متى تستحق المرأة المهر المؤجل؟
تاريخ النشر: 14/07/16 | 0:03الحمدُ لله ربّ العالمين والصّلاة والسّلام على سيدنا محمّد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد:
ثبت وجوب المهر في الكتاب والسنة والإجماع والمعقول.
– أما الكتاب: فقوله سبحانه وتعالى: { وآتوا النساء صدقاتهن نحلة }. [ سورة النساء: 4 ] ، وقوله تعالى: { فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن }. [ سورة النساء: 24 ].
– أما السنة: فقد وردت فيها أحاديث كثيرة على وجوب المهر كقوله صلى الله عليه وسلم: ( التمس ولو خاتماً من حديد ). [ رواه البخاري في صحيحه 7/226 ].
– وأما الإجماع: فقد انعقد الإجماع على وجوب المهر واستحقاق المرأة له.
– وأما المعقول: فلأن عدم المهر يؤدي إلى ابتذال المرأة، والحط من قدرها، والاستهانة بأمر الزواج وإنهاء العلاقة الزوجية لأتفه الأسباب، أما المهر فيرفع من مكانة المرأة في نظر الرجل ويحمله على التأني فلا يقدم على فك العلاقة الزوجية إلا عند الضرورة القصوى. انظر: [ الفقه المقارن للأحوال الشخصية – بدران أبو العينين ص183 ].
واتفقت كلمة الفقهاء على أنه يصح أن يكون جميع المهر معجلاً ويصح أن يكون جميعه مؤجلاً، ويصح أن يعجّل بعضه ويؤجل بعضه الآخر، ويجوز أن يقسط المهر على أقساط باتفاق الزوجين.
فإذا شرط المهر إلى أجل معلوم فهو إلى أجله، أي لا تستحقه المرأة إلا عند حلول الأجل، مثال على ذلك: أن يتزوج رجل امرأة على مهر مقداره (2000) ديناراً مؤجلاً حتى تاريخ 1/1/2007م، فالمرأة تستحق المهر في هذه الحالة عند حلول الأجل وهو 1/1/2007م، أما قبل حلول الأجل فلا تستحقه إلا في حالة وفاة الزوج قبل حلول الأجل فيلغى الأجل ويصبح المهر حالاً ، وأما إذا حصل طلاق قبل حلول الأجل فيبقى المهر إلى أجله المحدد ( 1/1/2007م ) إلا إذا رضي الزوج بذلك.
هذا وفي بلادنا يذكر المهر المؤجل في العقد دون أن يحدد للأجل مدة , مثال ذلك: أن يعقد رجل قرانه على امرأة ويذكر أن لها مهراً مؤجلاً مقداره (2000) ديناراً، دون أن يبين في العقد تاريخ حلول الأجل.
وهذا العقد صحيح وتستحق المرأة المهر في حالة وفاة أحد الزوجين ( الزوج أو الزوجة ) أو في حالة وقوع الطلاق.
ومن هنا ينبغي التنبيه على خطأ متناقل من جيل إلى جيل وهو أن المرأة لا تستحق المهر المؤجل إلا في حالة وقوع الطلاق، فإذا لم يقع طلاق لا تستحقه، فليتنبه الناس لهذا الأمر، فالمهر المؤجل كما سبق سواء أكان مؤقتاً أو مطلقاً عن تحديد الوقت تستحقه المرأة باتفاق العلماء.
ففي الحالة الأولى تستحقه عند حلول الأجل، وفي الحالة الثانية تستحقه بأقرب الأجلين: الطلاق أو وفاة أحد الزوجين.
فالذي ذكر لزوجته في العقد مهراً مؤجلاً سواء أكان للأجل مدة أم أطلق عن المدة وتوفي قبل سداد المهر يلقى وجه الله تعالى وهو مدين لزوجته.
وقد يقول قائل: إذا توفيت الزوجة قبل الزوج فهل تستحقه؟ ولمن يعطى؟
نعم تستحقه، ويعطى لورثة الزوجة ، جاء في قانون الأحوال الشخصية المادة ( 46 ): ( إذا عينت مدة للمهر المؤجل فليس للزوجة المطالبة به قبل حلول الأجل ولو وقع الطلاق، أما إذا توفي الزوج فيسقط الأجل، وإذا لم يكن الأجل معيناً اعتبر المهر مؤجلاً إلى وقوع الطلاق أو وفاة أحد الزوجين ).
وقد يقول قائل: في حالة وفاة الزوج من أين تأخذ المرأة مهرها؟
تأخذ المرأة مهرها من تركة الزوج حيث أنه قبل تقسيم التركة بين الورثة يجب تسديد ديون الميت والمهر المؤجل دين في ذمة الميت، فتأخذ المرأة حقها، وبعد سداد ديون الميت تنفذ الوصايا إن كان هنالك وصايا على أن لا تتجاوز ثلث التركة، ثم تقسم التركة بين الورثة، وترث الزوجة الثُمُن إن كان للميت فرع وارث وإن نزلوا ( الابن وابن الابن وإن نزل، والبنت، وبنت الابن وإن نزل ) والرُبُع إن لم يكن له فرع وارث.
ملاحظات:
أ- إننا ننصح الأخوة المأذونين أن يبيّنوا للناس حكم المهر المؤجل ومتى تستحقه المرأة حتى لا يغالي بعض الناس في المهور لظنهم أن المرأة لا تستحقه إلا في الطلاق، وهذا خطأ شائع متناقل من جيل إلى جيل كما ذكر في الفتوى.
ب- إذا أسقطت المرأة حقها في المهر كأن تكون سامحت الزوج عن طيب خاطر ونفس جاز ذلك وبرئت ذمة الزوج من الدين.
والله تعالى أعلم