حبيبتي للأبد (نزيه نصر الله)

تاريخ النشر: 08/06/16 | 11:08

قرأتُ ديوان ” حبيبتي للأبَدِ ” للشاعر نزيه نصر الله، من مواليد شفاعمرو، الصّادرِ عن “دار الوسط اليوم للإعلام والنشر” – رام الله، وهو يحوي في طيّاته 21 قصيدة في 70 صفحة، قامت بمراجعته الشاعرة المُبدعة آمال عوّاد رضوان، ولوحة الغلاف للفنّانة الفلسطينيّة تغريد حبيب.
الشاعر نزيه نصر الله يطلّ علينا بديوانه الأوّل لينبئنا بولادة شاعر عاشق.
لقد عشتُ مع “حبيبتي للأبد” ومع الإهداء سويعاتٍ قليلة، فوجدتُ نفسي أمامَ دنيا كبيرةٍ تزخرُ بفيضٍ مِنَ المشاعر، ووجدتُ عروقَ القصائدِ تنبضُ بالعاطفةِ الجيّاشةِ، وتخرجُ مِن القلبِ للقلب مباشرةً دونما استئذان، شعرٌ زاخرٌ بمفرداتٍ عذبةٍ دغدغتْ ذائقتي الشعريّة. جاءَ في تراثِ الأمثالِ أنّ أوّلَ الغيثِ قطرٌ وينهمرُ، ولم يَشأ نزيه نصرالله منذ الإبداعِ الأوّلِ إلّا أن يَقفزَ عن القطرِ ويتخطّاه، فيغدو طوفانًا.

نزيه يهدي مجموعته لفرسان الحُبِّ والعشقِ ولكلِّ ذي قلبٍ حيٍّ بالحُبِّ.. بالعشق.. بالهُيام ليسكر حتى الثمالة مكتفيا بكأس فارغةٍ في قصيدة “راحُ عَينَيكِ” – فاتحة الديوان ليتحوّل إلى الغيرة على الحبيبة مُحتذيًا برائعة الحداثي أنسي الحاج “أغار” ومن ثم عابدًا لحبيبته فرحًا بها ومعها إلى الأزل في قصيدة “مزاميري رهنً ولادةٍ”.

نزيه شاعر عشقيّ ولهان يحب المرأة التي تُطيّب جثمانه بعطر دموعها في قصيدته “خطيئتُكِ لا تُغتفَرُ” صارخًا:”كيف تُسكرُني خمرةٌ ما زالتْ في أحضانِ عناقيدِها حُصرُما ؟” ويتغنّى بها عبر كل صفحات الديوان فيُهدهدُه الانتظار ولكن لا مفرّ له كما يقول في قصيدته “إلى أين المهرَبُ؟” ليتعطّر بعشقها في قصيدته “ينبشني عِطرُكِ سيّدتي”.
أنّنا غدوْنا في عصر اللامعقول بالنسبةِ للقصيدةِ النثريّة، وكأنّ أدونيس وأنسي الحاج وغيرهم من شعراء الحداثة “جَنَوْا” على تلك القصيدة، بفتح السّاحاتِ الأدبيّةِ “للانفلات الشعريّ”، فتسلّلَ العديدُ مِن الأقلام إلى المشهد الشعريّ، واختلط حابلُ الشعراء بنابل الهاوين الذين توهّموا أنّهم شعراء، وكأني بشاعرنا محمود درويش إذ قال: “قصائدنا بلا لون/ بلا طعم/ بلا صوت/ فإنْ لم يفهم البُسَطاءُ مَعانيها، فأوْلى بنا أن نُذرّيها ونخلد نحن للصمت”.

شعرُ نزيه يقفُ على الشاطئِ الآخرِ من البحر الشعريّ. في كتاباتِهِ يُميطُ اللثامَ عن مشاعرِهِ الصادقة، وتحفلُ أبجديّتُهُ ببساطتِها، فيقفُ بعيدًا عن الغموضِ والإبهام والتعقيدِ والانغلاق، وعن الدّجلِ الشعريّ الذي أصبحَ على أشدّه !

نزيه بعذوبة كلامه يبعث “برقيات دامية” للحبيبة ، و”إلى عاشقةٍ لعوبٍ” بكل سلاسة ووضوح ومباشرة، بعيد عن الرموز والغموض والتورية والمزاجيّة فيصرخ بوجهه عشيقته “اقرئي سورةَ حُبّي” مدى حُبّه لها وكي يتأكد من ايصال رسالة عشقه يعترف لها مباشرة “في هيكلِ الاعتراف” ليعلن ازدهار وطنه بها قائلًا:”عِطرُكِ يوقظُ الأموات” !
الشاعر نزيه يطلّ علينا بديوانه الأول بعيد ميلاده الستين ويُنبئ بولادة شاعر يشقّ له مكانةً ومكانًا على الساحة الأدبيّة المحليّة بعد أن وجد منصّته ومنبره ليكسر حاجز صمته.
يا معشر الأدباء – ما دمتم واثقين من أن لكم رسالة تؤدونها فلا تقنطوا من تأديتها وإن أُغلقت في وجوهكم أبواب الصحف والمواقع الإلكترونية ودور النشر، ثابروا على العمل وهذا الكفيل بأنكم ستشقون لرسالتكم طريقًا في النهاية، فالناس في جوع وعطش دائمين إلى القول الحق الجميل، ولا تنسوا أن الذين تبصرونهم اليوم في القمّة كانوا بالأمس في السفوح والأغوار.
فهنيئا لنا بك يا نزيه وبانتظار المزيد من عطائك وديوانك القادم.

المحامي حسن عبادي

7sn3bade

1

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة