خطبة الجمعة من كفرقرع بعنوان ‘‘الْنَّقْد‘‘

تاريخ النشر: 07/05/11 | 3:06

بحضور حشد غفير من أهالي كفرقرع والمنطقة، أقيمت شعائر خطبة وصلاة الجمعة، من مسجد عُمر بن الخطاب في كفرقرع الموافق 3 من جمادى الآخرة ١٤٣٢ﻫـ؛ حيث كان خطيب هذا اليوم فضيلة الشيخ أ.عبد الكريم مصري “أبو أحمد”، رئيس الحركة الإسلامية في كفرقرع، وكان موضوع الخطبة لهذا اليوم المبارك، ‘‘الْنَّقْد‘‘، هذا وأم في جموع المصلين، فضيلة الشيخ صابر زرعيني “أبو الحسن”، إمام مسجد عمر بن الخطاب.

ومما جاء في خطبة الشيخ لهذا اليوم المبارك:” الحمد لله نحمده، ونستعين به، ونسترشده، ونعوذ به من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مُضل له، ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إقراراً بربوبيته، وإرغاماً لمن جحد به وكفر، وأشهد أن سيدنا محمداً صلى الله عليه وسلم رسول الله، سيد الخلق و البشر، ما إتصلت عين بنظر، أو سمعت أذن بخبر، اللهم صلِ وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه الطيبين الطاهرين أمناء دعوته وقادة ألويته، وارض عنا وعنهم يا رب العالمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علَّمتنا، إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علِّمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا، وزدنا علماً، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا إجتنابه، وإجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.

وأردف الشيخ قائلاً:” أيها الإخوة الكرام، النقد له أصل شرعي، إنما هو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أو النصيحة، لكن هذا المصطلح حديث، يقابله في أصول الدين الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أو النصيحة.

أيها الإخوة الكرام، نحن توهمنا أن الذي ينتقدنا عدو لنا، و أن الذي ينتقدنا ينتقص من قدرنا، وأن الذي ينتقدنا يجب أن يكون في خندق معاد لنا، وأن الذي ينتقدنا ينبغي أن نسحقه، هذا الوهم الخطير في حياة المسلمين هو عقبة كؤود.

أيها الإخوة الكرام، لسنا مؤهلين أن نقبل النقد، كل شخص منا يدعي أنه لا يخطئ، وأن خصمه جاهل، وأن خصمه حسود، وأن خصمه يريد أن ينتقص منه، لذلك باب النقد مغلق في حياة المسلمين.

أيها الإخوة الكرام، عَنْ أَنَسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((كُلُّ بَنِي آدَمَ خَطَّاءٌ وَخَيْرُ الْخَطَّائِينَ التَّوَّابُونَ)).

وتابع الشيخ قائلاً:” أيها الإخوة الكرام، في المنهج الإلهي و في الهدي النبوي، و في كل شأن من شؤون المسلمين، في عصورهم المتألقة هناك من ينصح، هناك من يستجيب للنصيحة، ألم يقل الله عز وجل لنبيه المعصوم:((وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ))، هو المعصوم الأول الذي لا يخطئ، لا في أقواله، و لا في أفعاله، و لا في إقراره، قال له:((وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ))؛ ووصف جماعة المؤمنين بأن أمرهم شورى بينهم، الآن النبي عليه الصلاة والسلام لحكمة تشريعية بالغة غيب الله عنه الموقع المناسب في بدر، غيبه عنه وحياً، وغيبه عنه إلهاماً، وغيبه عنه إجتهاداً، منع أن يجتهد، وأن يلهم، وأن يوحى إليه، فاختار موقعين، فجاء الصحابي الجليل حُباب بن المنذر رضي الله عنه في أعلى درجات الأدب والحب، قال له: يا رسول الله هذا الموقع أوحاه الله إليك؟ إذا كان الله قد أوحاه إليك فلا يمكن أن أنطق بحرف، وإذا كان هو الرأي والمشورة فلي كلام، فقال عليه الصلاة والسلام بكل بساطة: بل هو الرأي والمشورة، فقال: والله يا رسول الله ليس بموقع، فقال له: أين الموقع المناسب؟ دله عليه، قال: جزاك الله خيراً، وأمر أصحابه أن يتحولوا إليه، لماذا غيب الله عن النبي عليه الصلاة والسلام الموقع المناسب وحياً وإلهاماً وإجتهاداً ؟ ليكون قدوة لنا في قبول النصيحة، النبي صلى الله عليه وسلم لم يقل له من أنت حتى تتكلم في هذا الأمر، وبهذا الكلام.. بل أثنى عليه..، وكذلك لنا قدوة ممن تربوا في مدرسة الحبيب صلى الله عليه والسلم، وع فاروق الأمة عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه، عندما كان يتحدث عن المهور وغيره في قصته المشهورة مت تلك الصحابية..، يقف عملاق الأمة أمام إمرأة ويصعد المنبر مرة ثانية ويقول:”أخطأ عمر وأصابت إمرأة”..”.

وأضاف الشيخ:” أيها الإخوة الكرام، ليس الذي يقبل النصيحة بأقل أجراً من الذي يسديها، لو تواصينا بالحق، لو أمر بعضنا بعضاً بالحق، لو تناصحنا، لو أمرنا بالمعروف و نهينا عن المنكر، لكنا في حال غير هذا الحال.

وابع الشيخ حديثه بالقول:” أيها الإخوة الكرام، بل إن هذه الأمة التي وصفها الله بالخيرية علة هذه الخيرية الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر:((كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ))؛ فعلّة هذه الخيرية الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر، و لعل سبب هلاك بني إسرائيل أنهم كانوا لا ينتاهون عن منكر فعلوه، و هذا شأن المسلمين اليوم يؤثرون السلامة، يؤثرون المجاملة، لا ينطقون بالحق، بل إن الدعاة إلى الله عز وجل لو نطقوا بخلاف ما يعتقدون لانتهت دعوتهم كلها:((الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلَّا اللَّهَ))، لو أنهم خافوا غير الله فسكتوا عن الحق خوفاً من القوي، أو نطقوا بالباطل إرضاء له انتهت دعوتهم، و أيّ صفة أخرى لا قيمة لها إطلاقاً، أيّ صفة في الداعية أخرى لا قيمة لها، لأنه إذا خشي غير الله سينطق بالباطل إرضاء له، وسيسكت عن الحق إرضاء له، إذاً إنتهت دعوته؛ نرى المنكر ولا نتكلم؛ نرىالظلم ولا نتكلم؛ نرى أكل الحرام ولا نتكلم؛ نرى المعاصي جهاراص نهاراً ولا نتكلم..”.

وشدد الشيخ حديثه بالقول:” أيها الإخوة الكرام، الحقيقة أن المسلمين لا يقبلون نقداً في كل المجالات، أما أعداء المسلمين الذين ابتعدوا عن الله عز وجل ذكاؤهم دلهم على أن يأخذوا بهذا المنهج، و الشيء الغريب أيها الإخوة أن هذا المنهج موضوعي، أي إنسان و لو كان ملحداً أخذ به قطف ثماره، فرعون ماذا قال:((مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ))، نحن أصحاب مبدأ الشورى، نحن أصحاب مبدأ الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر، نحن أصحاب النصيحة تركناها، وإستغلها أعداؤنا فتألقوا، وملكوا ناصية الأرض بنقدهم لأنفسهم. إذا كان صديقك ظالماً، ولك منه نفع كبير فسكت عن نصحه، وأمره بالمعروف ونهيه عن المنكر فهذا نوع من الشرك، وإذا انتقدك منتقد، وهو على صواب، وأنت على خطأ فغضبت، وأخذتك العزة بالإثم فأنت على نوع من الشرك أيضاً..”.

وأضاف الشيخ قائلاً:” أيها الإخوة الكرام: إلى هذا المعنى أشار النبي عليه الصلاة والسلام:((عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ أَنَّ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانَ بَعَثَ إِلَى أُمِّ الدَّرْدَاءِ بِأَنْجَادٍ مِنْ عِنْدِهِ فَلَمَّا أَنْ كَانَ ذَاتَ لَيْلَةٍ قَامَ عَبْدُ الْمَلِكِ مِنْ اللَّيْلِ فَدَعَا خَادِمَهُ فَكَأَنَّهُ أَبْطَأَ عَلَيْهِ فَلَعَنَهُ فَلَمَّا أَصْبَحَ قَالَتْ لَهُ أُمُّ الدَّرْدَاءِ سَمِعْتُكَ اللَّيْلَةَ لَعَنْتَ خَادِمَكَ حِينَ دَعَوْتَهُ فَقَالَتْ سَمِعْتُ أَبَا الدَّرْدَاءِ يَقُولُ:قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا يَكُونُ اللَّعَّانُونَ شُفَعَاءَ وَلَا شُهَدَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ))،هؤلاء الذين ينتقدون من أجل التجريح، من أجل الإنتقاص من قدر الإنسان، من أجل تحطيمه، من أجل تأليب الناس عليه، هذا سلوك شيطاني، إذاً نحن مضطرون أن نقول: هناك نقد بناء أساسه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والتناصح، وهناك نقد هدام أساسه التشفي، وتحطيم الآخرين، وتأكيد فردية الإنسان، والكيد والمكر لهذا الذي تنتقده.

وتابع الشيخ حديثه بالقول:” أيها الإخوة الكرام، شكا أهل الكوفة سعداً، وكان والياً عليهم إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه، و ذكروا أنه لا يحسن أن يصلي، فأرسل إليه عمر، قال له: يا أبا إسحاق، إن هؤلاء يزعمون أنك لا تحسن الصلاة، فقال سعد رضي الله عنه: أما أنا والله فإني كنت أصلي بهم صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ما أخرم عنها هكذا، لكن عمر لم يكتف بقناعته الشخصية بسعد بن أبي وقاص، لأنه أمام شكوى من رعية هذا الصحابي الجليل، فلابد من التحقق والتثبت من هذه الشكوى بروح محايدة، وعدل، وإنصاف، لأن سعداً طرف و خصم، وأهل الكوفة طرف وخصم، فأرسل عمر لجنة لتقصي الحقائق، قال: سننظر أصدقت أم كنت من الكاذبين، هذا هو العدل.

وأردف الشيخ قائلاً:” أيها الإخوة الكرام، وتذهب هذه اللجنة لتسأل أعيان البلد وخواصهم الذين يفترض أن الأمير قد يدنيهم إليه، وقد يكسب رضاهم بأيّ وسيلة، وبأي ثمن، بل إنها تذهب لتقف في المساجد والأسواق، ويقولون لأهل المساجد: ماذا تقولون في أميركم سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه؟ فكلما ذكروه في مسجد أثنوا عليه خيراً، حتى جاؤوا مسجداً من مساجد بني عبس، فقالوا: ماذا تقولون في أميركم سعد بن أبي وقاص؟ أثنوا عليه خيراً، فقام رجل يقال له أسامة بن قتادة فقال: أما إذا نشدتنا فإن سعداً كان لا يسير بالسرية، ولا يقسم بالسوية، ولا يعدل في القضية، أي وصفه بالجبن، والظلم، والحيف، والعياذ بالله، فغضب سعد بن أبي وقاص من ذلك أشد الغضب، لأنه يعلم أنه هذا الرجل كاذب، فقام، وقال: أما والله لأدعون عليه بثلاث، اللهم إن كان عبدك هذا كاذباً قام رياء وسمعة فأطل عمره، وأطل فقره، وعَرِضه للفتن، قال أحد رواة الحديث: فأنا رأيته بعد قد سقط حاجباه عن عينيه من الكبر، وإنه ليتعرض للجواري في الطرق، وكان إذا سئل يقول: شيخ كبير مفتون أصابتني دعوة سعد..”.

وأضاف الشيخ:” أيها الإخوة الكرام، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:((أَتَدْرُونَ مَا الْغِيبَةُ ؟ قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: ذِكْرُكَ أَخَاكَ بِمَا يَكْرَهُ، قِيلَ: أَفَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ فِي أَخِي مَا أَقُولُ ؟ قَالَ: إِنْ كَانَ فِيهِ مَا تَقُولُ فَقَدْ اغْتَبْتَهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ فَقَدْ بَهَتَّهُ)).

وأردف الشيخ قائلاً:” أيها الإخوة الكرام، هؤلاء الذين ينتقدون نقداً هداماً ليس دافعهم الإصلاح، ولا تصحيح الأخطاء، بل دافعهم الحسد، والبغي، والحقد، والظلم: ((وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ))، هناك إختلاف حسد، هناك إختلاف طبيعي، أساسه نقص المعلومات، هناك إختلاف محمود أساسه التنافس، أما الاختلاف المذموم الذي ينطلق من الحسد والضغينة والحقد والبعد عن الله عز وجل.

وتابع الشيخ:” أيها الإخوة الكرام، الأصل الديني للنقد يقول الله عز وجل:((لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلَا عَلَى الْمَرْضَى وَلَا عَلَى الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ))، فالنصيحة عمل عظيم اقترن بالجهاد في سبيل الله، فذكر النصيحة، وهي عمل عظيم من أجل الأعمال جاء في سياق الحديث عن الجهاد، وبذل الغالي والرخيص، والنفس والنفيس، وفي حديث للنبي عليه الصلاة والسلام رواه الإمام مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه في حق المسلم على المسلم: ((وإذا إستنصحك فانصح له)).

وقال النبي عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: ((إن الله يرضى لكم ثلاثاً وذكر منها أن تناصحوا من ولاه الله أمركم))، والحديث المشهور، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:((الدِّينُ النَّصِيحَةُ، قُلْنَا: لِمَنْ؟ قَالَ: لِلَّهِ، وَلِكِتَابِهِ، وَلِرَسُولِهِ، وَلِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ، وَعَامَّتِهِمْ))؛ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((الْمُؤْمِنُ مِرْآةُ الْمُؤْمِنِ…))، بل ينبغي أن تنصحه ليبتعد عن عيوبه، لأنك مرآة له..”.

وقال الشيخ كذلك:” أيها الإخوة الكرام يدخل في باب النقد أيضا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، يقول الله عز وجل: ((كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ))؛ الآية الثانية من خصائص المؤمنين: ((وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ))، وكان الصحابة رضي الله عنهم يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، ولا يستثنون أحداً من ذلك، لا أميراً ولا مأموراً، ولا كبيراً ولا صغيراً، ولا يجاملون فيه أحداً قط..”.

وأردف الشيخ:” بل إن النبي عليه الصلاة والسلام حينما أنكر على سيدنا خالد ما كان في فتح مكة سأل: أراجعه أحد؟ قالوا نعم، قال: من؟ قالوا حذيفة، قال الحمد لله، حمد الله على أنه ربى صحابة لا يسكتون عن الخطأ. والمجتمع الإسلامي لا يتقدم إلا إذا تناصح أفراده، لا يتقدم إلا إذا أمر أفراده بالمعروف ونهوا عن المنكر.

إليكم هذا الحديث الخطير: يقول عليه الصلاة و السلام: ((كيف بكم إذا لم تأمروا بالمعروف و لم تنهوا عن المنكر ـ أي معصية من أكبر المعاصي ـ قالوا: أو كائن ذلك يا رسول الله ؟ قال وأشد منه سيكون، قالوا وما أشد منه؟ قال كيف بكم إذا أمرتم بالمنكر ونهيتم عن المعروف ـ إستفظع الصحابة هذا ـ قالوا: أو كائن هذا يا رسول الله ؟ قال: وأشد منه سيكون ـ هنا تعجبوا ـ قالوا: وما أشد منه؟ قال: كيف بكم إذا أصبح المعروف منكراً و المنكر معروفا ؟)).

وتابع الشيخ:” لذلك يقول عليه الصلاة و السلام عن آخر الزمان: يوم يذوب قلب المؤمن في جوفه مما يرى، ولا يستطيع أن يغير، إن تكلم قتلوه، وإن سكت استباحوه، موت كعقاص الغنم لا يدري القاتل لمَ يقتل، ولا المقتول فيم قتل. وها نحن يوم اليوم نشهد في مجتمعنا العربي المسلم حوادث قتل وعنف بالجملة، قتل وهيمنة وبلطجة وإنفلات أمن..”.

وقال الشيخ أيضاً:” أيها الإخوة الكرام، إذاً الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وفق منهج الله عز وجل هو لون من ألوان النقد، وأصل أصيل في هذا الدين يتوافق مع النقد البناء، لا النقد الهدام.

وتابع قائلاً:” شيء آخر، محاسبة النفس، الإنسان ينتقد نفسه من دون أن يحتاج إلى أن ينتقده غيره، كذلك الجماعة ينبغي أن تنتقد نفسها، كذلك الأمم ينبغي أن تنتقد نفسها، و الله أيها الإخوة، لا شيء يؤلم الآن إلا المديح، إن جلس العلماء فيما بينهم كالوا المديح بشكل لا يتصور، التجار، الأعيان، الفضلاء، ديددنا المديح في لقاءاتنا، مديح ما بعده مديح و الحقيقة أن الواقع مؤلم إلى درجة لا يتصور، فكيف نوفق بين هذا المديح، وهذا الواقع المؤلم، لاشك أن في أحد الموقفين كذباً واضحاً.

أيها الإخوة الكرام، سيدنا عمر يقول: حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وتزينوا للعرض الأكبر، وإنما يخف الحساب يوم القيامة على من حاسب نفسه في الدنيا، والرواية المشهورة: حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوا أعمالكم قبل أن توزن عليكم،. أيها الإخوة الكرام، من حاسب نفسه في الدنيا حساباً عسيراً كان حسابه يوم القيامة يسيراً، ومن حاسب نفسه في الدنيا حساباً يسيراً كان حسابه يوم القيامة عسيراً.

وإختتم الشيخ خطبته الأولى بالقول:” أيها الإخوة الكرام، أحد التابعين يقول: أدركت أربعين من أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام، كلهم يخاف النفاق على نفسه، ما منهم أحد يقول: إنه على إيمان جبريل وميكائيل، فهذا القلق، والشك بالنفس من صفات الصالحين، والإعتداد بها، والتبجح بقوة الإيمان، وقوة اليقين، والعمل الصالح، والإستقامة، هذا ليس من شأن المؤمنين.

أيها الإخوة الكرام، حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، و زنوا أعمالكم قبل أن توزن عليكم.”.

ومما جاء في خطبة الشيخ الثانية:” الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله، صاحب الخلق العظيم، اللهم صلِ وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

وأردف الشيخ قائلاً:” أيها الإخوة الكرام عَنْ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِي خَارِجَةُ بْنُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّ أُمَّ الْعَلَاءِ امْرَأَةً مِنْ الْأَنْصَارِ بَايَعَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَتْهُ أَنَّهُ اقْتُسِمَ الْمُهَاجِرُونَ قُرْعَةً فَطَارَ لَنَا عُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ فَأَنْزَلْنَاهُ فِي أَبْيَاتِنَا فَوَجِعَ وَجَعَهُ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ فَلَمَّا تُوُفِّيَ وَغُسِّلَ وَكُفِّنَ فِي أَثْوَابِهِ دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْكَ أَبَا السَّائِبِ فَشَهَادَتِي عَلَيْكَ لَقَدْ أَكْرَمَكَ اللَّهُ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((وَمَا يُدْرِيكِ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَكْرَمَهُ فَقُلْتُ بِأَبِي أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَمَنْ يُكْرِمُهُ اللَّهُ فَقَالَ أَمَّا هُوَ فَقَدْ جَاءَهُ الْيَقِينُ وَاللَّهِ إِنِّي لَأَرْجُو لَهُ الْخَيْرَ وَاللَّهِ مَا أَدْرِي وَأَنَا رَسُولُ اللَّهِ مَا يُفْعَلُ بِي قَالَتْ فَوَاللَّهِ لَا أُزَكِّي أَحَدًا بَعْدَهُ أَبَدًا)).

وتابع الشيخ:” أيها الإخوة الكرام، لو أن أهل الأرض أثنوا عليك لا ينفعك هذا الثناء شيئاً إذا كان الله ليس راضياً عنك، ولو أن أهل الأرض ذموك وكنت راضياً لله عز وجل هذا الذم لا قيمة له عند الله، ولكن المؤمن يجب المغيبة عن نفسه.

وإختتم الشيخ خطبته بالقول:” أيها الإخوة الكرام، هذا الموضوع يحتاج إلى تتمة، نتابعه في خطب قادمة إن شاء الله تعالى..”.

 

‫2 تعليقات

  1. جزاك الله خيرا يا أبا أحمد كما أثني على مصور بقجة المحترم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة