كيف تتجمّل؟

تاريخ النشر: 02/08/16 | 6:59

إذا كان من خصائص البائع المجتهد في بيعه أن يغلف بضاعته بحسن العرض ولباقته في اقناع المشتري
وإذا كان من خصائص الزوجة الودود أن تغلف طاعتها لزوجها بعذوبة الكلام وحسن الطلعة
وإذا كان من خصائص مستشاري الرؤساء والملوك أن يغلف خبراته بحسن الهندام ولباقة الكلام في حضرة صاحب السلطان
إذا كان هذا كله من البشر ولمرضاة البشر
فبأي غلاف تغلف عملك لرب البشر ؟
يقول جلا وعلا ( …..فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلا صَالِحًا وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا (110) الكهف
بمعنى أن تغلف عملك بموافقة الشرع والاخلاص لله عز وجل
إذن جناحا العمل المقبول هما أولا الإتباع ثانيا الاخلاص
أما عن الإتباع
فأي عمل تعبدي لايوافق كتاب الله وسنة رسوله فهو إبتداع وليس إتباع ، وأقصد بكلمة تعبدي أي أعمال العبادة ، أما أعمال العادات مثل الأكل واللباس والمركب … وغيرها فالأصل فيها الاباحة ما لم يكن هناك نص يحرمها مثل تحريم أكل الخنزير وتحريم شرب الخمر وتحريم لبس الذهب والحرير للرجال
عَن عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهَا، قَالَت: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى اللهُ عَلَيهِ وَسَلمَ (مَن أَحدَثَ فِي أَمرِنَا هَذَا مَا لَيسَ فِيهِ، فَهُوَ رَد) رواه البخاري
(فهو رد ) أي مردود عليه
وفي مسند الإمام أحمد عن عرباض بن سارية رضي الله عنه قال: صلى لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الفجر، ثم أقبل علينا فوعظنا موعظة بليغة ذرفت لها الأعين، ووجلت منها القلوب، قلنا أو قالوا: يا رسول الله، كأن هذه موعظة مودع فأوصنا، قال: أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة، وإن كان عبداً حبشياً، فإنه من يعش يرى من بعدي اختلافاً كثيراً، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة وإن كل بدعة ضلالة. ورواه أيضاً أبو داود وابن ماجه وصححه شعيب الأرناؤوط وبعضه في صحيح مسلم.
بعد هذا العرض عن الاتباع لا يأتينا من يقول أن السفر بالطائرة بدعة أو أن الحرب بالدبابات والصواريخ بدعة
ومن الجهة الأخرى لا يأتينا من يعطس فيقول الحمد لله والصلاة على رسول الله ، لأن النص ورد (الحمد لله ) فقط
وأما عن الاخلاص
فإن عملك لابد أن يكون خالصا لله ولا تبتغي من ورائه رياءا ولا سمعة
فمن صلى ليقال عابد ومن حفظ القرآن وتعلم العلم ليقال عالم ومن أنفق ليقال جواد ومن قاتل ليقال شجاع ، فكل هذه أمثلة لأعمال لم يرد بها وجه الله وبالتالي فقدت شرط الاخلاص
جاء في مستدرك الحاكم عن أبي هريرة قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : “إن أول الناس يقضى فيه يوم القيامة ثلاثة : رجل استشهد فأتي به فعرفه نعمه فعرفها ، فقال : ما عملت فيها ؟ قال : قاتلت في سبيلك حتى استشهدت ، قال : كذبت ، إنما أردت أن يقال فلان جريء ، فقد قيل ، فيؤمر به فيسحب على وجهه حتى ألقي في النار . ورجل تعلم العلم وقرأ القرآن فأتي به فعرفه نعمه فعرفها ، فقال : ما عملت فيها ؟ قال : تعلمت العلم وقرأت القرآن ، وعلمته فيك ، قال : كذبت ، إنما أردت أن يقال فلان عالم ، وفلان قارئ ، فقد قيل ، فأمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار . ورجل آتاه الله من أنواع المال ، فأتي به فعرفه نعمه فعرفها ، فقال : ما عملت فيها ؟ قال : ما تركت من شيء تحب أن أنفق فيه إلا أنفقت فيه لك ، قال : كذبت ، إنما أردت أن يقال فلان جواد ، فقد قيل ، فأمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار ” .رواه الحاكم في المستدرك
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ، ولم يخرجاه بهذه السياقة
ومما يعين على الاخلاص صحبة الصالحين والدعاء وأن يجتهد الانسان في أن يجعل سره أفضل من علانيته فيجعل لنفسه أعمال صالحة لا يطلع عليها أحد لتكون له ذخرا عند ربه وأن يتيقن أنه لا أحد يملك النفع والضر الا الله سبحانه
وفي هذا السياق أدعو لنفسي ولاخواني وأخواتي الذين يستخدمون شبكة الانترنت أن يرزقنا تقواه وأن يجعل سرنا أفضل من علانيتنا فسبحان مقلب القلوب ، في ثوان معدودات ينقلب الحال ونصبح ألعوبة في يد الشيطان.

782

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة