دراسة مجموعة غريبة من الكويكبات المظلمة
تاريخ النشر: 27/04/16 | 5:46عاليا فوق مستوى النظام الشمسي، وبالقرب من حزام الكويكبات الواقع بين كوكبي المريخ والمشتري، اكتشف العلماء عائلة فريدة من هذه الصخور الفضائية “الكويكبات” Asteroids أطلق عليها اسم “يوفروسيني” Euphrosyne وهو أسم إله الطرب وفقا للأساطير اليونانية القديمة، وهي كويكبات تتميز بالظلمة والأنعكاسية القليلة للضوء.
يقع هذا النوع من الكويكبات في الحافة الخارجية البعيدة من “حزام الكويكبات” asteroid belt ولها مدار غير عادي حيث يميل بشكل كبير عن خط البروج أو مستوى المجموعة الشمسية أو خط استواء النظام الشمسي، ويبلغ قطر أكبر هذه الكويكبات حوالي 156 ميلا (260 كيلومترا) وهي بذلك تكون من أضخم الكويكبات في الحزام، ويعتقد علماء الفلك أن هذه الكويكبات عبارة عن بقايا اصطدام هائل حدث قبل حوالي 700 مليون عام، وهو من أضخم الاصطدامات التي حدثت في تاريخ المجموعة الشمسية.
وقد أجرى فريق علمي دراسة حديثة على هذا النوع الغريب من الكويكبات تابع “لمختبر الدفع النفاث” NASA’s Jet Propulsion Laboratory في وكالة الفضاء الأمريكية ناسا، استخدم فيها تلسكوب الفضاء “نيووايز” Near-Earth Object Wide-field Infrared Survey Explorer (NEOWISE) telescope المخصص لدراسة الأجرام السماوية القريبة من الأرض والتي يمكن أن تشكل خطورة في المستقبل على الأرض إذا ما اصطدمت بها لا قدر الله.
إن الأجسام القريبة من الأرض NEOs)) Near-Earth Object هي أجرام سماوية تدور حول الشمس وتقترب من الأرض بين فترة وأخرى، وهي أجرام سماوية صغيرة السن وفقا للمعايير الفلكية وتنمو من خلال المادة المختلفة في المجموعة الشمسية، ولأنها تدور حول الشمس فإنها قد تقترب من الأرض في بعض الأحيان، لذلك فأنه من المهم دراسة هذه الأجرام السماوية من اجل مواجهة الخطر الذي يمكن إن تشكله على كوكبنا وحياتنا.
ومن خلال الدراسات التي أجريت يعتقد علماء الفلك إن الكويكبات المظلمة من نوع يوفروسيني قد تكون هي مصدر الأجسام التي تقترب من الأرض بين فترة وأخرى، حيث تكون مداراتها مائلة كثيرا على مدار أو خط البروج، وان هذه الكويكبات قد تتأثر بجاذبية كوكب زحل القوية وتقترب نتيجة لذلك من الأرض عبر ملايين السنين.
ويمكن إن تكون الأجسام القريبة من الأرض قد تكونت في حزام الكويكبات ولكن بسبب الاصطدام الذي يحصل بينها في الفضاء، أو بسبب تأثير جاذبية كوكبي المشتري وزحل الكبيرة، تخرج بعض هذه الأجسام من مداراتها في حزام الكويكبات إلى كافة أنحاء الفضاء في المجموعة الشمسية، ويقترب بعضها من الأرض، لذلك لا تخضع لقوانين حركة المجموعة الشمسية فلا تكون على مستوى خط استواء المجموعة الشمسية.
تمكن الفريق العلمي بقيادة “جوزيف ماسييرو” Joseph Masiero من مختبر الدفع النفاث من قياس حجم هذا النوع من الكويكبات ومقدار الطاقة الشمسية المنعكسة عن سطوحها ودرجة الحرارة من خلال قياس طيف الأشعة تحت الحمراء، وهي تتيح الفرصة لدراسة الأجرام المعتمة بشكل أفضل من التلسكوبات البصرية، وهي نتائج حصل عليها فريق ماسييرو بعد إن درسوا حوالي 1400 جرما من هذه الكويكبات المظلمة والضخمة، ولها مدارات شديدة الميلان ومفلطحة جدا، وهي صفات تجعلها مناسبة لتكون عينة على الأجسام القريبة من الأرض، والتي يمكن للتلسكوب نيووايز اكتشافها ودراستها.
أطلق تلسكوب الفضاء “نيووايز” NEOWISE سنة 2009م لإجراء دراسات خاصة بالفيزياء الفلكية، من خلال المجال الواسع المصمم لرصد الأشعة تحت الحمراء، وفي عام 2011 تم تغيير مجال عملها لدراسة الأجسام المظلمة، والتي يقدر عددها بحوالي 700 ألف في حزام الكويكبات ويقترب حجم حوالي 60% منها من حجم قمر كوكب الأرض، وهنالك العديد منها لم يكتشف حتى الآن مما يجعل عملية التعرف على الأجسام القريبة من الأرض صعبة.
لكن الوضع مختلف في الكويكبات من نوع يوفروسيني حيث إن معظم الأجسام القريبة من الأرض تأتي من مصادر مختلفة في الحزام وتختلط مع بعضها بسبب الدوران، لكن الأجسام القادمة من عائلة يوفروسيني تأتي من منطقة فريدة من نوعها في حزام الكويكبات، وبإمكان الفريق العلمي رسم مسارها المحتمل وأسباب اقترابها من الأرض والمكان الذي حصل فيه اصطدامها مع الأجرام الأخرى وأدى إلى ولادتها.
أن تفهم أصول وسلوكيات هذه الأجسام الغامضة يقدم للباحثين صورة أكثر وضوحا عن الكويكبات بشكل عام، وعلى وجه الخصوص الأجسام القريبة من الأرض التي تدور في حي كوكبنا المضيف. كما أن مثل هذه الدراسات مهمة، والتي قد تكون حاسمة لمستقبل البشرية، وهو السبب الرئيسي الذي دفع بوكالة الفضاء الأمريكية دراسة أصل الأجرام السماوية الواقعة ضمن نظامنا الشمسي وخاصة الكويكبات والأجسام القريبة من الأرض، وحتى الآن فقد درس الفلكيون في الولايات المتحدة الأمريكية أكثر من 98 في المئة من الأجسام القريبة من الأرض المعروفة.