وجوه وملامح (14)

تاريخ النشر: 05/10/16 | 13:21

لقد تركت المرآة المسلمة عبر صفحات التاريخ صفحات مشرقة حافلة بالمواقف الرائعة التي تظهر فيها معاني هامة تحتاج المسلمة المعاصرة التعرف عليها من خلال نساء دخلن التاريخ من أبواب شتى، وسأستعرض من خلال هذه السلسلة بعض المواقف سريعة التأثير في القلوب مواقف نستعرض من خلالها ملامح كل شخصية عبر التاريخ.
المرأة القرآنية ..!!

ونقلب صفحات التاريخ فيطالعنا وجه مشرق منير بطاعة الله وفضله، سيدة جليلة من سيدات التابعيات اللاتي سطر لهن التاريخ صفحات مضيئة مشرقة وهي: حفصة بنت سيرين . اشتهرت السيدة حفصة بالعبادة والفقه وقراءة القرآن والحديث.
قال إياس بن معاوية: ما أدركت أحداً أفضله على حفصة بنت سيرين فقيل له الحسن وابن سيرين فقال: أما أنا فلا أفضل عليها أحداً . وقد عدها ابن أبي داود من سيدات التابعات وعد معها عمرة بنت عبد الرحمن ويليها أم الدرداء الصغرى.
عن هشام بن حسان قال: قرأت القرآن وهي ابنة اثنتي عشرة سنة وماتت وهي ابنة تسعين. أي أنها عاشت في رحاب كتاب الله وفي ظلاله مدة تزيد على خمس وسبعون سنة. فأي فضل نالته في ظل كتاب الله وفي ظل القيام والصلاة وحمل كتاب الله؟
وكما اشتهرت بالتمكن من القرآن وحفظه فقد كانت سيدة العابدات. كانت تدخل في مسجدها فتصلي فيه الظهر والعصر والمغرب والعشاء والصبح ثم لا تزال فيه حتى يرتفع النهار وتركع ثم تخرج، فيكون عند ذلك وضوؤها ونومها حتى إذا حضرت الصلاة عادت إلى مسجدها إلى مثلها.

أي صبر على الطاعة رزقك الله يا سيدة حفصة وأي مداومة على العمل الصالح تلك التي وفقك الله ؟ فلعلك يا أختاه تقضي مع ملامحها عبر التاريخ لتتعلمي أهمية المواظبة على طاعة الله. فإن المداومة والجهاد يفتح الله بهما على عباده من الخير والفضل ما لا يعلمه إلا الله . فكم من المسلمات حفظن كتاب الله بفضل المداومة على الحفظ والمراجعة والتلاوة وكم من المسلمات رزقن لذة العبادة بفضل المداومة على قيام الليل والصيام وصدق الله، فالله تعالى يقول: (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ) [العنكبوت: 69] فمن يرزقها الله المداومة على العمل الصالح فقد رزقها الله الخير الكثير والهداية القريبة .
وكانت السيدة حفصة عالمة بكتاب الله عاملة به فقد روى عن هشام بن حسان : أن ابن سيرين كان إذا أشكل عليه شيء من القرآن قال : ” اذهبوا فسلوا حفصة كيف تقرأ ” .
وعن عاصم الأحوال قال: كنا ندخل على حفصة بنت سيرين وقد جعلت الجلباب هكذا وتنقبت به فنقول لها : رحمك الله . قال الله: (وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاء الَّلاتِي لا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَن يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ ) [النور: 60 ] وهو الجلباب قال فنقول لنا: أي سيء بعد ذلك ؟ فنقول: (وَأَن يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَّهُنَّ) [النور: 60] فنقول: هو إثبات الجلباب.

فليسمع متبرجات اليوم تلك الكلمات لعل الله أن يهدي قلوبهن التي يعلم الله بمدى حبها لشرع الله، ولتسمعي أختي المسلمة تلك المرأة العالمة بكتاب الله والعاملة به فليس هذا الفهم الذي رزقته للقرآن إلا بفضل كثرة صحبتها لكتاب الله.
فالقرآن يصاحب من يصاحبه ويحب من يحبه، ويعطي الله فضله لمن يسعى لينال ذلك الفضل. فهل لنا من قدوة في تلك المرأة القرآنية التي عاشت في ظل القرآن وماتت في رحايه ؟

بقلم: محمود عبد السلام ياسين

untitled-1

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة