولا يلقون بالًا للسبب على الإطلاق. في الواقع أغلب النظريات والتفسيرات تعد صحيحة نوعًا ما لأنه لا يوجد شخص ما يمتلك الإجابة يقينًا، ولكننا على كل حال نعلم أن الضحك بخلاف كافة أنواع المشاعر والاستجابات العاطفية الأخرى يؤثر على كافة المناطق في الدماغ، والمدهش حقًّا أننا ندرك أن معظم الضحك الذي يصدر عنا لا علاقة له بالكوميديا وخفة الظل على الإطلاق، حيث تشير الدراسات إلى أن أقل من 20% من الضحك يحدث كنتيجة لحدوث شيء مضحك، ولكننا في أغلب الأوقات نضحك من أجل إيصال معنى أو تعبير ودود أو لملء الفراغات ولحظات الصمت خلال المحادثات، أو لأن خطتنا الشريرة للمزاح قد جنت ثمارها. من الأمور التي من المحتمل أننا نعلمها أيضًا، الأشياء التي قد تسبب الضحك ولكننا لا نعلم لماذا، على سبيل المثال الزغزغة والتي كما تقود لجلسة ضحك قد يتوقف معها قلبك تقود أيضًا لسؤال هام، لماذا تدفعك الزغزغة للضحك؟ والذي يقود إلى إجابة حتمية أيضًا، لا أحد يعلم.

لماذا البعض منا أعسر اليد؟
%90 تقريبًا من البشر حول العالم يستخدمون اليد اليمنى في قضاء أمورهم، لذلك يمكننا أن نعتبر هذا أمرًا طبيعيًّا، العشرة في المئة المتبقية من البشر يستخدمون اليد اليسرى، وهي حالة شاذة عن الطبيعي والمألوف. عدم التوازن والتماثل هذا يعد أمرًا فريدًا بالنسبة للبشر، حيث أن المخلوقات الأخرى في مملكة الحيوان تنقسم إلى نسبتين متساويتين، فلماذا نحن الوحيدون المختلفون؟ الأشخاص الذين يستخدمون اليد اليسرى يتحكم نصف دماغهم الأيسر في التحدث تمامًا مثل الأشخاص الذين يستخدمون اليد اليمنى، ونلاحظ أيضًا أن الذين يستخدمون اليد اليمنى يغلب عليهم استخدام القدم اليسرى، والعكس صحيح، ما يعني أن هذا التفضيل والاختلاف لا يمتد إلى باقي أجزاء الجسم ولكنه محصور في اليدين فقط. لقد حاول العلماء السعي وراء إجابة لهذا الأمر منذ زمن ولكنه ما زال لغزًا محيرًا إلى الآن.
نحن نعلم أن استخدام اليد اليسرى أمر جيني، وهذا يعني أن الجين المسؤول عن هذا الأمر يتميز بشيء ما جعله يسيطر ويظهر، ولكن هذه الميزة غير واضحة إلى الآن، من المدهش أيضًا معرفة أن الدراسات التاريخية أثبتت أن هذه النسبة بين اليد اليمنى واليسرى ثابتة خلال تاريخ البشر كله وهو أمر غريب حقًّا. بالنظر إلى حقيقة أن للإنسان يدًا معينةً مسيطرة بغض النظر عما إذا كانت اليمنى أو اليسرى، نجد أنه أمر محير في حد ذاته، عدم التماثل المدهش في تركيب جسم الإنسان يجعل العلماء في حيرة من أمرهم، القلب يميل لجهة أكثر من اللأخرى، كل رئة تختلف عن الأخرى بينما تكون الرئة اليسرى منخفضة عن اليمنى وغيرها من الأمور، وبالرغم من أن مثل هذه الأمور قد تم ملاحظتها أيضًا في بعض أنواع القردة إلا أن مخ الإنسان هو أكثرها غموضًا لأنه غير متماثل إطلاقًا، وبعض العلماء يرى أن عدم التماثل هذا قد يكون ما يميزنا كبشر.

لماذا نتعامل بلطف؟
لا تتسرع وتعتقد أن السبب هو أننا لطفاء لأن هذا غير منطقي، فبالعودة للوراء بضعة آلاف من السنين حيث كان الصيد محور حياتنا والبقاء مبلغ همنا، ستلاحظ أن مشاركة شيء ما مع الآخرين يأتي على النقيض تمامًا لغريزة البقاء بداخلك، في ذلك الوقت قد تعد تصرفات الطيبة غير الأنانية غير ملائمة. بينما يرى الخبراء أن الإيثار كخاصية كان مدموغًا هناك مع العديد من الأمور الأخرى التطورية التي ظهرت خلال العصور التالية، ولكن ما لا يعلمه هؤلاء الخبراء هو لماذا كانت النجاة والتطور من نصيب الإيثار؟ يحاول العلماء معرفة وفهم لغز الإيثار منذ ما يقارب قرنًا من الزمان. في الستينيّات تمكن George Price من الحصول على معادلة رياضية معقدة تحاول معرفة كيف نجت خاصية الإيثار لدى البشر عبر التاريخ في حين أنها كانت تمثل أكثر الخواص غير الملائمة لغريزة البقاء، لقد تمكن هذا الأمر من جورج برايس واستحوذ عليه لدرجة أنه كان يخرج ويدعو المعوزين والفقراء للعيش في شقته ويغلق على نفسه المكتب ليستغرق في نظريته وفي النهاية عندما شعر أنه لم يعد لديه شيء ليعطيه للآخرين قام بقتل نفسة باستخدام المقص، يبدو أن معادلته بدلًا من كشف سر الإيثار قامت بفتح صندوق ألغاز قادم من الجحيم.
المنظور السابق لهذه القضية تم تناوله من جهة واحدة فقط وهي التطور، وخاصة تطور الجنس البشري، ولكن هذا أمر عليه جدال وخلاف، وقد نجد إجابات كثيرة لها السؤال تحديدًا إذا ا طرح في سياق آخر بخلاف سياق تطور الجنس البشري.

التخدير
يعتبر التخدير من معجزات العلم الحديث، ولكنه يبدو مخيفًا عندما تبدأ في التفكير فيه بتعمق، ببضع مواد كيميائية يمكن لأطباء التخدير أن توقف أجزاءً كبيرة من دماغك عن العمل، ولو كانت الكمية أكثر من اللازم بقليل فلن تستيقظ مجددًا، أمّا لو كانت أقل من اللازم فستعيش حقبة مظلمة من العصور البائدة، حيث كانت تُجرى العمليات بدون تخدير، ولكن لماذا وكيف تعمل هذه المواد الكيميائية؟ كيف تتفاعل مع أجسامنا بهذه الطريقة لتحقيق ذلك التوازن الدقيق؟ وإليكم الجزء المخيف، لا أحد يعلم.

لقد تتطور التخدير خلال مئات السنين السابقة تطورًا كبيرًا وفقًا للخبراء، جميع المحاولات السابقة للتخدير ساهمت في معرفتنا لما يمكن استخدامه لتحقيق تأثير معين، والكثير من المركبات بدءًا من المنشطات المعقدة وصولًا إلى غاز الزينون، ولكن كيف ولماذا تحجب هذه المواد وعيك دون إزالته كليًّا ووضع كلمة الراحل قبل اسمك؟ لا توجد إجابة شافية. ومن المثير للدهشة أيضًا أن هذه المواد لا تؤثر حتّى على نفس المناطق في الدماغ وإنما يؤثر كل منها على منطقة مختلفة، وتكون النتيجة واحدة في النهاية فكيف ذلك؟

السب الرئيسي لصعوبة معرفة كيفية تأثير التخدير على وعينا هو أن العلم لا يعلم فعليًّا ما هو الوعي أو كيف يعمل، لا يوجد اختبار حاسم ومحدد ليظهر ما إذا كان شخص ما واع ومدرك أم لا، وأفضل ما يمكن لأطباء التخدير فعله هو ملاحظة مجموعة من الأشياء مثل وجود بعض الموجات الدماغية، الاستجابة الفيزيائية لأجزاء معينة بالإضافة إلى الإحساس بالألم، ولكن كما سبق وناقشنا في الجزء السابق المتعلق بالألم، فالعلم لا يملك أية طريقة يمكنه أن يحدد بها ما إذا كنت تشعر بالألم. إذًا فالأمر يعود إليك بأكمله لتخبرهم ما إذا كنت مخدرًا تمامًا أم لا، وإذا لم تتمكن من ذلك بشكل صحيح فلا تقلق لديك متسع من الوقت لتفكر في طريقة أفضل أثناء محاصرتك في جسدك وعقلك يصرخ بسبب أولئك الغرباء ذوي الأقنعة الذين يقطعون في جسدك.

احمرار الوجه
اعتبر داروين احمرار الوجه من أكثر التعابير البشرية غرابة وتميزًا وأمضى الكثير من الوقت محاولًا معرفة سبب تطور مثل هذه الخاصية التي تظهر باطننا ومشاعرنا باعتبار أن معظم علاقاتنا الإنسانية مبنية على أساسات متزعزعة أو حقائق مخفية ومجاملات (بالطبع هذه وجهة نظره). بعد مضي أكثر من قرن ما زلنا لا نعرف شيئًا عن احمرار الوجه أكثر مما عرفه داروين.

من النظريات الرائجة في تفسير هذه الظاهرة أن احمرار الوجه تطور كطريقة لإظهار الاستسلام واسترضاء الأعضاء المسيطرين في المجتمع، ولكن هذا غير منطقي لأن كل البشر تحمر وجوههم مسيطرين كانوا أو غير ذلك، كما أنها عملية تلقائية لا اختيار لنا فيها. الاعتماد على شيء لا يمكنك التحكم به لترضي قائد القبيلة في العصور البدائية يبدو كوسيلة مثالية ليتم الإلقاء بك في بركان ما. البعض ذهب في اتجاه معاكس تمامًا وافترض أن احمرار الوجه ليس إشارة على على الاستسلام والخضوع وإنما إشارة على الغضب، حيث أن معظمنا نرجسيون من الداخل وبالتالي عندما يشعرنا شخص ما بالحرج يرسل ذلك الاحمرار رسالة الاعتراض والغضب التي بداخلنا. بعض العلماء يفسر أن النساء أكثر احمرارًا للوجه من الرجال لأنهن يردن إظهار الاستسلام والصدق والخضوع للرجال، وهنا أترك الرد لداعمي حقوق المرأة في هذا الأمر. ما زالت هناك نظريات أخرى متطرفة وفلسفية وحتّى دينية لاحمرار الوجنتين ولكن أعتقد أننا حظينا بالقدر الكافي ويمكننا أن نتقبل فكرة أن العلم لم يتوصل لتفسير بعد لهذا اللغز تمامًا كسائر الألغاز السابقة.

Businessman with cloud computing and connectivity concept
Businessman with cloud computing and connectivity concept

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة