روائع من التاريخ (18)
تاريخ النشر: 06/03/16 | 8:20فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ.. [الأعراف:176] إن التاريخ ليس مجرد أقاصيص تحكى، ولا هو مجرد تسجيل للوقائع والأحداث.. إنما يدرس للعبرة وللتربية.. تربية الأجيال.. (فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) وكل أمة من الامم تعتبر درس التاريخ من دروس التربية للأمة، فتصوغة بحيث يؤدي مهمة التربية في حياتنا..
هذه الدنيا فاحذروها..!!
روي أن عيسى ابن مريم عليه السلام صحبه رجل وقال : يا نبي الله أكون معك، فانطلقا فانتهيا إلى شط نهر فجلسا يتغديان ومعهما ثلاثة أرغفة فأكلا رغيفين وبقي رغيف فقام عيسى عليه السلام إلى النهر فشرب منه ثم رجع فلم يجد الرغيف فقال للرجل : من أخذ الرغيف؟.
قال : لا أدري، فانطلق ومعه الرجل فرأى ظبية (غزالة) ومعها ولدان لها فدعا واحدا فأتاه فذبحه واشتوى منه فأكل هو وذلك الرجل ثم قال عيسى عليه السلام مخاطب الظبي بعد أن ذبحه وأكلا منه قم بإذن الله عز وجل فقام، فقال للرجل : أسألك بالذي أراك هذه الآية من أخذ الرغيف؟.
قال : لا أدري، فانطلق حتى انتهيا إلى مفازة (فلاة) فجمع عيسى عليه السلام ترابا وكثيبا (أي رملا) ثم قال له : كن ذهبا بإذن الله عز وجل، فصار ذهبا، فقسمه ثلاثة أقسام فقال : ثلث لي، وثلث لك، وثلث للذي أخذ الرغيف فقال الرجل : أنا الذي أخذت الرغيف، فقال له سيدنا عيسى عليه السلام : كله لك وفارقه.
فانتهى لهذا الرجل الذي أخذ الذهب رجلان أرادا أن يأخذا منه الذهب ويقتلاه فقال لهما : هو بيننا أثلاثا فقبلا ذلك فقال : ليذهب واحد إلى القرية حتى يشتري لنا طعاما فذهب واحد واشترى طعاما وقال في نفسه : لأي شيء أقاسمهما في هذا المال ؟ أنا أجعل في هذا الطعام سما فأقتلهما وآخذ هذا المال جميعه فجعل في الطعام سما، وقالا هما فيما بينهما : لأي شيء نجعل له الثلث إذا رجع إلينا قتلناه واقتسمنا المال نصفين، فلما رجع إليهما قتلاه ثم أكلا الطعام المسموم فماتا، فبقي ذلك المال بقي الذهب في المفازة (الفلاة) وأولئك الثلاثة قتلى عنده، فمر عليهم عيسى عليه السلام وهم على تلك الحال، فقال لأصاحبه : هذه الدنيا فاحذروها.
محمود عبد السلام ياسين