قرحة المعدة والامعاء … مرض يستوجب الوقوف عنده

قصد بالقرحة المعدية والمعوية حدوث تآكل موضعي في الغشاء المخاطي لجدار المعدة او الامعاء وقد تكون القرحة في المعدة فقط او في الجزء الاول من الامعاء والمسماة بالاثني عشر او في الاثنين معا، ونادرا ما تكون في اجزاء الجهاز الهضمي الاخرى مثل المريء.
الجهاز الهضمي هو الجهاز الممتد من الفم وحتى فتحة الشرج، ويتكون من اجزاء عديدة تشترك جميعها لاداء وظيفة الجهاز الهضمي والتي هي استقبال الطعام وهضمه وامتصاص العناصر المفيدة واللازمة فيه، وطرد ما تبقى من الفضلات غير المرغوبة عبر عملية التغوط. وتعتبر المعدة احد اجزاء الجهاز الهضمي والمستقر الاول للطعام بعد دخوله من الفم ومروره بقناة المريء والامعاء الدقيقة. وتتميز المعدة بتركيب فريد ومتقن وبديع يعكس ابداع خالقها عز وجل. وهي ليست بعضو ساكن او مجرد انبوب يصل الطعام الى الامعاء الدقيقة، بل هي عضو يتميز بخاصية الحركة لتقليب الطعام وتفريغه وخاصية الطحن والهضم ثم خاصية الافراز لعصاراتها الخاصة والمسماة “بالعصارة الهضمية”، كما ان للمعدة نفسية خاصة تنعكس في هيجانها وغضبها عند حدوث الاعتلالات الصحية مسببة القيء الشديد. وللمعدة تركيب تشريحي فريد ليس في أنواع طبقاتها أو خلاياها فحسب بل وحتى في شكلها وموضعها. أما وظائفها فتتلخص في تخزين الطعام وتقليبه وهضمه جزئيا وتنقيته من أي جراثيم تكون قد دخلت مع الطعام وذلك من خلال حمض كلور الماء الذي تحتويه عصارتها.
كيف تحمي المعدة نفسها من تأثير عصارتها الهضمية؟
إن الاجابة عن هذا السؤال توضح لنا سبب وآلية تكون القرحة في المعدة والامعاء الدقيقة، فرغم أن العصارة المعدية التي تفرزها المعدة تحتوي على انزيمات هاضمة تستطيع تكسير البروتينات، وكذلك على حمض الهيدروكلوريك ( حمض كلور الماء). الا أنه ورغم هذا فإن هذه العصارة لا تستطيع أن تلحق الأذى بجدار المعدة رغم أنها مكونة من أنسجة لحمية، والسبب في ذلك يعود الى عدد من العوامل التي منحها المولى عز وجل لتركيب المعدة والامعاء كي تحمي نفسها من تأثير التآكل لهذه العصارة، وأي خلل في هذه الآلية فإنه يؤدي الى حدوث قرحة المعدة والجزء الاول من الأمعاء الدقيقة، أي حدوث تآكل موضعي يسبب جرحا وقرحة في الجدار الداخلي للمعدة والامعاء الدقيقة.

ما هو ســــــــــبب حــــــدوث القرحة؟
لقد ذكرنا أن الله عز وجل وضع آلية للمعدة والامعاء الدقيقة لحماية جدران هذين العضوين من تأثير العصارة المعدية الهاضمة وتتلخص هذه الآلية في أن المعدة يبطنها من الداخل غشاء مخاطي يتكون من خلايا مخاطية لديها قدرة هائلة على الانقسام وسرعة الترقيم، فخلال كل دقيقة يمكن تعويض نحو نصف مليون من خلايا السطح او الجدار الداخلي المفقودة أو المتآكلة. اضافة الى احتواء العصارة المعدية على حمض الهيدروكلوريك الحارق والانزيمات الهاضمة فإنه يحتوي أيضا على سائل مخاطي يبدو على شكل هلام يكسو السطح الداخلي للمعدة ويحميها من تأثير الحمض والانزيمات الهاضمة وكذلك يحميها من الأذى الذي قد تسببه بعض المواد في الغذاء نفسه كالفلفل والشطة الحارة وجود آليات هرمونية عصبية تضبط عملية افراز العصارة المعدية وتثبط من إفرازها في حالة زيادة الافراز. وتحدث قرحة المعدة في الرجال ثلاثة أضعاف ما تحدث في النساء، والناس فوق الاربعين أكثر تعرضا لقرحة المعدة والاثنا عشر وتسبب التهابات بالانسجة. يعتبر الجزء الأول من الأمعاء الدقيقة في الأجزاء التي يتعرض للعصارة المعدية أثناء تفريغ محتويات المعدة الى الامعاء الدقيقة لذلك فإن جداره الداخلي يكون عرضة لتأثير العصارة المعدية وإمكانية حدوث القرحة الا أن ذلك لا يحدث نتيجة العوامل الآنفة الذكر. اضافة الى افراز مواد أخرى تعادل حمضية العصارة المعدية وتحمي جدار الأمعاء الدقيق من آثارها ومن هذه المواد مركب كربونات الصوديوم الموجود ضمن العصارة الصفراوية التي تفرز في الكبد اضافة الى افراز خلايا الأمعاء الدقيقة نفسها لسائل قلوي يحتوي على المخاط. اذن رغم أن هناك عصارة معدية تحتوي على حمض قوي وانزيمات حامضة الا أن هناك حماية لجدار المعدة والأمعاء الدقيق تمنع حدوث القرحة بواسطة هذه العصارة ولا تحصل القرحة الا اذا وجد خلل في آليات الحماية أو زيادة مفرطة في افراز الحمض والانزيمات الهاضمة.
لذلك نستطيع أن نلخص أسباب حدوث القرحة في الآتي:
-1الإصابة بجرثومة الهيليكو باكتر(اسم جرثومة) والتي تضعف الغشاء المخاطي للمعدة والامعاء الدقيقة.
-2الاستعمال المفرط للأدوية التي تسبب تآكلا في غشاء المعدة المخاطي كالاسبرين والبروفين والفولترين وهي أدوية مسكنة للألم والروماتزم, وتحتوي على مواد حمضية.
-3 وجود خلل وظيفي في تفريغ الطعام أو تكوين السائل المخاطي
-4 الوراثة
-5تعاطي الكحول
-6تعرض لضغوط نفسية وعصبية واضطرابات نفسية
-7الشراهة في الأكل وعدم التقيد بمواعيد وجبات الطعام
-8زيادة الحموضة أو ضعف الجدار الداخلي للمعدة
-9 الإجهاد العصبي والإفراط في التدخين
-10الاصابة ببعض الأمراض
-11الإفراط في تناول المواد التي تهيج جدار المعدة وخاصة الأغشية المبطنة له مثل: الأدوية التي تحتوي على مواد حمضية مثل الاسبرين ومشتقاته، المواد الصعبة الهضم، المواد الحريفة الزائدة مثل الشطة والمواد المهيجة، شرب الشاي والقهوة على معدة فارغة، تناول المياه الغازية وبعض الأقراص الفوارة، تناول الاطعمة الساخنة جدا، الاجهاد العقلي.

أعـــــــراض القــرحة
ألم حارق حاد في أعلى البطن، يستمر لأيام أو اسابيع يقل حدوثه عند تناول الشخص للطعام او مضادات الحموضة ثم يظهر ثانية عندما يكون الإنسان جائعا،وقد يوقظ الألم الشخص من النوم.إن هذه الأعراض تلائم قرحة المعدة والأمعاء الدقيقة، الا أن الألم قد يزداد بتناول الأكل وليس العكس كما هو عليه في قرحة المعدة.
في بعض الحالات ونتيجة لحصول نزيف دموي بسيط في القرحة قد يكون هناك نزول دم عبر الفم او مع البراز حيث يكون لون البراز في هذه الحالة أسود مثل الفحم.
ونلخص الأعراض كالآتي:
-ألم كألم الجوع بأعلى البطن عند نهاية عظم القفص الصدري
-الشعور بألم أسفل الصدر خاصة عند الشعور بالجوع
-يرافق الألم حرقة وغثيان وقيء أيضا يقل الوزن
– زوال الألم بعد الأكل وشرب اللبن أو تناول دواء طبي كيميائي
– قلة الشهوة للطعام
-الشعور بنفخة في البطن وحرقان أعلى المعدة

مضـــاعفات القــــــرحة
أولا:المضاعفات المزمنة وتتلخص في النزيف الدموي البسيط الذي قد لا يشعر به المريض ويؤدي الى فقر الدم المزمن.
تؤدي القرحة عند بعض الناس الى فقدان وزن واضح، وحدوث اختلالات في وظيفة الجهاز الهضمي ، وقد تتحول القرحة وخاصة قرحة المعدة الى سرطان المعدة.
ثانيا: المضاعفات الحادة وتتمثل في حدوث نزيف حاد يؤدي الى القيء الدموي وتآكل كامل في جدران المعدة أو الأمعاء الدقيقة وحدوث نزيف وفتحة في جدران المعدة أو الأمعاء.

أعشــــــاب مفيـــدة للقــــرحة
-1 عرقوس : Licorice : أكدت العديد من الدراسات على أهمية تناول العرقوس كعلاج لقرحة المعدة والاثني عشر. ويحتوي العرقوس على عدة مركبات مضادة للقرحة ومن أهمها مركب حمض الجلاسيرازين الذي يشبه تأثيره تأثير الكورتيزون، ولكنه لا يسبب التأثيرات الجانبية التي يسببها الكوريتزون وهو مضاد للالتهابات.
-2 الزنجبيل: إذ أنه يحتوي على 11 مركبا له تأثير على قرحة المعدة ، كما أنه له تأثير فعال ضد الالتهابات.
-3 البابونج: يستعمل مغلي البابونج كمشروب لعلاج القرحة، ويعتبر الوصفة المفضلة لعلاج القرحة. كما أنه يقوم بعمل مضاد للالتهابات ومضاد للمغص والتقلصات ومطهر بالإضافة الى خواصه المطرية للمعدة.
-4 مسحوق قشر الرمان ( يجمع قشر الرمان ويجفف ثم يطحن ناعما) ويتم تناوله عند غلي قدر كوب من الماء ووضع ملعقة صغيرة من هذا المسحوق.

الأغـــذية الممنوعة عند وجود القــــرحة
-التوابل والفلفل والبهارات
– الخضروات ذات الالياف
الحوامض والخضار المخللة
-المرطبات والمثلجات والمشروبات الغازية
– القهوة والشاي
– الخمر والدخان
– الدسم والشحوم

كيف نســـــتطيع الوقاية من قرحة المعــدة ؟
– يجب الاعتدال في الأكل خلال اليوم وذلك بتوزيع الوجبات الى ثلاثة فترات رئيسية مع الحرص على تنوع الغذاء في كل وجبة
– الحرص على عدم الإكثار من الأكل بين الوجبات الرئيسية حتى لا يحدث إفراط في إفراز الحمضي طوال اليوم
– الاعتدال في شرب الشاي والقهوة والمشروبات الغازية التي تؤدي الى افراز الحمض بصورة كبيرة
– الحرص على تناول الخضروات الطازجة مثل الطماطم والخيار والخس والفواكه المعتدلة الحموضة مثل التفاح وذلك لمعادلة الحامض داخل المعدة
– الحرص على عدم الأكل والشرب قبل النوم بساعتين على الأقل حتى لا يؤدي الى افراز الحمض أثناء النوم
-تناول الأدوية خاصة مشتقات الاسبرين بعد الأكل.