تحليل كيميائي لذرات الغبار بين النجوم خارج المجموعة الشمسية
تاريخ النشر: 15/06/16 | 5:36تمكن فريق علمي دولي من إجراء تحليل كيميائي لذرات الغبار المنتشرة بين النجوم في المجرة خارج حدود المجموعة الشمسية، وذلك بالاعتماد على أجهزة الرصد الحساسة الموجودة على متن المجس الأمريكي كاسيني، وكانت النتيجة المفاجئة هي أن تكوينها كان مختلف تماما في التركيب مع العناصر الأخرى المنتشرة في الكون، لذلك يشكك الخبراء في أن ذرات الغبار قد تم تدميرها بشكل كامل.
فقد أجرى الفريق العلمي الدولي بدعم من جامعة هايدلبرغ Heidelberg University تحليلا للذرات الغبارية السابحة في الفضاء خارج المجموعة الشمسية باستخدام جهاز التحليل الكيميائي الذي يطلق عليه محلل الغبار الكوني cosmic dust analyzer (CDA) الذي تم تصنيعه في الجامعة نفسها والمثبت على متن المجس “كاسيني” Cassini space probe بدعم وتعاون مع معهد علوم الأرض ومختبر “كلاوس تشيرا” للكيمياء الكونية في نفس الجامعة Klaus Tschira Laboratory for Cosmochemistry، ونشرت نتائج هذه الدراسة في العدد الأخير من مجلة “العلوم”Science.
يقول الدكتور “ماريو تريلوف” Mario Trieloff عالم الأرض في جامعة هايدلبرغ إن ذرات الغبار الكوني المجهولة بين النجوم هي آخر المعاقل في الكون، حيث أنها صغيرة الحجم جدا ويصل قطرها إلى حوالي 200 نانوميتر nanometers لذلك فمن الصعب العثور عليها، وأوضح أن ذرات الغبار الكوني تتكون من الغاز والهليوم، وبعض المعادن الثقيلة، وتنشأ من خلال عملية التكاثف في النجوم والكواكب السيارة، وهذه الذرات الغبارية هي المادة الخام التي تكونت منها الأرض والكواكب السيارة الصخرية الأخرى في المجموعة الشمسية وهي عطارد والزهرة والمريخ.
عندما يتعلق الأمر بدراسة الغبار بين النجوم فان العلماء يعتمدون في ذلك على عينات قريبة من نظامنا الشمسي، وكان بمقدور المجس الفضائي “ستار داست” Stardust space probe رصد الجزيئات الصغيرة جدا التي تعبر نظامنا الشمسي، لكن هذه الجزيئات كانت كبيرة بشكل غير عادي وعليه فهي لا تمثل الصورة الحقيقية للغبار الكوني، ولكن على النقيض من ذلك يمكن للمسبار كاسيني التعرف على 36 من جسيمات الغبار بين النجوم من اصل ملايين ذرات الغبار بين الكواكب السيارة في المجموعة الشمسية، علاوة على ذلك فان محلل الغبار الكوني يمكنه تحليل هذه الذرات الغبارية فورا بمساعدة مطياف الكتلة mass spectrometry وهي طريقة قدمت نتيجة اكثر دقة من ذي قبل.
أما الدكتور فرانك بوستبيرغ Frank Postberg من معهد علوم الأرض في جامعة هايدلبرغ فقد أشار انهم لاحظوا أن التحليلات الطيفية الشاملة يمكن أن تتم على كمية كبيرة من الذرات الغبارية، وهي عملية أصبحت ممكنة حاليا بفضل سلسلة معقدة من التجارب التي أجريت في الجامعة، ولتحقيق التجارب المنشودة فقد تم تسريع ذرات السليكا في المختبر لتبلغ سرعتها 40 كيلومترا في الثانية الواحدة، وهي تماثل سرعة الغبار بين النجوم في المجرة.
بحسب النتائج التي أشار إليها الدكتور بوستبيرغ فقد كانت مذهلة، حيث أن الجزيئات ال 36 التي أصلها بين النجوم متشابهة جدا في التركيب، تحتوي على مزيج من العناصر المكونة للصخور مثل المغنيزيوم والحديد والسيليكون والكالسيوم في المعيار الكوني لنسبتها، على الرغم من أن الحبيبات الغبارية لها كتلة تقدر بأقل من تريليون من الغرام، ويتم جمع كامل العناصر هنالك في الكون، باستثناء الغازات المتطايرة، وهذا الجزيئات لا يمكن أن توجد داخل حدود المجموعة الشمسية، كما أن العلماء اعتقدوا في السابق أن مجموعات الغبار تختلف عن بعضها، نظرا لأنها تكونت في بيئات مختلفة من النجوم، وقد تم العثور على هذا الاختلاف في التركيب من خلال تحليل النيازك التي تحمل غبارا نجميا، لكن نتائج التحاليل الأخيرة أعطت نتائج مختلفة تماما.
وطبقا للعلماء فقد الغبار خصائصه وتجانسه بسبب الحرارة الناتجة عن النجوم، التي تحتوي على فقاعات ضخمة ساخنة جدا تصل حرارتها إلى حوالي مليون درجة مئوية، ناتجة عن النجوم المنفجرة “السوبرنوفا” supernova حيث تنشأ عنها موجة صدمية تتوسع بسرعة تصل إلى مئات الكيلومترات في الثانية الواحدة، وبحسب الخبراء فقد ظهرت نظرية تقول إن الغبار بين النجوم يمكن أن يعيش في هذه البيئة الغنية بالطاقة لبضعة مئات ملايين السنين، والقليل جدا منه ينجو وتتولد منه الكواكب السيارة التي تبقى بنفس خصائصها دون أن تتغير.
إن أحدث الدراسات توصلت إلى أن معظم الجسيمات يتم تدميرها وتستقر في السحب الجزيئية، أي تكون باردة، وفي المناطق الكثيفة من الفضاء الخارجي، حيث تجلب الرياح النجمية هذه الجزيئات المتجانسة إلى النظام الشمسي.