الرمز والصور المشهدية في قصيدة الشاعر أسامة ملحم
تاريخ النشر: 07/10/13 | 12:52أعرف أن تأويل مثل هذا الشعر يفقده النشوة والدهشة .. فهو مفعم بالصور والمشاهد التمثيلية البارعة برع الشاعر في ايصالها لنا عبر لغة من السهل الممتنع… مشروع أرض ستنجب حلم الفلسطيني الشريد الذي يبدو للوهلة الأولى سراباً يحسبه الساري في الصحراء ماءً. يقول الشاعر في هذه القصيدة المشبعة بالادهاش والنشوة الصحراوية:: لا ثمّةَ نجمٌ يدلُ على الشمالِ …
ولا بوصلةْ..( كناية عن الضياع)
الحدسُ وحده قادني (استعارة بلاغية)…………. خطواتُ من مرّوا ، امّحت ؟ فلا أثر لهم وكأنما لم يولدوا ولم يلدوا وما كانوا سلفاً وما خلفوا خلفاً..
كأنما يريد القول أن تاريخنا الضائع قد فقد بوصلته بل امّحى وأصبح خبراً أو أثراً بعد عين. لم يبق من تاريخنا الصجراوي العريق الذي وهب الحضارات علومها وفنونها وألقى عليها بلورها وسندسها ، وعلّمها نجوى الكتاب والحروف، سوى هذه الذكرى الحالمة التي تبدو كالسراب البعيد. ويتساءل الشاعر إذن .لماذا إذن أنت هنا ، أنا
ولا سرابَ في يدي ليشدني
لا نارَ على علمٍ
ولا دخانَ
. لماذا .. والآمل آيلٌ للسقوط ( فكسرة خبزه ستجف) وفتات ذكرى.. لكن الشاعر ينهي قصيدته بأمل كبير يتشبث بحلم ارض موعودة ستنجبه . وحصاتان
واحدةٌ من حيث انطلقتُ
ومشروع أرض ستنجبني
تُعدُّ هذه القصيدة قصيدة منثورة أصبح لها وجودها الصاخب على الساحة الأدبية ، ولم يعد هناك نقاش فيما إذا كانت تُعد من الشعر أو لا!! ومثل هذه القصيدة المطبوعة غير المتصنعة ولا المتكلفة تدهش القارئ والالتزام بالحلم الوطني فيها ليس مقحماً عليها البتة.
أشكر الشاعر أسامة ملحم الذي امتعنا بقصيدته وبالتعليق عليها.
القصيدة::
هنا
هنا بمحاذاة الحافةِ الشرقيةِ للعمر – على ما اعتقد –
أقفُ برهةً
وأجيلُ ذاكرتي في الاتجاهاتِ كافّةً
أقفُ على أفقٍ غريبٍ
لا ثمّةَ نجمٌ يدلُ على الشمالِ
ولا بوصلةْ
الحدسُ وحده قادني
الرملُ من حولي واحدٌ
والريحُ
تعبثُ بملامحِ الصحراء
خطواتُ من مرّوا ، امّحت ؟
أو لم يمرّوا من هنا
لا ماءَ
لا عشبَ ولا ظلَ
لا ما يراودُ البدويَّ عن هيمانِهِ
لا خرقةً توحي أنهم كانوا
ولا ما يشبه الوشمَ
لا حجرَ على حجرٍ
أو قرب حجر
لماذا إذن أنت هنا ، أنا
ولا سرابَ في يدي ليشدني
لا نارَ على علمٍ
ولا دخانَ
وفي وفضتي كسرةُ حلمٍ تجّفُ
وفتاتُ ذكرى
وحصاتان
واحدةٌ من حيث انطلقتُ
ومشروع أرض ستنجبني