الرحـــــلـــة

تاريخ النشر: 18/08/13 | 1:24

كنت خلال الأسبوع المنصرم في رحلة منظمة لمحاضرين في أكاديمية القاسمي، فزرنا مدنًا ومواقع في ألمانيا وفرنسا وسويسرة، وخاصة الواقعة في دائرة الغابة السوداء. كانت الرحلة ممتعة جدًا، وخاصة مع هذه الرفقة المميزة التي استمتعت رغم ما عكر صفونا من أخبار العالم العربي المبكية.

وكنت قد زرت هذه المنطقة أولاً في 23 أيلول – 5 تشرين الأول سنة 1977 ضمن وفد نقابة المعلمين- أي قبل ست وثلاثين سنة، ومن يدري فهل تتيسر لي رحلة أخرى بعد ست وثلاثين أخرى؟؟؟؟!!!!

يبدو أن اعتناق الحياة والممات يظل في حساب الزمن!

المهم أنني بعد عودتي من رحلتي تلك كتبت قصيدتي (الرحلة)، ولما قرأتها اليوم ثانية وجدت أنها أصدق ما يمكن أن أعبر عنه اليوم أيضًا، فاسمحوا لي أن أستعيرها من ديواني "اعتناق الحياة والممات"، عكا: دار الأسوا ر، 1979.

………………………………………………………………………………………………

الرِّحْلَة

الطَّقْسُ خِلالَ سُوَيْعاتٍ يَتَغَيَّرْ

وَزَمانٌ وَمَكانْ

وَنِساءٌ وَرِجالْ

الأشْجارُ الخَضْراءُ جِبالٌ أنْهار

أزْهارٌ وَتِلالْ

والإنسانُ هَوَ الإنسانْ

العَرَقُ المَسْفُوحُ عَلى وَجْهِ العَامِلْ

لا يَحْمِلُ لَوْنًا أوْ طَعْمًا يُتَباهَى فِيهْ

والعِلْمُ يَدُلُّ عَلى غَيْبَةِ رَبْ

أوْ بالأحرى

أنَّ اللَّهَ بِكُلِّ الذَّرَّاتْ

فَتَعالى اللَّهْ

ما الدَّمْعَةُ إلاَّ دَمْعَهْ

وَسُوَيْعاتٍ أنْتَ تُحَلِّقُ في الأجْواءْ

تَنْظُرُ مِنْ أعْلى

في أدْنى الأرْضْ

وَتَقُول:

(إنِّي أَشْمَخُ مِنْ هذا الألْبْ)

ثَمَّةَ لَهْجاتٌ وَلُغاتٌ أَديانْ

والوَحْشُ بَلاءٌ يَتَرَبَّصُ في كُلِّ مَكانْ

وَتَقولُ : (هُنا مَخْفِيُّ الرَّمْزِ وَمَدْلولُ الإيمانْ)

الإنسانُ القُوَّةُ والإنسانُ العِلْمْ

الإنسانُ الرَّائحُ والغادِي

الحالِمُ فِي غَدِهِ

في السَّامِرِ والنَّادي

الذَّاكِرُ ماضِِيهِ-

مَاضي الأجْدادِ

الإنسانُ هُنا وَهُناكْ

في لَحْظَةِ نِسْيانٍ وَفِراقْ

يُصْبِحُ شَيْئًا مَعْقولاً لا يَعْقِلْ!!

انْظُرْ انظُرْ !!

كَمْ تَسْقُطُ أوراقُ الأشجارْ

وتَذوبُ الآمالْ

مِنْ غيرِ شُروقْ

تِمْثالٌ في Karls Ruhe

وقُصورٌ في Schliessheim

الإنسانُ الباني

وَلَّى في صَمْتٍ وَرَتابَهْ

كانَ لهُ اِسْمٌ رَقْمٌ أحْلامٌ ماضٍ

صارَ رَميمًا

خَلَّفَ أحْجارًا مَرْصوفَهْ

أشْكالاً مَوْصوفَهْ

وَكِتابَهْ

كُنَّا مِنْ كُلِّ شُعوبِ الدُّنيا

الواحِدُ مِنَّا يَفْخَرُ في شَعْبِهْ

ـ עם סגולה

ـ أُخْرجْنا للَّناسِ عَلى أنَّا خيرُ النَّاس

ـ Deutsches Uber Alles

ووصلنا حَتَّى عِزَّة أجدادِ الصِّينِ بِحِكْمَتِهِمْ

قلْتُ لِهذا الزَّمَنِ الأهْوَجْ

(دُرْ في سُرْعَهْ!

بِذَكاءٍ حَتَّى يَظْهَرَ لَوْنُ الطَّيْفِ الأبْيَضْ)

فَمُعادَلَةُ الإنْسانِ تُساوي بالتَّالي

أنْ يُخْفِي جَسَدًا كانَتْ قَدْ غَمَرَتْهُ القُبُلاتْ

وَيَسافِرَ تَحْتَ الأقْدامْ

عُدْتُ إلَيْكُمْ !

أحْضُنُكُمْ

أَفْعَلُ ما يَخْطُرُ في بالي

المُؤْمِنُ في الأرْواحِ يُصَدِّقُني

والكافِرُ في الأرْواحِ سَيَنْتَظِرُ

مَبْهورًا لكِنْ يَألَفُني

لا ضَيْرَ عَلَيْنا

ما دامَ الواحِدُ مِنَّا

لا يُؤذي الواحِدَ مِنْهُمْ

لا يَحْمِلُ أوْضارَ الحِقْدِ تُصَبُّ عَلى الآخَرْ

والحُبُّ سبيلُ العاقِلْ،

والعاقِلُ لا يَفْهَمُ لُغَةُ إلاَّ الحُبّْ،

والأرْضُ لِكُلِّ النَّاسْ،

وحَرِيٌّ أنْ نَكْتُبَ لُغَةً تُفْهَمْ.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة