أدلة على ظهور العصر الجليدي في قطبي كوكب المريخ
تاريخ النشر: 14/09/16 | 0:00تمكنت وكالة ناسا الفضائية من إجراء قياسات جديدة وحديثة على المنطقتين القطبيتين الجليديتين على المريخ، والتي توافقت مع دراسات سابقة التي أشارت إلى أن كوكب المريخ مر في عصر جليدي قبل حوالي 400 ألف عام.
فقد أشارت البيانات التي حصلت عليها الوكالة بواسطة المجس “المتتبع المريخي المداري” NASA’s Mars Reconnaissance Orbiter (MRO) ونشرت نتائجها في العدد الأخير من مجلة “العلوم” Science الصادر بتاريخ 27 مايو 2016 الماضي، وتم من خلالها رسم خارطة دقيقة للواقع المناخي المريخي في الماضي، مع محاكاة لما سيكون عليه في المستقبل، حيث أشارت كل هذه البيانات أن المريخ قد مر بالعصر الجليدي قبل مئات آلاف السنين.
وتظهر على المريخ من كوكب الأرض من خلال التلسكوبات الفلكية قلنسوتان من الجليد polar caps على قطبي الكوكب، المكونة من ثاني أوكسيد الكربون، ويمكن من خلال التلسكوبات متابعة التغير في حجم هذه القلنسوتان الجليدية في قطبي المريخ خلال السنة المريخية حيث تتغير بسبب تغير الفصول المريخية من فصل الشتاء إلى فصل الصيف، ففي فصل الصيف تظهر القلنسوة في النصف الشمالي للمريخ المكونة من جليد الماء، كما أن النسبة العظمة في القلنسوة الجنوبية مكونة من جليد الماء، لكن تظهر أيضا طبقة رقيقة من ثاني أوكسيد الكربون حتى مع حلول فصل الصيف في النصف الجنوبي هناك.
ولكن يتعرض المريخ أيضا لتغير في اتجاه محوره وهي التي تمر فيها الأرض أيضا تسمى “تقهقر الاعتدالين” Precession تستغرق على المريخ آلاف السنين، وهي حركة تؤدي إلى حدوث تغيرات في مناخ كوكب المريخ، بما فيها المرور بالعصور الجليدية المريخية، وتوصل العلماء إلى هذه النتائج من خلال الرادار الخاص على المتتبع المريخي المداري لإنتاج شرائح عامودية الشكل لطبقات الجليد والغبار الموجودة في قطبي المريخ، وتمكن العلماء من تحليل آلاف الصور الملتقطة من الرادار، وخاصة التي توضح تغيرا واضحا في سماكة بعض الطبقات الظاهرة، حيث رصدوا طبقات في القطب الشمالي تغيرت وتراكمت بشكل اسرع من المعتاد بالنسبة للطبقات الجليدية الأخرى.
وقال رئيس الفريق العلمي عالم الكواكب السيارة “إسحاق سميث” Isaac Smith وهو مدير المعهد الجنوبي الغربي للأبحاث Southwest Research Institute أن هنالك بعض الطبقات المميزة عن الطبقات الأخرى يصل سمكها إلى بضع مئات الأمتار تشير إلى تعرضها للتآكل خلال فترات زمنية محددة، أعقبتها فترة من التراكم السريع وازدياد في سمكها ولا تزال هذه العملية قائمة حتى الآن.
أن العصور الجليدية على الأرض تحدث عندما تهبط درجة حرارة قطبي الأرض والمناطق القريبة منها عن معدلها خلال آلاف السنين، فتنمو نتيجة لذلك الأنهار الجليدية حتى في المناطق القريبة من خطوط العرض الوسطى، في المقابل فأن التغيرات المناخية على المريخ تحدث بسبب ميلان محور الكوكب حيث تصبح المناطق القطبية أدفأ من المناطق الاستوائية، وفي هذه الأثناء تتراجع نسبة بخار الماء في قطبي المريخ وتزداد في المناطق الاستوائية، وتتشكل طبقات الجليد السطحية والأنهار الجليدية في مناطق خطوط العرض المتوسطة، ثم يمر الكوكب بعد ذلك بمرحلة أدفأ حيث يعود الجليد والأنهر الجليدية إلى قطبي المريخ مرة أخرى، وهذا التغير والتبدل في انتقال الجليد من قطبي المريخ نحو مناطق العروض الوسطى ثم عودته إلى منطقة القطبين هو ما رصده الباحثون بواسطة الرادار في هذه الدراسة.
يتوقع العلماء في هذه الدراسة زيادة في حجم الجليد بعد العصر الجليدي في منتصف خطوط العرض العليا وفقا للنماذج المناخية التي تكشف ديناميكية تغير الجليد وفقا للخصائص المدارية المريخية، وبخاصة ميلان محور الكوكب، وتتنبأ هذه النماذج أن العصر الجليدي الأخير كان سائدا على المريخ قبل حوالي 400 ألف سنة، حيث أخذت المناطق القطبية تزداد برودة نسبة لمناطق العروض الوسطى، كما أشارت هذه النماذج أن سمك الطبقة الجليدية في تلك الدورة وصلت إلى حوالي 980 قدما (300 مترا).
أما الجزء العلوي من الطبقة الجليدية كما توقعها سميث وزملاؤه في منطقة القطبين فقد وصلت إلى حوالي 1050 قدم (320 مترا) وهي أسمك بحوالي 2 قدما (60 سنتمترا) من الطبقة المألوفة على سطح كوكب المريخ، وهي نتيجة متقاربة مع نتيجة بحوث مشابهة أجريت بين عامي 2003-2007م، وهذا دليل على أن العلماء قد حددوا بالفعل الرقم الحقيقي للدورة الجليدية الأخيرة للمريخ وإعادة نمو الجليد في القطبين بعد تلك الفترة التي لا زالت حتى هذه الفترة، وتساعد هذه النتائج بلا شك في تقدير نسبة انتقال الماء من الشمال نحو الجنوب ومن ثم فهم أفضل لأسباب حدوث التغيرات المناخية المريخية.