حكم اليانصيب التوتو، اللوتو، الونر، ماكنات القمار

تاريخ النشر: 18/07/16 | 0:04

س1: ما حكم المشاركة في ألعاب اليانصيب (وينر، توتو، لوتو، آلات القمار…) من الناحية الشرعية؟
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسولنا الأمين وبعد:
المشاركة في ألعاب اليانصيب بكافة أشكالها وأنواعها حرام شرعا؛ لأنها صورة من صور القمار. قال تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (90) إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاَةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ}المائدة:90-91. والميسر هو القمار. والتحريم ظاهر بقوله تعالى:”فاجتنبوه”، أي لا يجوز اللعب والمشاركة في صور القمار، ويجب الابتعاد عن الأماكن التي تمارس فيها مثل هذه الألعاب.{انظر: زاد المسير(2/260)}.
والسنة النبوية أكدت تحريم القمار بقوله صلى الله عليه وسلم:”من قال لصاحبه تعال أقامرك فليتصدق”.{متفق عليه}.
وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:”لا يدخل الجنة لحم نبت من سحت”.{رواه ابن حبان في صحيحه}
جاء في فتاوى الأزهر(7/259):”أوراق اليانصيب حرام لأنها نوع من أنواع القمار”. وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة- المحموعة الأولى(15/205):”اليانصيب نوع من القمار وهو الميسر، والمال الذي يؤخذ بسببه مال حرام”.
وقد عرف البيجوري القمار في حاشيته(2/521) بقوله:”هو كل لعب تردد بين غرم وغنم”. فالقمار هو كل لعب على مال أو غيره بين فريقين أو أكثر، متساويين في احتمال الخسارة، يأخذه الغالب من المغلوب.
{انظر: بدائع الصنائع(14/106)، شرح مختصر خليل للخرشي(10/191)، الجامع لابن رشد (ص336)، الشافعي في الأم(4/243)، المغني(11/131)}

س2: ما هي إسقاطات هذه الألعاب على الفرد والأسرة والمجتمع؟
المشاركة في ألعاب اليانصيب لها أثر سلبي على الفرد والأسرة والمجتمع، ويظهر هذا الأثر في النواحي التالية:
1-الإدمان عليها.
2-إضاعة الكثير من المال والوقت.
3-تربية النفس على الأوهام وتعطيل الأسباب الاقتصادية.
جاء في فتاوى الأزهر(7/223):”وإنما كان تحريم الميسر والقمار بعمومه لما فيه من المضار النفسية، إذ يعمل على إفساد التربية بتعويد النفس الكسل، والقعود عن طلب الرزق والسعي في سبيله انتظارا لقدومه بأسباب موهومة، وإضعاف القوة العقلية بترك الأعمال المفيدة في طرق الكسب الطبيعية.وإهمال المقامرين للزراعة والصناعة والتجارة التي هي أركان العمران.ولما فيه من المضار المالية، إذ يؤدى الميسر والقمار إلى تخريب البيوت والإفجأة بالتحول من الغنى إلى الفقر.والحوادث الكثيرة في المجتمع شاهدة على ذلك”.

س3:كيف يتعامل الرابح مع أموال الجائزة؟
لا يجوز الانتفاع بأموال جائزة اليانصيب، ويجب التخلص من هذا المال فورا عن طريق التخلص منها لأي جهة خيرية. شأنه شأن المال الحرام في كيفية التخلص.
جاء في المجموع(9/351):”لا يجوز اتلاف هذا المال (أي المال الحرام) ورميه في البحر فلم يبق إلا صرفه في مصالح المسلمين”.
قال القرضاوي عند حديثه عن كيفية التصرف في الفوائد الربوية في كتابه فتاوى معاصرة(2/382): “أما المشروع في هذا المقام، فهو دفع هذه الفوائد ومثلها كل مال من حرام في جهات الخير، كالفقراء والمساكين، واليتامي وابن السبيل، والجهاد في سبيل الله، ونشر الدعوة إلى الإسلام، وبناء المساجد والمراكز الإسلامية، وإعداد الدعاة الواعين، وطبع الكتب الإسلامية، وغير ذلك من ألوان البر، وسبل الخير”.
س4: من المعروف أن اللجنة المسئولة عن هذه الألعاب تقوم بدعم وتنفيذ مشاريع جماهيرية تخدم المجتمع كبناء المدارس والمراكز الجماهيرية(بايس)، هل يغير هذا الأمر من النظرة والحكم الشرعي للتعامل مع هذه الألعاب؟
لا يؤثر في الحكم كون اللجنة المسئولة (بايس)، تقوم بمشاريع خيرية جماهيرية، والمعنى أن الاشتراك في اليانصيب حرام مع الوصف المذكور للّجنة؛ لأن الغاية لا تبرر الوسيلة في شريعتنا، فلا يصح للمرء أن يتاجر بالحرام لغرض بناء المساجد والقيام بالأعمال الخيرية الأخرى. فالغاية عندنا مشروعة وسامية وينبغي أن تكون الوسيلة كذلك.
وتصديقاً لذلك يقول المولى جل وعلا:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَنفِقُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَلاَ تَيَمَّمُواْ الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ وَلَسْتُم بِآخِذِيهِ إِلاَّ أَن تُغْمِضُواْ فِيهِ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ}البقرة:267.
يقول القرضاوي في كتابه فتاوى معاصرة(2/475):” إن الإسلام لا يقبل الوصول إلى الغايات الطيبة بالوسائل الخبيثة. إنه يرفض الفلسفة “الميكافيلية” التي ترى أن الغاية تبرر الوسيلة. بل يؤكد كل التأكيد أنه لا بد من اجتماع الأمرين: الغاية الشريفة والوسيلة النظيفة، ولهذا رفض جمع المال من طرق الحرام لينفق في الخيرات وأوجه الصدقات، وقال الرسول الكريم في ذلك: “إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا”، وقال عليه الصلاة والسلام:”لا يقبل الله صلاة بغير طهور، ولا صدقة من غلول”. رواه مسلم.
والغلول ما يؤخذ من مال الغنيمة خفية وخيانة، دون سائر المستحقين، فإذا أخذه ليتصدق به فإن الله يرده عليه ولا يقبل منه.
ولهذا فسر السلف العمل الصالح المقبول بأنه ما اجتمع فيه أمران: الخلوص والصواب، فلا يقبل العمل عند الله إلا إذا كان خالصًا صوابًا. وخلوصه أن يكون لله تعالى، وصوابه أن يكون على السنة، أي على ما شرعه المنهج النبوي الذي يمثل الصراط المستقيم “.

والله تعالى أعلم
المجلس الإسلامي للإفتاء

Untitled-1

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة