إماطةُ الأذى عن الطريق

تاريخ النشر: 15/07/15 | 15:17

تعوَّدَ سالمٌ عادةً قبيحةً جداً، وهي أن يرميَ ما قد يكونُ في يدِه من بقايا طعامٍ أو شرابٍ في الطريقِ.
وكم نبَّهَه والدُه ووالدتُه وجميعُ إخوتِه الذين هم أكبرُ منه سناً على سوءِ هذا العملِ وقبحِه، وأنه نوعٌ من الأذى في الطريقِ، وهو حرامٌ.
ولكن سالماً لم يكنْ يستطيعُ أن يُقلعَ عن هذه العادة السيئةِ. كان يفعلُ ذلك بشكلٍ غيرِ شعوريٍّ.
قالَ له والدُه أكثرَ من مرةٍ:
– يا بُنيَّ، المسلمُ إذا وجدَ في الطريقِ شيئاً مما يؤذي الناسَ من حجرٍ، أو قشرِ أو وسخٍ، أو مسمارٍ، أو غيرِ ذلك أزاله، وأبعدَه، فهذا من النظافةِ، والحرصِ على سلامةِ الناسِ، وإبعادِ كلِّ ما يمكنُ أن يؤديَ إلى إيذائِهِم.
وكان سالمٌ يقولُ:
– صدقتَ يا أبي، ولكني والله أنسى دائماً… تكونُ في يدي موزةٌ أو تفاحةٌ أو غيرُ ذلك، فآكلها، ولا أشعرُ بنفسي إلا وأنا ألقي قشرَها في الطريقِ.
فيقولُ له والدُه معلماً:
– تعوَّدْ يا بنيَّ… لقد وضَعتِ الدولةُ في كلِّ مكانٍ حاوياتٍ لإلقاءِ الفَضَلاتِ فيها.. تذكّرْ هذا.. ولا تنسَ قولَ النبيِّ صلى اللهُ عليه وسلّم: إماطةُ الأذى عن الطريقِ صدقةٌ..
ولكن سالماً كان ينسى باستمرارٍ. لقد صار إلقاءُ الفضلاتِ حيث كان عادةً عنده. يتذكّرُ ويندمُ ولكن بعدَ فواتِ الأوانِ.
وذاتَ يومٍ خرج سالمٌ من البيتِ ليشتريّ لأمِّه شيئاً من بقاليةٍ قريبةٍ. كان في يدِه موزةٌ يأكلُها، وعندما وصلَ إلى الشارعِ ألقى – كعادتِه، ومن غيرِ شعورٍ منه- قشرتَها عند باب عِمارتهم، ثم مضَى إلى غايتِه.
اشترى ما طلبَتْهُ أمُّه من البقاليةِ، ثم اتّجَهَ عائداً إلى المنزلِ، ولكنه ما إنْ وصَلَ إلى بابِ عِمارتِهم حتى سمِعَ ضجَّةً هناك، وجدَ بضعةَ أولادٍ يساعدون طفلاً صغيراً قد سقط على الأرضِ، واصطدم رأسُه ببابِ العمارةِ، وراح الدمُ ينزِف منه بغزارةٍ.
سمع أحدَهم يقولُ:
– لقد تزحلقَ هذا الطفلُ الصغيرُ بقشرةِ موزةٍ ألقاها أحدُ المارةِ المُؤْذِين، فسقطَ، واصطدم رأسُه بباب العِمارة الحديديِّ.. هدى اللهُ الذي ألقى القشرَ..
اقترب سالمٌ ليتفرّجَ على ما حدثَ، ولشدََّةِ دهشتِه وفزعِه وجدَ أن هذا الطفلَ الذي تزحلقَ بقشرةِ الموزِ وسقط وشُجَّ رأسُه لم يكنْ إلا أخاه الصغيرَ” أحمد” ولم تكنِ القشرةُ التي سببتْ له ذلك الأذى إلا القشرةَ التي ألقاها سالمٌ قبل قليلٍ..
سالتْ دموعُ سالمٍ على خدَّيه، لقد كانَ هو سببَ هذا الأذى، ولمنْ؟ لأخيه الصغيرِ، أحبِّ الناسِ إليه.
احتضنَ أخاه، وحملَه إلى البيتِ. لم يتجرأْ أن يخبرَ أحدا بما حصلَ، ولكنه عاهدَ اللهَ ألا يعودّ إل مثلِ ذلك. وقد وفى بوعدِه، بل صارَ من أكثرِ الناسِ حرصاً على إزالةِ أيِّ أذىً يراه في الطريقِ، وراح يوجِّهُ أصدقاءه، ويحكي لهم قصّتَّه، ويقولُ لهم: لاتنسَوْا أبداً حديثَ رسولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلّم: ” إماطةُ الأذى عن الطريقِ صدقةٌ”.

4

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة