عندما خرجت زينب مع أمها إلى المدينـة

تاريخ النشر: 17/02/16 | 2:06

في الصباح استفاقت زينب من النوم بنشاط وهي تدرك أنها اليوم سوف تخرج مع أمها إلى سوق المدينة كي تشتري لها ثياب العيد الذي سوف يحل بعد يومين.
بعد تناول الطعام راحت أمها تلبسها ثياب الخروج، فقالت زينب في أثناء ذلك: كم هو العيد جميل يا ماما.
قالت أمها: ماذا تحبين في العيد يازينب؟
قالت: أحب ثياب العيد الجديدة، وتقديم سكاكر العيد للأطفال الذين يأتون لمعايدتنا، وزيارة الأقرباء.
قبلتها أمها، ثم أمسكت بيدها وخرجتا إلى حيث موقف الباص الذي أخذهما إلى حيث سوق المدينة.
كان السوق مزدحماً بالناس والسيارات، والمحال مزيّنة بهذه المناسبة.
أخذت زينب تمشي بفرح عارم ويدها بيد أمها كأنها فراشـة وليدة للتو في قلب الربيع، تنظر إلى المحلات العامرة بالثياب الجديدة، وألعاب الأطفال دون أن تترك يد أمها.
فجأة وقعتْ نظراتها على رجل يقف أمام محل ويقذف عقب سيجارته على الأرض.
اعتراها إحساس مفاجئ بأن المدينة تحوّلت إلى بيت صغير، هو بيتها.
تسمّرت بها قدماها في الأرض، نظرتْ إليها أمها مستفسرة عن سبب وقوفها المفاجئ؟!
تقدّمت زينب نحو عقب السيجارة المرمي على الأرض ويدها ماتزال بيد أمها.
مالت إلى العقب وحملته باليد الأخرى، ثم اتجهت صوب حاوية صغيرة موضوعة على الرصيف، ورمته في الحاويــة.
بتسمت أمها لِما قامت به،وأكملت بها المسير بحثا عن الثياب.
في هذه الأثناء كان الرجل الذي مايزال واقفاً أمام ذات المحل، يشعر بشيء من الخطأ الذي ارتكبه عندما رمى عقب السيجارة على الأرض، وقد رأى ما قامت زينب به نحو العقب.
أحس الرجل بأنه ارتكب ذنباً ما كان عليه أن يرتكبه، وللحظة اعتراه شعور بأن المدينة ليست له وحده، بل هي لكل أولئك الذين يقيمون فيها.
مضى الرجل محاولاً اللحاق بزينب وهو ينادي وسط الزحام: مهلاً يا بنتي.
التفتت زينب وإذا بنظراتها تقع على ذات الرجل الذي بدا بالقرب منها.
قال الرجل موجهاً كلامه لأم زينب: أرجو أن تسمحي لي ياسيدتي أن أبلغكِ تقديري على هذه التربية.
شكرته الأم على ذلك، فقال الرجل موجهاً كلامه إلى زينب:
أشكرك يابنتي، ثم بعد صمت أردف يقول: أعدك بأنني سوف أقلع عن عادة التدخين بعد اليوم.
في تلك اللحظة، أخرج علبة السجائر من جيبه، ومضى نحو ذات الحاوية ورمى العلبة فيها، ثم مضى في الزحمة حتى توارى عن أنظارهما.
عندئذ مالت أم زينب وقبلتها قائلة لها: أنا فخورة بك يازينب، وراحا يكملان مشوارهما للبحث عن ثياب العيد.

عبد الباقي يوسـف

207

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة