لاتنشغلي بتوافه الأمور

تاريخ النشر: 23/07/15 | 17:15

هكذا هي حياة بعضنا، يجري وراء المظاهر الفارغة والمجاملات والسطحيات التافهة، وإذا فتشت في حياته لتبحث فيها عن علم نافع، أو عمل زاكٍ، لأعوزك ذلك. وهنا نقول إنه لابد أن يضع كلٌ منا له هدفاً محدداً، وعند وضع الأهداف يجب مراعاة الأولويات، والأهم فالمهم، إذا إن بعضنا قد ينشغل بالكماليات والثانويات، أو المندوبات والمباحات، ويستنفد وقته فيها، ويفرِّط في الضروريات الفرائض والواجبات، فيكون كمن بذل جهده واستفرغ وسعه في اختيار ألوان منزله وتزيينه، وقصَّرَ تقصيراً كبيراً في قواعد وأعمدة ذلك المنزل، فآل به الأمر إلى أن انهدم المنزل على من فيه. وذاك يقودنا إلى الإشارة إلى قضية أخرى مهمة، وهي أن الحياة محدودة، والوقت لا يتكرر، ومن قضى أوقاته ومضت حياته في الاشتغال بتوافه الحياة وصغارها عاش في قاعها، ولم يتسن له الرقي إلى ذراها وقممها، فمن الناس من يقضي أوقاته في اللهو والكسل، ولو قضى هذه الأوقات في عبادة ربه من صلاة، وقراءة، وذكر، وصلة، وبر، وسعي على مسكين، أو مزاولة عمل نافع، أو اكتساب رزق، لكان حاله غير حاله، لكنه أضاع الوقت ورضي بالدون {حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ} (المؤمنون: 99، 100). وما أصيب العاقل بمثل مصيبة ضياع الأوقات، لأن اللحظة التي تمر لن تعود أبداً، وما فاز من فاز وسبق من سبق إلا بإدراكه لقيمة الوقت، ومبادرته للاستفادة منه بكل ما يستطيع، وكلما تعودت على حفظ أوقاتك واستغلالها فيما ينفع، دفعك ذلك إلى تنظيم جميع أمور حياتك، والارتقاء بنفسك إلى معالي الأمور وكبارها، أما أهل البطالة والفوضى فليس في حياتهم أرخص من الأوقات يقضونها في اللهو، والتوافه، والكسل، ولا يفكرون في استغلالها، بل يتنادون بقتلها، وما علموا المساكين أنهم يقتلون أنفسهم، وكما قيل: الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك.

9

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة