حكم سيادة القانون أم سطوة تصفية الحسابات

تاريخ النشر: 01/07/16 | 11:52

لاشك أن “الجاسوسية” فى عالم اليوم تعتبر من أخطر الجرائم فى الخيانة وأبغض الرزائل فى الأخلاق التى بالتأكيد تهدد أمن وكيان المجتمعات المتحضرة قبل المتخلفة . . مما تستحق أقصى عقوبة قانونية بلا هوانة لبشاعة أسلوبها القبيح فى الخداع والخيانة . .
. . على الرغم من ذلك . . (لا) بد إعطاء مرتكب هذه الجريمة الشنيعة كل الفرص والحق القانونى المباح والمسموح له تحت بنود الدستور ولوائح القانون المدنى والحربى للدفاع عن نفسه مع توفير الحماية المكفولة دستورياً تحت حكم سيادة القانون وحفاوة حقوق الإنسان فى حق الدفاع الممثل فى توكيل المحاماة نيابة عنه (إذا) غير قادر على توكيل محامى كحق مصون فى دولة تبغى تبنى نهج الديمقراطية والحرية الصحيحة الصائبة . .
. . مناقض المضمون . . تبارزت صحف الطرب عن التشهير فى ترحيل “مقدمة برنامج لبنانية” (لم) يسمع بإسمها الموقع أدناه إلى حين نشر الخبر فى الأعلام المصرى بتهمة “التجسس” أو “التعامل مع مخابرات أجنبية” . . وقد تم ترحيلها على الفور إلى بلادها فى غضون أربع وعشرين ساعة على ما يبدو من سرد الخبر . . و(لم) يسمح لها سوى حمل “حقيبة يدها” (فقط) معها كما تناولت الصحف الصامتة . .
. . بالطبع . . الترحيل الفورى بهذه الصورة البغيضة المخزية لدى إنسان متغرب . . قد يعد أمر غريب يدل على أن الأمر خطير وبالغ الأهمية الأمنية . . ولكن الأكثر أهمية وخطورة قصوى على أمن (مصر) . . (ليس) ما نسب إليها سواء كانت بريئة أو مذنبة من التهمة وراء ترحيلها . . فلا يعنى إكتراث أو أهمية لرجل يتحدث بلغة المنطق . . هذه اللغة تحتم على كل مصرى مخلص لبلده التبصر بعين الحكمة والحنكة مع اليقظة لكى يتأمل فى الأمر والحدث ليسأل نفسه . . كيف أصدر مثل قرار ترحيل (بدون) إستجواب أو تحقيق أو إتخاذ منوال العدالة العامة فى تتبع سبل “إجراءات قانونية” كما يحتم الدستور والقانون . . وكأن مصر عادت إلى ظلمات “دكتاتورية” (حكم) “الرجل الواحد” . . الآمر والناهى . .
. . بالتأكيد وبصراحة . . صاحب هذا القرار (الخاطئ) أهان كل المصريين الشرفاء والعرب معهم . . وأضاع حقوقهم فى معرفة أين الحقيقة أو كيف الوصول إلى قاع المستور ومن هم وراء “المخابرات الأجنبية” . . وما إذا كان هناك روابط مع خليات خفية أخرى . . هذا القرار العشوائى خطى بقدمه فوق أسس “الإجراءات القانونية” المتبعة عادةً فى مثل هذه الحالات ليتعدى مستهتراً على دستور أم الدنيا . . وكأنه مالك الدولة ليقرر مصير الناس (بلا) محاسبة أو محاكمة تحت وهم الحرص على مصر . . وما تم (هو) العكس صحيح . .
. . “المطار” (ليس) المحطة الأولى لمن يتهم بالتورط فى أعمال “الجاسوسية” فى مصر أو أى مكان فى العالم . . الترحيل الفورى قد سلب حق السيدة اللبنانية فى “إجراءات قانونية” مع محاكمة عادلة تحت مظلة الدستور وسيادة القانون المكفولة لكل مواطن يعيش على أرض “المحروسة” (مصر) بصرف النظر عن إختلاف الجنسية أو الإنتماء الدينى . . وبصفة خاصة . . (إذا) كان المتهم “عربى” (الأصل) كالحالة التى نحن بصددها هنا . .
. . ألم تكن مصر (هى) التى علمت العالم شعار العدالة المعبر فى مغزاه القيم والفريد فى مبدأ سيادة الحق حين أحق أحقية ظلت ومازالت أعمدة المحاكمة العادلة النزيهة فى كل مكان يرفع فيه “ميزان العدل” (الفرعونى) فى دعم مع ترسيخ قوة البراءة فى قول –– *”المتهم برئ (حتى) تثبت (إدانته) فى (محكمة) القانون”*. . هذه البائسة المرحلة مجبرة رغماً عن رغبتها وإراداتها قد حرمت من هذا الحق (بدون) وجه (حق) . .
. . وفى نفس السياق . . قد أضاع القرار على مصر فرصة ذهبية لمعرفة من هم المتورطون معها من “المخابرات الأجنبية” التى كانت تتعامل معهم أو تعمل لحسابهم –– (إذا) كان “الإدعاء” بالفعل صحيح أو يحمل مصداقية إثبات الإدانة عند القضاء فى محكمة القانون –– فأنسب محطة أساسية أولية قبل “المطار” . . هى مبنى المخابرات العامة أو الحربية لتحرى حقيقة الأمر بحرفية . . ثم عودتها إلى بيتها وحياتها عزيزة مكرمة (إذا) كانت نظيفة من شائبة شبهة الإتهام أو إرسالها مباشرة إلى النيابة العامة ومنها تحويلها إلى دار القضاء لمحاكمتها –– وما ينجم عن المحاكمة يتبع حكم ما سبق ذكره معها فى حدود نطاق أمر وسيادة القانون الذى يسمو ويعلو (فوق) الجميع –– حاكم (قبل) محكوم . .
. . أمر “الترحيل” (الفورى) فى أى بلد متحضر يحكم تحت طائلة وهيمنة سيادة القانون بصرف النظر عن نهج الديمقراطية والحرية يعتبر قرار قاطع (لا) يملك السلطة فى إصداره سوى “قاضى” (عدل) أو “النائب العام” –– و(لا) شخص مسؤل سواهم –– (بعد) نفاذ كل منافذ “الإجراءات القانونية” لحماية حق المتضرر من قرار وأمر الترحيل . . من غير شك . . رئيس أمريكا (شخصياً) يحب أن يرى ترحيل هذا الكاتب المتواضع –– ولكن يا حسرتاه –– (لا) يملك الحق القانونى أو الدستورى لإصدار مثل قرار . . ولعلم اليقين لدى من يملكون ناصية القرار عندهم –– أن –– [(القلم) الذى يتيقن ويتقنن بقوة قيمه المثلى –– (أقوى) فتكاً وأكدر هلاكاً من “النووى” الذى يهددون به (الضعفاء) من البشر] . .
. . للأسف . . قد تجاوزنا حدود أو بالأحرى دسنا على مبادئ وقيم سيادة القانون . . و(لم) نهمل أن نغض أبصارنا على “روح القانون” لنحقر من أدمية شأن ضيفة فى مصر (الفرعونية) العظيمة التى تترفع بأخلاق العفة والكرم المهذب عن هذا “الترحيل” (الظالم) “القرار” فى العشر الأواخر من (رمضان) . . هذه إمرأة مؤكد مشهورة فى الوسط الأعلامى العربى . . مقيمة بالطبع فى بيت يليق بالراتب الخرافى الخيالى الذى يتقاضاه أولئك وهؤلاء العاملون فى الوسط الفنى والأعلامى . . ولها حساب أو حسابات متعددة فى البنوك . . وتملك أساس مع ملابس فارهة فاخرة ثمينة القدر ورفيعة القيمة . . لماذا (لم) تعطى لها الفرصة والحق لإنهاء حساباتها فى البنوك . . وخصم حصة مصر المفروضة من الضرائب على هذه الأموال . . ومنحها حقها فى التصرف فى منزلها وأخذ أساسها وملابسها معها . . أم ستصادر بدون أمر قضائى كما ترحلت صاحبتهن . . وأين ستصب المصادرة . .
. . الضرورة الحتمية فى أمر الترحيل الفورى تستوجب السؤال البسيط عما إذا كانت هذه الإعلامية تشكل تهديد حقيقى لأمن مصر القومى رغم عدم لجوء الصحف إلى ذكر أو تحديد هذا التعبير الصرف . . أم مجرد إنتقام على شكل وطريقة “تصفية حسابات” من إنسانة (ربما) كانت تعبر بحرية عن رأى أو فكر أو نقد معين رغم عدم معرفة إسم البرنامج أو نوعيته أو أى قناة تلفزيونية تعمل بها . . أو مجرد وقعت فى خلاف ما مع أحد من أولئك المطلق عليهم من صحف الطرب “مراكز القوى” . . فأراد أن يلقنها درس الجهلاء الأحمق فى تحقير صورتها أمام الرأى العام العربى . . وفى الواقع قد وضع مصر فى محور أسوأ صورة مع أهل المحبة فى بلاد الشام الذين حبوا مصر أكثر من أوطانهم وأحبتهم مصر أكثر من أولادها . . وجاء معهم (زهرة) أيقونات “الزمن الجميل” . . (لم) نرى مثل قرار ترحيل عاصف يعصف بمصير جاسوس يهودى أو أمريكى الذين (لا) حصر لهم فى سفاراتهم أو داخل (جامعة التجسس الأمريكية) والمتسترون معهم تحت ستار (الجمعيات الخيرية) والذين قد هرب بعضهم من يد العدالة بعد القبض عليهم . . وقد أهملت قضيتهم فى عالم النسيان . .
. . بغض النظر عن مدى تهديد أو تورط هذه السيدة المسكينة التى إستدعت وإستوجبت (فرمان) خارج عن نطاق سلطة القضاء (المستقل) الذى تطرقنا إليه وشددنا عليه فى المقال السابق –– “[إحترام قضاء –– أم تحدى إرادة قرار]” –– تحت زعم دعوى قرار “سيادى” أو “سلطى” أو “رئاسى” وما خلافه من مسميات مع ألقاب . . بلا شك . . سيادة القانون (لم) تفعل . . وأهملت خارج إطار العمل المخصص لها . . وتنحت جانباً من أداء دورها الحيوى فى المجتمع (الحر) من الأزل والرافض بقوة . . والغاضب بشدة من عودة “سيطرة الفتونة” وأصحاب “النفوذ” الذين قد نسوا درس الأمس القريب الحزين . . ولن يفيقوا من غفلتهم (إلا) بعد فوات الأوان . .
. . (لا) أحد يملك مصر سوى شعب مصر (الحر) . . والملك (الفاسد) قد أيقن هذه الحقيقة حينما حكمت عليه مصر أن يموت (ذليل) فى المنفى . . و(لا) ينبغى لأحد أن يملك ساحة “ميدان التحرير” سوى ثوار مصر البواسل الشرفاء . . وهذه الأطروحة الممزوجة عظة والمحفوفة مواساة من إنتهاك حرمة الحرية مع سيادة القانون مهداء إلى أم الدنيا مشعلة الثورات ومولدة الأبطال مع البطولات . . واحدة تلو أخرى . . إلى مدى الدهر فى زينة عرس عيد ثورة يونيو الشعبية العظيمة . . تنتفض متسائلة بغضب صوب الحرص : ––
. . هل قامت مصر وأبهرت العالم بثورتين تاريخيتين فى سنتين متتاليتين لترسخ خرسانة حرية وتثبت دعامة قوة –– [حكم سيادة القانون –– أم سطوة تصفية الحسابات] [؟]

عاصم أبو الخير / مصر
66

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة