ماذا يقول النهر في طريقه؟

وماذا يقولُ النّهرُ في طريقِهِ؟
…سيقولُ لا يمرُّ بي أحَدٌ مرَّتَيْنِ.
…
ويقولُ لا الماءُ يستقِرُّ على مائِهِ، ولا زبَدُ السّواقي يُثمرُ عِشقًا عابِرًا، ولا يُعرقِلُني الحَجَرُ المَنذورُ لحَصوَتَيْنِ.
…
ويقولُ لا هذا الوجهُ وجهي، ولا قواربُ الصَّيدِ تعرفُني ولستُ أعرفُها، ولا الشّيءُ شيءٌ حينَ يجري في ومضتَيْنِ.
…
ويحكي النّهرُ قصَّتَهُ:
يقولُ ذِئبٌ يمرُّ على ضِفّتِي، فيصيرُ في المرآةِ ذِئْبَيْنِ.
…
ويعوي على صورتِهِ، فيكسرُ الهواءَ مرّةً، والبُرجُ يهوي على مَهَلٍ، ويصيرُ الخُبزُ سلعةً باهظةً والبدْرُ فوسفورًا وضجيجُ الصَّمْتِ صَمْتَيْنِ.
…
ثمَّ يبكي النَّهرُ على حوريّةٍ ذهبيّةٍ، نقَشَتْ حُبَّها المسماريَّ على شظيّةِ فخّارٍ مُفخَّخَةٍ، وعلَّقَت منديلَها الكوفيَّ على كلّاباتِ عاصِفةٍ رمليّةٍ،
وانتشرَتْ غُبارًا
عندَ انشِطارِ الرَّافِدَيْنِ.

بقلم: فريد قاسم غانم