خطبة الجمعة بكفرقرع بعنوان "ما الفقر أخشى عليكم"

تاريخ النشر: 02/12/13 | 0:33

بحضور حشد غفير من أهالي كفرقرع والمنطقة؛ أقيمت شعائر خطبة وصلاة الجمعة من مسجد عمر بن الخطاب في كفرقرع الموافق 29 محرم 1435هـ؛ حيث كان خطيب هذا اليوم فضيلة الشيخ أ.عبد الكريم مصري آل أبو نعسه، رئيس الحركة الإسلامية في كفرقرع، وكان موضوع الخطبة لهذا اليوم المبارك "ما الفقر أخشى عليكم"؛ هذا وأم في جموع المصلين فضيلة الشيخ محمود جدي، إمام مسجد عمر بن الخطاب.

حيث تمحورت الخطبة حول: (وَاتَّقُواْ يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ). اتقوا الله ربكم حق تقواه، واخشوه حق الخشية، وعظموه أحسن تعظيم، وأجلوه أكبر إجلال، واعلموا أن من شواهد ذلك وصدقه، حصول هذه الأمور الثلاثة لكم:

الأمر الأول: طمأنينة قلوبكم إلى أن الرزق بيد الله وحده، وأن ما كُتب لكم منه آت، لن يضيع منه دينار ولا درهم ولا أقل، ولن يتأخر عن وقته يوماً ولا ساعة ولا أقل، أعاش أجدادنا من غير رزق؟ لا والله، أعاش آباؤنا من غير رزق؟ لا والله، أفنعيش بعدهم من غير رزق؟ لا والله، وهل سيعيش أهلونا وأولادنا بعدنا من غير رزق؟ لا والله.

قال الله -عز وجل- مؤانساً ومطمئناً لنا:(وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا).

الأمر الثاني: قناعة قلوبكم بما يسر الله تعالى لكم من هذا الرزق، وهذا القوت، وهذا اللباس، وهذا المركب، وهذا المسكن، وهذه الوظيفة، وهذا العمل.

فقد أخرج الإمام مسلم في "صحيحه" عن عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ أَسْلَمَ، وَرُزِقَ كَفَافاً، وَقَنَّعَهُ اللَّهُ بِمَا آتَاهُ). وصح عن أبي الدرداء -رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (ما طلعت الشمسُ قط إلا بجنبتيها ملكانِ يناديان، يسمعانِ من على الأرض غير الثقلين: أيها الناس، هلموا إلى ربكم، ما قلَّ وكفى خيرٌ مما كثرَ وألهى).

الأمر الثالث: عدم خوفكم من الفقر في المستقبل، لا على النفس، ولا على الأهل والعيال، ولا على الوالدين والإخوان والأخوات، حتى ولو أرهف الاقتصاديون والسياسيون بضعف الاقتصاد، وغلاء الأسعار، وقلة الوظائف، وانخفاض الرواتب، وتزايد البطالة، وارتفاع نسبة الفقر، وفشوا المجاعات، وذلك لأن أرزاق العباد مكتوبة، ولن يعيش أحد إلا برزق يقتات منه شاء أم أبى، ولن يغادر الدنيا إلا وقد أخذ رزقه كاملاً غير منقوص.

وتابع الشيخ حديثه بالقول: "كانت الأمُ مَدرسةً، وهي لا تقرأُ ولا تكتبُ، لم يكن لها شغلٌ إلا بيتها، مَن احتاجَها وجدَها، من منكم يحبُ أن يرجعَ إلى البيتِ مريضاً أو حزيناً فلا يجدُ ذلك الصدرَ الكبيرَ، وذلك الحنانَ الوفيرَ؟ تسهرُ على المريضِ، وتواسي المصابَ، يتعلم منها بناتُها الحياءَ والحشمةَ والعفافَ.

كان الجارُ كأنه من الأقاربِ، لقربِه من جارِه، يتفقدُ حاجَته، يُعظِّمُ حقَه، يغضُ بصرَه، يسترُ عورَته، يشاركُه الطعامَ والشرابَ، متمثلاً قولَ النبيِ -صلى الله عليه وسلم-: "مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ جَارَهُ".

كان أوقاتُ الأبناءِ والبناتِ بين الدراسة وحفظِ القرآنِ وبين اللعبِ الشريفِ العفيفِ، لم تكن هناك قنواتُ الرذيلةِ التي تفتحُ أعينَهم على ما يهدمُ الفضيلةَ، كانت فطرتُهم سليمةً، غافلينَ وغافلاتٍ عن كلِ قولٍ جارحٍ، أو فعلٍ فاضحٍ.

كان الكلُ يربي، الأبُ يربي، والأمُ تربي، والأخ يربي، والقريبُ يربي، والجارُ يربي، والرجلُ في الشارعِ يربي، وإمامُ المسجدِ يربي، والمعلمُ يربي، ومن لم يمنعه دينُه عن معصيةٍ منعَه الحياءُ.

أما الآن فقد تغيرت الأحوالُ، حتى أصبحَ كبارُ السنِ في غربةٍ في هذا الزمانِ العجيبِ. أين مَن يَستفيدُ منهم؟ أين من يسمعُ لهم؟ تجدُ الرجلَ الكبيرَ وقد امتلأ حكمةً وتجربةً، عاشرَ أجيالاً، ورأى أحوالاً، وسمعَ تاريخاً، يجلسُ في المجلسِ وكلٌ مشغولٌ بهاتفه الخليوي، أو ينظرُ إلى شاشةٍ كاذبةٍ، ويعتقدونَ أنهم أعلمُ منه بالتقنيةِ والتكنولوجيا، ولا يعلمونَ أنه يُوشكُ أن يفارقَهم ويفقدونَ التاريخَ الذي بين جوانبِه

وإختتم الشيخ خطبته بالقول: اعلموا أن ما كتبَه اللهُ تعالى لكم من رزقٍ فهو آتيكُم لا محالةٍ، "وَاعْلَم أَنَّ الأُمّة لو اجْتَمَعَت عَلَى أن يَنفَعُوكَ بِشيءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلا بِشيءٍ قَد كَتَبَهُ اللهُ لَك".

ولنرضَ بما قسمَ اللهُ تعالى، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه-، قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "مَنْ يَأْخُذُ مِنْ أُمَّتِي خَمْسَ خِصَالٍ، فَيَعْمَلُ بِهِنَّ، أَوْ يُعَلِّمُهُنَّ مَنْ يَعْمَلُ بِهِنَّ؟"، قَالَ: قُلْتُ: أَنَا يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: فَأَخَذَ بِيَدِي فَعَدَّهُنَّ فِيهَا، ومنها: "وَارْضَ بِمَا قَسَمَ اللهُ لَكَ تَكُنْ أَغْنَى النَّاسِ".

يا أهلَ الإيمانِ: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ -رضي الله عنه- قَالَ: اضْطَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَلَى حَصِيرٍ فَأَثَّرَ الْحَصِيرُ بِجِلْدِهِ، فَلَمَّا اسْتَيْقَظَ جَعَلْتُ أَمْسَحُ عَنْهُ، وَأَقُولُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلا آذَنْتَنَا نَبْسُطُ لَكَ عَلَى هَذَا الْحَصِيرِ شَيْئًا يَقِيكَ مِنْهُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "مَالِي وَللدُّنْيَا! وَمَا أَنَا وَالدُّنْيَا إِلا كَرَاكِبٍ اسْتَظَلَّ تَحْتَ شَجَرَةٍ ثُمَّ رَاحَ وَتَرْكَهَا"..

‫3 تعليقات

  1. الله يحفظك لهذا البلد يا اسد كفرقرع يا شيخنا وحبيبنا الفاضل ابو احمد

  2. الفقير في قلت ايمانوا في الله واخلاقوا….. الغنى غنى النفس{الحمدلله ع سراء ولضراء} احترامي لشيخ كلام جميل

  3. بارك الله فيكم ..
    الناس في هذا الزمان يعبدون المال بدل من عبادة رب المال.
    ..وا أسفاه يا شيخنا العزيز

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة