الديانة الفتحاوية والطوائف المتصارعة

تاريخ النشر: 20/10/15 | 4:24

“انا ابن فتح ما هتفت لغيرها”… “الرصاصة الأولى” … “فتح الانطلاقة”… عدة عبارات يمكن أن تسمعها عندما تجلس مع احد “الفتحاويين” في نقاش يحتدم حينما تضيق دائرة الحوار بالوصول إلى تناول شرعية هيمنة هذا الفصيل على المؤسسات الفلسطينية.
اللافت في “فتح”، وجود انشقاقات ساكنة في داخلها علنية أو مخفية، وتناقضات جذرية من حيث استراتيجية ومرحلية العمل الوطني للوصول إلى دولة فلسطينية، وقد يلاحظ ذلك من خلال تصريحات متناقضة للقياديين حول أي حدث طارئ أو غير طارئ بخصوص القضية.
محمد دحلان له أتباع ومريدين لا يمكن الاستهانة بهم داخل فتح، وكذلك عباس، وكل منهما يمثل تياراً في الحركة رغم أنهما متفقان على عدم جدوى الانتفاضة المسلحة. هذا مجرد مثال واحد علني من ناحية الشرخ في القيادة، أما من ناحية الممارسات على الارض، فقد بدى هناك شرخ آخر في الحركة بعيداً عن سياسة دحلان وعباس، وخاصة في عملية “ايتمار” التي تبنتها كتائب عبد القادر الحسيني وقتلت مستوطنين اثنين، مايعارض النهج الفتحاوي المعلن والممارس عبر المذكورين اعلاه، مايعني وجود تيار ثالث، وربما رابع وخامس وعاشر داخل هذه الحركة، وكل منهم يتصرف وفقاً لما يراه مناسباً، اذاً، لا أحد يعرف اليوم من هي فتح الأم ومن يمثلها، وبات هذا الفصيل عدة فصائل همها الهيمنة على المشهد الفتحاوي وليس الفلسطيني.
فتح من الداخل تشبه الاطار الديني، الذي تتشعب عنه طوائف مختلفة، لكن كل تلك الطوائف لا يمكن أن تكفر بالديانة الأساس التي تنحدر منها. التاريخ البعيد والقريب، أثبت أن تلك الطوائف يمكن أن تتقاتل فيما بينها لتفرض على الآخرين أنها من يمثل الشريعة الأساس ويطبق تعاليمها بهالة من القدسية، وإن من تبقى هم مجرد حالات كفرت أو حرفت بالديانة الأم، وهذا ماحدث فعلاً في فتح منذ البدايات، فعند كل منعطف للقضية كان هناك انشقاق عن الحركة، ففي سنة 1974 انشق مسؤول الحركة في العراق، صبري البنا (ابو نضال) مؤسسا حركة فتح/ المجلس الثوري.
وفي سنة 1976 في لبنان، حاولت مجموعة من فتح القيام بعملية انشقاق وقد كانت انتمائاتهم السابقه تحمل صفه ماركسيه عقائديه ولكن سرعان ماتم السيطره عليهم واعادتهم الى صفوف الحركه بعد تقديم حلول شخصيه لهم.
وفي سنة 1980 انشق عدد من أعضاء الحركة تحت قيادة عبد الكريم حمدي (أبو سائد) مؤسسين حركة فتح/ مسيرة التصحيح.
وفي سنة 1983، وبعد أقل من عام من خروج قوات منظمة التحرير من بيروت، انشق العقيد سعيد مراغة /أبو موسى/ وانضم اليه نائب قائد قوات العاصفة أبو صالح والعقيد أبو خالد العملة، والمقدم زياد الصغير (أبو حازم)، والرائد محمود عيسى، إضافة إلى بعض العسكريين.
وفي الاردن عام 1986 تزعم أحد قادة جيش التحرير اللواء عطا الله عطا الله ابوالزعيم تمرداً، في أعقاب تجميد ذلك البلد لاتفاق عمّان مع المنظمة، ووصفت حركته بأنها حركة تصحيحية، للإصلاح داخل “فتح”. واتهم قيادة المنظمة بالديكتاتورية.
وهناك عدة حالات أخرى منها عاطف ابو بكر المنشق عن جماعة أبو نضال المنشقة بالاساس، ولمن لايعلم، فقد حاول أحمد جبريل أمين عام الجبهة الشعبية – القيادة العامة حالياً، الانضمام إلى حركة فتح هو وجبهته الصغيره آنذاك والمسماه جبهة تحرير فلسطين والتي اسست عام 1958، ووافقت فتح على انضمامه 1968 وتم تعيينه عضو باللجنه المركزيه للحركة، الا ان احمد جبريل ومجموعته طردوا، ليعود جبريل إلى جماعته التي أصبحت الجبهة الشعبية – القيادة العامة، مايشير إلى أن “فتح” لم تجمع بقدر مافرقت سابقاً.
هذا تاريخ فتح، المليء بالانشقاقات، والشرخ الحاصل بين القيادات في الرؤية والممارسة والتصريحات حالياً، عبارة عن انشقاقات مستمرة عن الماضي ايضاً، لكن الحركة ومن كثرة الأوجاع لم تعد تشعر بما يحدث داخلها اليوم.

حازم عوض

7azm3wad

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة