قراءة نقدية لكتاب”هروب أنيق”

تاريخ النشر: 14/04/16 | 11:56

قرأتُ كتاب ” هروب أنيق” للكاتبة حنان جبيلي عابد ، من مواليد الناصرة، وهو يحوي في طيّاته 14 قصّة ، في 91 صفحة من الحجم المتوسّط، ولوحة الغلاف بريشة الفنانة ريهام سمير خرطبيل.
حنان كاتبة نَشِطة في كتابة المقالات الاجتماعيّة الناقدة، والقصص القصيرة ومنها مجموعتها “مزاجيّة مُفرِطَة”، وعدّة قصص للأطفال ومنها “باسل والنظّارة”، “حلمت حلمًا غريبًا” ،”أنا معلّمة أمي” ، “معلّمتي تنتظر مولودًا”، “وداعًا يا سمكتي”، “أمّي وأبي منفصلان”،”بمبومه والحذاء” ،”الجبل”، “هادي والهاتف الخليوي” وغيرها.
يحتاج الأديب لأن يُبدع فكرًا وخيالًا وذوقًا ووجدانًا ولغةً، وهذه الأمور قابلة للتنمية وللصقل ، وخير السبل لذلك هو احتكاكه المستمر بما سبقه وما عاصره من نوعها، ثم التوجيه المستقل في الطريق الذي تفرضه عليه حياته الباطنية والخارجية، فلا بد له من كثرة القراءة ، نيّة وقدرة على الالتقاط، ، ذوق مرهف ، وجدان صادق وإرادة ، ولا بدّ من معدةٍ أدبيّة تهضم ما يلتقطه هنا وهناك ليحوّله غذاءً طيّبا له وللذين يقرأون ما يكتب، وإلّا كان كالإسفنجة إذا غمسها في سائل من السوائل ثم عصرها ردّت اليه ما امتصّته ، وكان إذ ذاك أصداء فارغة لا أصواتًا حيّة ونرى أن حنان حِرفيّة في “مِهنتها” – الكتابة.
قرأت كتاب حنان بشغف ورأيت به قفزة نوعيّة كبيرة، مقارنة بمجموعتها الأولى “مزاجيّة مُفرِطَة”، لغة ، أسلوبًا ومضمونًا.
كل قصّة من قصص المجموعة تدور حول موضوع عام، وتصوّر الشخصيّة وتكشف عن صراعها مع الشّخصيات الأخرى، تركّز على شخصيّة واحدة وتُبرزها في موقف واحد في لحظة واحدة . فالقصّة القصيرة تعتبر فنّاً يتميّز في طريقة سرد الأحداث والأعمال بأسلوب لغويّ ينتهي إلى غرضٍ مقصودٍ، عمل أدبيّ يقوم به فردٌ واحد ويتناول فيها جانباً من جوانب الحياة ، وحنان أجادت في عملها .
لأن تكون أديبًا وكاتبًا في يومنا هذا عليك أن تكون مثقفًا ومطّلعًا على الآخر، وحنان أخذتني معها بسلاسة ولباقة ودون تكلّف إلى عالمها : تجوّلت معها في الكازينو وتعرّفت إلى طاولة القِمارِ والدّيلر في قصّة “نصيحه” لأعرف مساوئ الإدمان عليه وكازينو آخر في قصّة “هروب أنيق” (خفتُ من غضب محمود درويش لأن النرد يُلعب بالحجر وليس بالورق)، وتشوّقت لأفلام كاسبر في قصّة “حسناء” – الفيلم المبني على قصّة كاسبر الشبح اللطيف في فيلم فنتازي كوميدي أمريكي مُخيف ومُرعب، وشطحت عبر الأساطير مع كيوبيد في قصّة “قوس العشّاق ” – إبن الإلهة فينوس الذي أشتهر بحمله للسهم وبكونه طفل شديد الجمال وكان سهمه يصيب البشر فيُسبّب وقوعهم في الحب، واستمتعت بملاقاة جميلة الجميلات جولييت في قصّة “خفقات متسارعة” في حفلة الرقص التنكريّة وحبّها لروميو وتفاجأت من لقاء ريتشارد الاول قلب الأسد – من رموز الفروسية والبطولة في العصور الوسطى رغم صغر سنّه ، برفقة شرلوك هولمز المحقق الذي اشتهر بمهارته في استخدام التفكير المنطقي، وقدرته على التنكر والتمويه، إضافة إلى استخدام معلوماته في مجال الطب الشرعي لحل أعقد القضايا وتعد شخصيته أشهر شخصية لمحقق خيالي على الإطلاق.
قصص المجموعة تصوّر مواضيع حياتيّة يوميّة بريشة حنان الفنانة ، مرهفة الإحساس، ولكن هناك تفاوت في جماليّة قصصها وبعضها حبكتها ركيكة وبحاجة لصقل بنيوي.
حنان تروّج لجمال الأميرة ديانا البريطانيّة في قصّة “العروس” وفي قصّة “وردةٌ في كتابِ العمرِ” وابتسامتها الساحرة التي سحرت البشر برقّتها وجمال ذوقها وأعتب عليها لأنها تناست عشتار وكليوباترا وأفر وديت والجوكندا بابتسامتها بما فيها إشراق الطفولة الخالدة الغموض في شفافيّة براءتها.
لفتت انتباهي لوحة الغلاف الرائعة والمُوَفّقة بريشة الفنانة ريهام خرطبيل وحبّذا لو سار أدباءنا على هذا الدرب وزيّنوا أغلفة إصداراتهم بلوحات ورسومات مُبدعينا عوضًا عن الصور والرسومات العشوائيّة الدارجة.
أعجبت جدّا بقصة “ورقة خريفٍ ذهبيّةٍ” التي اختتمت بها مجموعتها وفيها رأيت القفزة النوعيّة في كتابات حنان وأبداعها ويليق بها عنوانًا للكتاب.
وأخيرًا : وبلغة العصر ، حبّيت – يعني بالعربية الفصحى: لايك !!!

المحامي حسن عبادي

14

15

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة