تكوين جزيئات الماء
تاريخ النشر: 19/02/16 | 0:16يُعد ثاني أوفر مادة على سطح الأرض ويستطيع إذابة العديد من المواد أفضل من أي مذيب آخر، كما يمكنه اختزان كمية هائلة من الطاقة. الحياة، كما يعلم الجميع، مستحيلة بدونه. إضافة إلى ذلك، فهو يغطي أكثر من 70% من مساحة الأرض. أظن أنكم تعرفتم على المادة التي نتكلم عنها، نعم إنها الماء.
يُعد الماء واحدا من المواد المعروفة لدى الكل، كيف لا وهو يشكل نسبة %75 من أجسادنا. لكن ما نجهله هو أنّ هذه المادة تتميز بخصائص عديدة وعجيبة مازال العلماء، إلى يومنا هذا، يحاولون استوعابها. فما الذي يعطي الماء كل هذه المكانة ؟
بعد أن كان يعتبر واحدا من العناصر الأربعة بجانب الهواء والتربة والنار لفترة امتدت مئات السنين، تمكن العالم الكيميائي لافوازيي في القرن الثامن عشر من اكتشاف الصيغة الكيميائية للماء (H2O) لمّا لاحظ تحلله إلى غازي الهيدروجين و الأكسجين عند تمرير تيار كهربائي عبره حيث مكّن هذا الاكتشاف من تفسير العديد من الخصائص التي يمتاز بها الماء.
تتميز جزيئة الماء برابطة “الهيدروجين” التي تتشكل باستمرار بين ذرات الأكسجين (ذات الشحنة السالبة) وذرات الهيدروجين (ذات الشحنة الموجبة). فضلاٌ عن هذه الرابطة، تستطيع جزيئات الماء جذب بعضها البعض أكثر من جذبها للجزيئات الأخرى. كذلك، رابطة الهيدروجين هاته تعطي للماء حرارة نوعية عالية، بمعنى أنه يستلزم كمية كبيرة من الحرارة ليسخن. يتمتع الماء أيضا بنقطة (درجة حرارة) غليان عالية مقارنة بالعديد من المواد الكيميائية ، ككبريتيد الهيدروجين مثلا. بفضل هاتين الميزتين يستطيع جسم الإنسان تبديد حرارته عن طريق التعرق أثناء القيام بتمرين رياضي.
خاصية أخرى يتمتع بها الماء نتيجة هذه الرابطة الكيميائية الاستثنائية، هي خاصية الشعرية، الخاصية الفيزيائية التي يتم بواسطتها انتقال الماء من الأعلى إلى الأسفل. وهو ما يفسر مثلا تعلق قطرات الماء في فرشاة الرسم حيث تقوم جزيئات الماء بشد جزيئات الماء الأخرى المجاورة لها بفعل قوة التماسك متحدية بذلك قوى الجاذبية. اعتمادا على هذا المبدأ، عند تبخر الماء على مستوى أوراق الشجر، يؤدي ذلك إلى امتصاص جزيئات أخرى من الماء على مستوى الجذور.
زيادة على ذلك تعطي هذه الرابطة للماء خاصية أخرى تسمى التوتر السطحي، تلك القوة التي تسمح لبعض الحشرات بالسير على سطح الماء، وهي المسؤولة أيضا عن تشكل القطرات. هذه القوة قد تكون جد مضرة بالنسبة للأطفال الخدج الذين يفتقدون للمادة الخافضة للتوتر السطحي مما قد يؤدي إلى نمو مفرط للرئة.