هل يجوز وضع المصحف تحت الوسادة؟

تاريخ النشر: 18/07/16 | 8:06

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد :
إن تعظيم كتاب الله تعالى أمر واجب على كل مسلم، قال تعالى: { ذلك ومن يعظم حرمات الله فهو خير له عند ربه }. [ الحج : 30 ] . وقال تعالى: { ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب }. [ الحج : 32 ].
والشعائر جمع شعيرة، وهو كل شيء لله تعالى فيه أمر أشعر به وأعلم. [ تفسير القرطبي 12/56 ].
ولا شك أن الآيات القرآنية هي من شعائر الله التي يجب تعظيمها، وقد ورد عن عمر قوله: ” عظموا القرآن “.
وقال النووي : ” أجمع المسلمون على وجوب صيانة المصحف واحترامه “. [ التبيان في آداب حملة القرآن ص108 ].
ومما يؤسف له ما نراه في أيامنا من امتهان للآيات القرآنية بأشكال مختلفة ومنها ما يفعله بعضهم بوضع المصحف تحت وسادته عند النوم بدعوى الأرق أو الأحلام المزعجة أو الكوابيس وغيرها.
ولا شك أن في ذلك امتهان واحتقار لكتاب الله تعالى وكلامه، وقد أجمع العلماء على حرمة امتهان واحتقار القرآن، وعلى وجوب احترام المصحف وصيانته , وبهذا لا يجوز توسده، وقد حرمه الشافعية والحنابلة لأن فيه ابتذال. [ الموسوعة الفقهية 22/14 ].
وقال النووي: ” قال القاضي حسين وغيره لا يجوز توسد المصحف ولا غيره من كتب العلم “. [ المجموع 2/88 ].
وقال في البرهان: ” ويحرم توسد المصحف لأن فيه إذلالاً وامتهاناً، وكذلك مدّ الرجلين إلى شيء من القرآن، وكذلك قال البهوتي في شرح منتهى الآداب. انظر: [ البرهان 1/478 , شرح منتهى الآداب 1/78، الفروع – ابن مفلح 1/192 ].
واختار التحريم ابن حمدان وقطع به في المغني والشرح، وكذا توسد سائر كتب العلم إن كان فيها قرآن.
وقال ابن عبد القوي في كتابه ( مجمع البحرين ) أنه يحرم الاتكاء على المصحف وعلى كتب الحديث وما فيه شيء من القرآن اتفاقا – عند الحنابلة –.[ الآداب الشرعية 2/285- 286 ].
وقال في الإتقان: ” يستحب تطييب المصحف وجعله على كرسي , ويحرم توسده بالاتكاء لأن فيه إذلالاً له وامتهاناً، أو مدّ الرجلين إليه. وقد يصور ويوسد بالاتكاء عليه كالوسائد ويجعل وسادة للنوم كالمخدة وكلاهما ممنوع “. [ الإتقان 2/172 ].
وقال في كشاف القناع:” ويحرم توسده والوزن به والاتكاء عليه لأن في ذلك ابتذالاً له، وكذا كتب العلم التي فيها قرآن، وإلا بأن لم يكن في كتب العلم قرآن كره توسدها والوزن بها والإتكاء عليها “. [ كشاف القناع 1/159 ].
وذهب إلى حرمة التوسد د. حسام الدين عفانة، والشيخ عطية صقر وقال:” تحدث العلماء عن مظاهر تكريم القرآن والمصحف الذي يحويه فأمروا بالطهارة عند مسّه وحمله، ومن مظاهر التكريم عدم وضعه تحت الوسادة عند النوم أو وضع أمتعة أو كتب فوقه أو عمل أي شيء يعتبر عرفاً إهانة له.
بل جاء في كتاب المصاحف لأبي داود : أن وضع المصحف على الأرض غير لائق، وأورد في ذلك أثراً لم يبين درجته من القبول والرفض إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فيمن وضع كتاباً من ذكر الله في الأرض: ( لعن الله من فعل هذا، لا تضعوا ذكر الله في غير موضعه ).
وهذا في وضع المصحف بغير نية الاحتقار والإهانة، أما عند هذه النية فهو محرم بالإجماع، بل قال أكثر العلماء: أن من احتقر أو استهزأ بكتاب الله فهو كافر، وقد يكون لغير ذلك ولا نستطيع أن نجزم برأي فيه. [ الفتاوى – عطية صقر 1/ 171 ].
وخلاصة الأمر: أنه لا يجوز وضع المصحف أو الآيات القرآنية تحت الوسادة ( المخدة ) أو أي مكان في نوع إذلال وامتهان واحتقار للقرآن، خاصة إذا أخذنا بعين الاعتبار أن بعض الناس يضعون آيات من القرآن تحت فراش الأطفال لاعتبارات مختلفة، وفي هذا إضافة إلى الاحتقار إمكانية وصول النجاسة إلى هذه الآيات، وفي هذا زيادة امتهان واحتقاره، وهو مناف لتعظيم كتاب الله الذي هو تعظيم لله عز وجل.

والله تعالى اعلم

Untitled-1

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة