الروتين عدوٌ لدود يدمِّر حياتنا

تاريخ النشر: 24/07/15 | 8:39

حياة الإنسان مليئة بالمشقّات، والمتطلبات اليومية تدخلها من حين إلى آخر في دوامة الفتور والبرود واللامبالاة، حيث إنّ البقاء على نظام واحد هو مبعث رتابة، يجعل الإنسان يعيش روتيناً مملاً يتحول مع الأيام إلى داء يلتهم أوقاته، ويحرمه العيش بسعادة واطمئنان. “روتين مملّ نعيشه”، “نريد القضاء عليه قبل أن يدمرنا”.. عبارتان نسمعهما يومياً، ولكن كيف السبيل إلى الخلاص؟ وكيف نستطيعُ أن نحارب تلك الآفة التي بنَتَ أسواراً من الجليد منعتنا من الشعور بالسعادة، وباتت حاجزاً أمام التقدُّم في حياتنا العملية والعاطفية؟.. وغيرها من الأسئلة طرحناها على شريحة من الأشخاص لمعرفة كيف يحاربون الروتين ومتى يحملون الراية الحمراء ليجبروه على التوقف عند حدّه.أحاربه بشتى الطرق:
إحداهن: أحاول دائماً القضاء على عدوي اللدود، ألا وهو الروتين الذي يحاول من وقت إلى آخر التسلل إلى حياتي. ما إن أشعر بمحاولاته النَيل من عزيمتي حتى أسعى إلى محاربته بشتى الطرق، فألجأ مثلاً إلى التغيير في مظهري الخارجي، في لون الشعر أو التسريحة، أذهب إلى التسوق، وفي بعض الأحيان أشتري أشياء لست بحاجة إليها، ولكن ذلك يشعرني بالراحة والسعادة. كما أنّني لا أنسى التفكير في أمور تُدخل البهجة إلى قلبي كالتخطيط للمستقبل، فذلك يعطيني دافعاً للمضي قدماً في حياتي العملية والعاطفية، ويشعرني بالتجدد الدائم الذي يقول للروتين: “قف وارجع من حيث أتيت، فأنت مخطئ في اختياري.
الروتين في عائلتي: وأخرى : تزوجت منذ 5 سنوات، لكنّ الملل سرعان ما خيَّم على علاقتي بزوجي وقد حاولت مراراً أن أعود به إلى أيام زواجنا الأولى، حيث الفرح والحبور، لكن ظروفنا المادية المتعثّرة قتلت معالم الأمل وبدّلت حلاوة الأيام إلى علقم. أحاول في بعض الأحيان أن أتسامر معه بأحاديث من الممكن أن تكسر الفتور السائد بيننا، لكن سرعان ما يسيطر الصمت الجليدي علينا ولا نتفوّه إلا بالكلمات الضرورية. كما حاولت اتباع نصيحة إحدى صديقاتي، وعمدت إلى التغيير في شكلي الخارجي علّ ذلك يدخل بعض التجدد على علاقتنا، ولكن أتصدّقون أنّه لم يلاحظ تسريحة شعري الجديدة ولا حتّى الثياب التي اشتريتها خصيصاً لذلك؛ وحتّى العطر الجديد الذي استعملته سبَّب له الحساسية، لذلك قررت منذ ذلك الحين القبول بالواقع واعتبار الروتين عنصراً إضافياً في عائلتي. –
السعادة تحارب الروتين: وأحدهم قال: الروتين – أو ما يُسمى بـ”الملل” – يتسلل إلى حياتنا من دون سابق إنذار. لذا، لابدّ من اللجوء إلى أساليب غير تقليدية لمحاربته، وجعل السعادة والفرح إحساسين دائمين في حياتنا، لذلك لابدّ من أن نقنع أنفسنا أنّ اليوم الذي يمضي لن يعود، إن ترسّخت لدينا هذه القناعة، سينعكس ذلك على إحساسنا الداخلي، أمّا بالنسبة إلى رفع الراية الحمراء في وجه الروتين فلابدّ من أن تترافق مع التجدد. الإنسان بطبيعته يملّ من تكرار سلوك معين مهما كان نوعه: لسنا ملزمين بقصّة الشعر ذاتها، ونمط الثياب ذاته ولا الممارسات الحياتية المتكررة. أقترح على من يعاني الروتين إحضار ورقة بيضاء ورسم جدول زمني لكل ما يفعله خلال الأسبوع، ولتكن الأنشطة التي يُمارسها مزخرفةً بالألوان، ويكرّر أسبوعياً، ثم يقارن الأوراق، ويُقرر الممارسات التي كررها، أو دوّنها، وسببت له روتيناً أو مللاً وليلجأ بعد ذلك إلى تغيير في سلوك حياته. – الروتين سببه نكدي: وأخرى قالت: لا أسمح للملل بالتسلل إلى حياتي الزوجية، على رغم أننا كثيراً ما نمر بأوضاع حزينة وروتينية نتيجة العمل ومشكلات الأولاد التي من شأنها أن تقضي على اللحظات الجميلة. لا أنكر أنّ الحياة بدَّلتني كثيراً ولكن للأفضل، فأنا كنت امرأة نكدية، وهذه الصفة لا يحبّها الرجال بطبعهم، فكنت ما إن ألمح طيفه من طرف الباب حتى أشغّل أسطوانة شكواي من مشكلاتي مع الأولاد، وأبدأ بمطالبته بمصاريف المدرسة، واحتياجات السوق وغيرها من المتطلبات التي يضيق بها صدره، إذا طلبتها منه فوراً، وقبل أن ينال قسطاً من الراحة، بعد يوم عمل طويل، ويضيق بها أكثر إن لم يكن يملك نقوداً بفعل أزمة مالية تعرض لها كالاقتطاع من الراتب، أو دفعة لمستحقات لم تكن في الحسبان. أسلوبي هذا جعل النفور والملل يسيطران علينا ويؤثران في حياتنا الزوجية، ما دفعني إلى إيقاف هذه “السيموفونية” التي كادت تهدم حياتي. – الحياة في تجدّد: وأخر قال : “السعادة من صنع يدي وليست من صنع الأحداث..” هذه العبارة أعتمدها دائماً في حياتي، فهي تساعدني على الشعور بالفرح وتبسيط الأمور والتصالح مع ذاتي. أطرد الملل والوحدة عن يومياتي. وعلى كلّ إنسان أن يتغلّب على الروتين ويكون القلب النابض لحياته، ما يعطيه مزيداً من الأمل للتقدم. الأهم من ذلك، أن ينظر إلى عمله على أنّه لوحته الإبداعية، ولا يمكن أن يؤثر فيها أي شيء، ولابدّ من مراجعة أسلوب الحياة ومتطلبات التفاعل مع الآخرين. الملل حال القضاء على حياتي: وإحاهن قالت: أعترف أنني السبب في إدخال الروتين إلى علاقتي الزوجية، بمجرد إنجاب طفلي الأول نسيت وجود زوجي، وحوّلت كامل اهتمامي إلى البيت وولدي الحبيب.. وأصبح المطبخ أكثر مكان أجلس فيه، وتحوَّل الحديث الودّي بيننا إلى صراخ ومطاردة دائمة وراء طفلنا. إلى أن شعرت يوماً بجفاء رهيب يسيطر على علاقتنا، حتّى إن زوجي بات ينسى – أو يتناسى – عيد زواجنا ومناسبات جميلة كانت تحمل معاني كثيرة بالنسبة إلينا، فظننت في بادئ الأمر أنّه يخونني مع أخرى، واجهته بذلك فنفى الأمر وقال: “هل أنا غبي لأعزم من جديد بامرأة تنسى وجودي بعد فترة، فأصبح كأي ركن من أركان منزل بارد من المشاعر مليء بالشكوى والصراخ؟”. إجابته كانت بالنسبة إليّ كصفعة قويّة تلقيتها على وجهي لأستيقظ من الدوامة التي كنت أعيش فيها. عندها قرّرت التغيير بالطباع والمظهر الخارجي والتسريحة والماكياج.. وتخليت عن متابعة المسلسلات التركية، واستبدلتها بالجلوس معه والتسامر في أمور تشعره بحاجتي إليه. والحمد لله تغلبت على الروتين الذي فرضته من دون إدراك منّي على زوجي، فعاد حنانه الذي اعتمدتُه منذ أيام زواجنا الأولى.

0

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة