بيان مركز دراسات حول كتاب المدنيات الجديد
تاريخ النشر: 10/05/16 | 9:28بدأ، يوم أمس، تداول كتاب المدنيات بعنوان “أن نكون مواطنين في إسرائيل ـ في دولة ديمقراطية ويهودية” باللغة العبرية بطبعته المعدّلة التي أثارت في الأشهر الأخيرة نقاشا واسعا في الأوساط التربوية والسياسية على السواء. ومن المفروض أن تصدر في وقت لاحق النسخة العربية للكتاب علما بأن وزارة المعارف نشرت ثمانية فصول مترجمة إلى العربية في موقعها الرسمي.
ومن الجدير ذكره في هذا السياق أن كتاب المدنيات كان خضع في السنوات الأخيرة إلى تعديلات عديدة في ضوء المتغيرات السياسية وتناوب شخصيات مختلفة على حقيبة الوزارة. أما الصيغة الجديدة الحالية المثيرة للجدل أعدّت أتت في أعقاب مذكرة موقف قدمها “مركز الاستراتيجية الصهيونية” في العام 2009 بخصوص مضامين ومنهاج تدريس المدنيات المعمول به وفق كتاب المدنيات السابق بعنوان: “أن نكون مواطنين في دولة إسرائيل”. وكان الادعاء المركزي في المذكرة التي قُدمت لوزير المعارف آنذاك، جدعون ساعر، أن تعليم المدنيات في الصيغة التي كانت قائمة يمسّ بالتربية للصهيونية والوطنية والتزام التلاميذ للدولة كدولة الشعب اليهودي. وادعّت المذكرة أن الكتاب في صيغته القديمة متأثر من أفكار ما بعد الحداثة التي في مركزها الليبرالية والدمقراطية العالمية. وكانت ذروة هذه التوجهات اليمينية إقالة مفتش عام موضوع المدنيات، أدار كوهن الذي أبدى حرصا على الفكرة الديمقراطية واستحقاقاتها.
ويُشير مركز “دراسات ـ المركز العربي للحقوق والسياسات” إلى أن الكتاب الجديد ينطوي على قصورات عدة هدفها تصميم وعي التلاميذ باتجاه قومي يهودي وفق المذكّرة المذكورة أعلاه. وفي أساس الكتاب الجديد وظروف إعداده:
1. لم يُشارك في وضع الكتاب الجديد أي أكاديمي أو مرب عربي علما بأن الكتاب مشترك للمدارس العربية واليهودية. بل أن جميع من كانوا شركاء في مشروع الكتابة انسحبوا بسبب إملاءات وزارة المعارف المتصلة بمضامين الكتاب الاشكالية. والأمر صحيح بالنسبة للمستشارين الاكاديميين الذين لم تؤخذ ملاحظاتهم بعين الاعتبار فرفضوا أن تُدرج أسماؤهم على الكتاب.
2. الكتاب بصيغته الجديدة يؤكد على الجوانب القومية والاثنية اليهودية لدولة إسرائيل بروح طروحات اليمين السياسي الحاكم على حساب الجوانب الديمقراطية والليبرالية. ويؤكّد على أن الدولة هي دولة يهودية فقط. فالفصول الثمانية الجديدة تعدم تقريبا أي تعرف لدولة إسرائيل دولة يهودية ـ ديمقراطية بل تشدد على كونها يهودية فقط.
3. الرواية الفلسطينية للصراع الإسرائيلي ـ الفلسطيني مغيّبة بالكامل في هذا الكتاب مع التأكيد الواضح على الرواية اليهودية وتفاصيلها.
4. يتعامل الكتاب مع الأقلية العربية الفلسطينية في البلاد وفق توجهات متقادمة ويعتبرها مجموعة من الطوائف الدينية خلافا للكتاب في مرحلة سابقة الذي تبنى طروحات أكاديمية وتنظيرية تتحدث عن أقلية عربية فلسطينية في إسرائيل. يفعل الكتاب ذلك من خلال تضمنه لمعلومات تاريخية وتفاصيل غير صحيحة البتة فيما يتصل بالأقلية الفلسطينية. بل يحاول الكتاب بوضوح التشكيك بوجود أقلية فلسطينية أصلانية. ففي الفصل الثامن مثلا، هناك معلومات غير صحيحة عن هجرات عربية إلى فلسطين تزامنت مع هجرات يهودية من أوروبا.
5. ينطوي الكتاب على قصور تربوي تدريسي ـ بيداغوغي ـ فهو تسطيحي في منحاه أحادي التوجّه ولا يشجع التلاميذ على التفكير النقدي أو التعددي أو المساءلة والبحث. فلا يشجع النقاشات ولا يحبّذ إدراج قضايا الساعة ضمن حصص المدنيات كأداة تدريسية يستطيع التلاميذ من خلالها التعبير عن وجعات نظرهم وآرائهم. هذا خلافا للكتاب السابق الذي كان يشجع على ذلك.
6. يؤكّد الكتاب الجديد على الأبعاد الإثنية والقومية لفكرة المواطنة بحيث أن رسالته الواضحة تنص على وجود نوعين من المواطنين: الذين ينتمون للدولة تبعا لهويتهم اليهودية والذين ينتمون بدرجة أقلّ ـ وهم غير اليهود.
7. يشكّل الكتاب بصيغته الجديدة خطرا ليس فقط على التلميذ العربي بل يحاول أن يُصمم وعي التلميذ اليهودي على نحو شوفيني متعصّب منغلق ويعزز التوجهات القومجية الضيقة والمعادية للعرب.
في ضوء إفراغ موضوع المدنيات من رسائله التربوية وحصرها في رسائل تخدم اليمين في إسرائيل يعكف مركز دراسات في الأشهر ألخيرة على تطوير مضامين بديلة في موضوع المدنيات. ويُشار إلى أننا أسسنا مشروعنا هذا على نتائج استطلاع رأي في أوساط العديد من مدرسي ومدرسات موضوع المدنيات. وقد أجمعوا على وجود إشكاليات في المنهاج التعليمي في المدارس العربية في أساسها تغييب مواضيع تتصل بانتماء التلميذ العربي وهويته وروايته التاريخية.