عين النحلة وعين الذبابة
تاريخ النشر: 13/07/16 | 0:03كم كنت أحب مصاحبة هذا المربي الفاضل، فمثلي ومثله كمثل شجرة وجدت البستاني الخبير الذي يعتني بها فيهذب فروعها ويسقيها ويسمدها، بل ويختار لها من الأشجار المثمرة فروعا يُطَعِّمُها بها لتثمر، كان هذا حاله معي.
فبينما سرنا معا في للنزهة في بستانٍ صغيرٍلصديقٍ له دعانا إلى زيارته ، وقعت عيني على عدة أشياء لم تعجبني، وكان كلما أفصحت له عن شيء لم يعجبني يرد بذكر شيء أعجبه.
فقد وضعت يدي على أنفي لسوء رائحة روث الحيوانات الذي أحضره صاحب البستان ليسمد به الأشجار وقلت: ما أنتن رائحته.
فرد قائلا: لولاه ما أخرج الله به هذه الأزهار ومن بعدها الثمار ، ولكان الحصاد هزيلا
ونظرت إلى حوض الورد البلدي فقلت: ما أروع الورد وأجمله لولا هذا الشوك.
فرد قائلا:ولولا الشوك لفقد الورد من يحميه، إنه حين يدمي يدك إنما ينبهك ألا تستضعف كائنا مهما بدا لك ضعفه .
ودار بيننا حوار طويل في نزهتنا، حتى إذا جلسنا إلى الطعام في حجرة طينية ضيقة همست في أذنه:ما أضيق هذه الحجرة فهي لا تكاد تسعنا.
فقال -وما أوسع قلب صاحبها وما أرحب كرمه وضيافته.
احمرَّ وجهي حياءً من قوله فلما احس بخجلي غير مجرى الكلام فتسامرنا وسعدنا باللقاء، وعندما ركبنا سيارته عائدين وقعت عيني على لا فتة مكتوب عليها حكمة تقول:
“إن كان ولابد أن تستعير عينا ترى بها؛ فلتكن عين النحلة فإنها تبحث عن الأزهار والرحيق، وإياك وعين الذبابة فإنها تبحث عن القاذورات.