أنفاق الحمم على القمر قد تكون سكن مستعمري القمر بالمستقبل
تاريخ النشر: 09/06/16 | 0:01لعدة سنوات وعلماء الفلك يبحثون عن أنفاق تحت سطح القمر يعتقد أنها ناتجة عن تدفق الحمم البركانية lava tubes عندما كان القمر في المراحل الأولى من ولادته حيث كان يتصف بالنشاط البركاني، ويمكن لهذه الأنفاق إذا ما وجدت فعلا أن تكون موقعا مثاليا لبناء المستعمرات القمرية المأهولة في المستقبل، فسقفها سيكون سميكا ويحمي الأحياء هناك من خطر الأشعة الكونية، وستحميهم أيضا من ضربات النيازك، ودرجات الحرارة المتدنية جدا، وتوفر أيضا الضغط الهوائي المثالي لعملية التنفس.
لكن وحتى الأن لم يتمكن العلماء من تحديد منطقة لوجود أنفاق للحمم البركانية على القمر سوى في منطقة واحدة وهي القناة التي تقع ضمن منطقة منخفضة ومتعرجة مع ظهور ثقوب تشير إلى احتمال وجود أنفاق الحمم البركانية تعرف باسم (أكا) والتي تعني مناور الضوء. لكن الدلائل التي تم عرضها مؤخرا في المؤتمر 47-لعلوم القمر والكواكب الذي عقد في مدينة تكساس Lunar and Planetary Science Conference كشفت عن إمكانية وجود أكثر من نفق للحمم البركانية في منطقة واحدة تسمى “جبال ماريوس ” Marius Hills.
الورقة العلمية التي قدمها “روهان سوود” Rohan Sood مساعد باحث في دائرة قسم علوم الطيران والفضاء في جامعة بوردو في ولاية أنديانا الأمريكية، أشار فيها انهم اعتمدوا على بيانات المجس الأمريكي “جريل” NASA’s twin Gravity Recovery and Interior Laboratory (GRAIL) الذي قدم للباحثين معلومات جيدة ودقيقة عن داخل القمر.
وكانت وكالة الفضاء الأمريكية ناسا قد أطلقت المجس جريل إلى القمر سنة 2011م لرسم خارطة دقيقة للجاذبية القمرية ويتكون المجس من جزئيين يقيسان الجاذبية من جهتين متقابلتين على القمر، وقدم المجس معلومات مهمة عن التركيب الداخلي للقمر من ضمنها الأنفاق البركانية الداخلية التي اعتقد العلماء بوجودها مسبقا.
في عام 2009م أكد المجس الياباني “كاجويا” Kaguya spacecraft التابع للوكالة اليابانية لاستكشاف الفضاء (جاكسا) Japan Aerospace Exploration Agency’s (JAXA) وجود نفق للحمم البركانية في منطقة حبال ماريوس، وفي سنة 2011م تم تصويره بواسطة المجس الأمريكي “المتتبع القمري المداري” Lunar Reconnaissance Orbiter بمزيد من التفاصيل حيث ظهر النفق بعرض 65 مترا وبعمق 80 مترا، ووفقا لتحاليل المجس الأمريكي فان هذا دليل على أن الحمم البركانية تدفقت في هذه المنطقة مرة واحدة.
وبعد أن أجرى العلماء تحليلا للمعلومات التي حصل عليها المجس جريل من ارتفاعات مختلفة عن سطح القمر، توصلوا إلى وجود أنفاق فارغة شكلتها الحمم البركانية القديمة على القمر وبالتحديد أسفل منطقة جبال ماريوس وهو ما دفعهم للاهتمام الجدي بمتابعة دراستها، كما أن المعلومات الحديثة من المجس جريل قدمت صورة عالية الجودة عن المناطق التي توجد فيها الأنفاق والكهوف القمرية الناتجة عن الحمم البركانية.
كما هو الحال على الأرض، فان جاذبية السطح تعتمد على كثافة المواد الموجودة أسفل سطح القمر، لذلك لو أنك تطير في مركبة فضائية فوق منطقة أسفل سطحها عالي الكثافة ستجد زيادة في قوة الجاذبية، ولو أنك تطير فوق منطقة أسفل سطحها فارغ مثل وجود الأنفاق البركانية فستجد تراجعا في قوة الجاذبية، وبهذه الطريقة رصد الباحثون 12 نفقا للحمم البركانية على القمر، وتقع جميعها في المنطقة المظلمة حيث البراكين القمرية القديمة، ويصل طول بعضها إلى حوالي 100 كيلومترا وبعرض يصل إلى عدة كيلومترات.
أن هذه الأنفاق الناتجة عن سيلان الحمم البركانية في الماضي يمكن استخدامها لبناء مستعمرات قمرية شكلتها الطبيعة، حيث أنها يمكن أن تؤدي إلى غرف فارغة ضخمة في باطن القمر يمكن أن تتسع للمدن الكبيرة، وهي مناسبة جدا لبناء مستعمرات قمرية مناسبة لبقاء الحياة مثل رواد الفضاء وعائلاتهم في المستقبل، فهي تحميهم من الأشعة الكونية الخطرة التي لا تصل سطح الأرض بفعل طبقات الغلاف الغازي الأرضي ومنها طبقة الأوزون، إضافة لضربات النيازك التي تخترق الغلاف الغازي الأرضي وتتحول إلى شهب، لكن ونظرا لعدم وجود غلاف جوي على القمر فان هذه الأنفاق ستحميهم من ضربات النيازك، كما أن سماكة التربة القمرية حيث توجد الكهوف العميقة تحفظ الحرارة المناسبة والهواء المطلوب لبناء المستعمرات القمرية.