لماذا لم تستطع الأحزاب المدنية تعويض غياب الأحزاب الإسلامية

تاريخ النشر: 23/08/16 | 0:00

لم يجد المواطن المصري ضالته وسط الكم الهائل من الأحزاب الخالية من البرامج السياسية المتنوعة، حيث أصبح العديد منها متشابهة ومستنسخة في ظل التكاسل الذي أصاب الطبقة السياسية، وهذا ما يعتبره الكثير من المختصين تهديدا لمستقبل البلاد. تشهد الساحة السياسية، خاصّة بعد ظهور الأحزاب الجديدة، حالة من العشوائية نظرا لغياب البرامج السياسية الهادفة التي لا تُعبّر عن طموحات الشعب المصري أو مستقبل الأمة، فقد تبنّت هذه الأحزاب برامجا وهمية لا تتضمّن لا توجها سياسيا ولا مبادئا ولا حتى معتقدات، بل مجرد شعارات بعيدة تماما عن الواقع المعاش. فهناك أحزاب اتّخذت الإسلام كوسيلة للوصول إلى مراكز متقدّمة في السلطة
دون توفّرها على برامج متكاملة، وأخرى اتّخذت من الاشتراكية مرجعا لتحقيق الأهداف المنصوبة إليها وغير ذلك. و حال الأحزاب المصرية الآن على المشهد المصري في تردى دائم ومستمر ففي ظل الأزمات التي يواجهها الوطن من تزايد أسعار السلع والمنتجات وانخفاض سعر الجنيه أمام العملات الأجنبية خاصة الدولار والعقبات التي تواجه قطاع السياحة وانخفاض أعداد السياح وبالطبع تأثير ذلك على الاحتياطي الوطني من العملة الصعبة وكل عدم الاستقرار الأمني في سيناء المحصلة النهائية
كانت تدعى أن الأحزاب الليبرالية شركاء معها، لكن في حقيقية الأمر لم تكن سوى ديكور سياسي، كانت تعقد معهم جلسات حوار وطني لكن بمفهوم الإخوان المسلمين، فقد كانت تتخذ القرار ثم تصدق عليه ثم تعقد الحوار الوطني، ونتائج هذا الحوار ومطالبات الأحزاب الليبرالية لم تكون سوى حبر على ورق، أو وعود جوفاء، لكن واقع الحال يؤكد على سيطرة الأحزاب الدينية، وظهر ذلك جلياً في الأيام الأخيرة للرئيس المعزول حيث لم يكن للأحزاب الليبرالية نصيب في مجلس الشورى، لم تكن شريكاً وصانعاً للقرار، كان القرار يصنع في مكتب الإرشاد ثم تدعمه الأحزاب الدينية، ويعقب ذلك حوار وطني بالمفهوم الإخوان سالف الذكر.
كانت الأحزاب الدينية وكذا حزب الحرية والعدالة تطبق “ديمقراطية الهوهوة”، أنت تقول ما تشاء لكن في نهاية النهاية لن يكون إلا ما يقره مكتب الإرشاد. بات حال الأحزاب الليبرالية ضعيفا، وازداد ضعفه، وازدادت الانقسامات الداخلية داخل هذه الأحزاب، وبالطبع كان ذلك كله يصب في مصلحة الأحزاب الإسلامية. أما الأحزاب الإسلامية فقد تلاشت جميعها بما الحرية والعدالة والبناء والتنمية، وانصهرت الأحزاب الإسلامية الصغيرة داخل حزب النور الذي انفرد بالمشهد الحزبي بعد أن قبل أن يكون أحد أطراف اللعبة السياسية بعد الثورة.
حتى التحالفات الانتخابية التي تمت في انتخابات الشعب المنحل أو الشورى كانت هشة وساهمت في التأكيد على انفراد الأحزاب الإسلامية بالمشهد السياسي. إن هناك أزمات لابد من معالجتها والبحث في أسباب وجودها هل هي ناتجة عن سياسات خاطئة أم لوجود شخصيات في مناصب قيادية في الدولة ليست على المستوى المطلوب فئ الوقت الراهن والدقيق في تاريخ الوطن الذي يشهد الكثير من التحديات العظام أم لعدم وجود أحزاب قوية مخلصة الأهداف والرؤى في متابعتها ومشاركتها الفعالة في تقديم الدراسات والخطط الدقيقة التي تساهم في وضع آليات وحلول عاجلة للخروج من الأزمات.
وقد فشلت هذه الأحزاب في مهمة إقناع المصريين ببرامجها، والدليل على ذلك عزوف المواطنين عن صناديق الاقتراع، بسبب لغة الخشب وغياب البدائل والوعود والعهود الكاذبة التي لم تساهم في حلّ مشاكل البلاد وانشغالات العباد، كما أنّه من الطبيعي أن لا تتقدّم أحزاب نحو الأمام، وهي لا تملك رؤى مستقبلية ولا برامج مجتمع، تفيد المصريين في تحسين القدرة الشرائية ورفع مستوى المعيشة، وتشارك في مهمة البناء الوطني، وعمليات المراقبة والمحاسبة والمعاقبة أيضا.
كما لا يُمكن لأحزاب بلا برامج أن تنتقد برامج الحكومات وتناقشها وتثريها وتصادق عليها بالبرلمان. ولذلك، فعلى هذه الأحزاب إعادة النظر في برامجها بما يتوافق مع المتغيرات والمستجدات التي تطرأ على المجتمع المصري، ومع الأخلاق أيضا ومصالح الشعب والدولة. أن عدة عوامل ساهمت في فرض الأحزاب الدينية لنفسها في الساحة السياسية والتي ذكر منها مشاركة الأحزاب في السلطة والاهتمام الإعلامي الكبير لهذه الأحزاب على حساب أحزاب أخرى بالإضافة إلى وفرة المال والقوة الشعبية، مبرزا أن التغطيات الإعلامية تساهم في دعم الحزب لدى المشاهد عكس الأحزاب الفتية التي تقوم بنشاطات لا يقل اهتمامها مع الأحزاب التقليدية والكبيرة لكنها لا تحظى بالتغطيات الإعلامية. إن دستورنا ألان وضع الحدود والطريق الذين نسير على دربهم في المستقبل وان مصير هذا الوطن لابد أن يحدده وعينا المستنير بالديمقراطية , فعلينا استخراج من بيننا من يقود المسيرة مستقبلا ليكون أمام الشعب العديد من الخيارات بين الحسن والأحسن نتيجة للمشاركة الايجابية للمعارضة التي الهدف منها هو إظهار الحقيقة وتقويم الانحرافات ومراقبة الأداء على الوجه الذي يحقق ديمقراطيه نسعى ونتطلع إليها دائما , نحن على أبواب عهد جديد سواء كان في الرئاسة أو مجلس النواب ينتخبهم الشعب بحريه كاملة لتحديد مصير هذه آلامه من اجل أجيال قادمة لنكون مثلا يحتذا به بين شعوب العالم.
73 حزباً تم تأسيسها في 8 شهور بعد ثورة 25 يناير 83 حزباً تم تأسيسها بعد تولى “مرسى” الحكم الأحزاب الإسلامية سيطرت على مفاصل دولة “مرسى” واعتبرت الليبراليين “ديكور سياسي” الإخوان كانوا يتخذون القرار ثم يعقدون جلسات الحوار الوطني تمرد فعلت ما عجزت عنه الأحزاب الليبرالية الأحزاب الإسلامية تلاشت تماماً بعد ثورة 30 يونيو ولم يتبق سوى “النور”
تعاني أغلب الأحزاب المصرية من ظاهرة الانشقاقات الحزبية الناجمة عن الافتقاد لآليات بناء التوافق والديمقراطية الداخلية بالأحزاب، حيث تكررت تلك الظاهرة في أحزاب الغد، والوفد، والتجمع، والناصري، فضلا عن حزب النور السلفي الذي شهد انشقاق د. عماد عبد الغفور، الرئيس السابق للحزب، وتأسيسه حزب الوطن في ديسمبر 2012، وتبعه استقالة عدد من القيادات الحزبية، أبرزهم د. يسري حماد، نائب رئيس الحزب، ود. هشام أبو النصر، ومحمد نور، بسبب الخلافات بين الهيئة العليا للحزب ورئيسه د. عماد عبد الغفور حول تنظيم الانتخابات الداخلية للحزب تكاد تتطابق البرامج الانتخابية لأغلب الأحزاب المصرية في الأطروحات المركزية التي تتضمنها، والشعارات التي تتبناها، ناهيك عن افتقاد أغلبها للواقعية والقابلية للتطبيق والعمق بما يبدد الثقة العامة في قدرة تلك الأحزاب على تولي السلطة، وإدارة قضايا الدولة المعقدة؛ ومن ثم لم تتمكن
أغلب تلك الأحزاب من تحقيق المصداقية المؤهلة للوصول للسلطة، في مقابل نخبوية برامج أحزاب أخرى، وتعقيدها، بما يمثل نزعة استعلائية على الناخبين، مما يؤدي لافتقادها مفردات التواصل مع المجتمع، وتآكل قدرتها على تكوين قواعد انتخابية. لم يؤدِّ التشابه بين بعض الأحزاب في البرامج والأيديولوجيا إلى اندماجها، أو على الأقل تشكيلها تحالفات حزبية مستديمة، إذ غلب على الأحزاب السياسية المصرية التشظي، والنزعة التفكيكية التي تجعل لكل تيار سياسي رئيسي أكثر من حزب تتنافس على الناخبين المؤيدين لهذا التيار، وهو ما يؤدي لتفتيت الأصوات في المحصلة النهائية، وتبديد فرص تلك التيارات في التمثيل السياسي، فالتيار الليبرالي يتنافس على تمثيله أحزاب المصريين الأحرار، والدستور، والوفد، والجبهة الديمقراطية، والغد، في مقابل تنافس أحزاب المصري الديمقراطي الاجتماعي، والتجمع، والتحالف الشعبي الاشتراكي على تمثيل التيار الاشتراكي،
وتنافس أحزاب الكرامة، والعربي الناصري، على تمثيل التيار القومي. لا تزال الأحزاب المصرية عاجزة عن احتواء حركة الشارع، واستيعاب مطالب المواطنين عبر قنوات المشاركة السياسية بما جعل الاحتجاج السياسي، والتظاهر، والاعتصام؛ آليات ثابتة للضغط على السلطة خارج نطاق العمل الحزبي، إذ لم تصدق أغلب التوقعات القائلة بتراجع الحركات الاجتماعية الجديدة في مقابل صعود دور الأحزاب بعد ثورة 25 يناير، بل على النقيض لا تزال تلك الحركات تمتلك القدرة على المبادرة والضغط على السلطة دون وجود أطر حزبية لنشاطها على غرار دور حركة تمرد في حشد الرأي العام ضد حكم جماعة الإخوان المسلمين.

عادل عامر
3adel3amer3ad

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة